تهامي منتصر يكتب.. بين الجمهورية الجديدة.. ومصر الحديثة ”نعم لا دين في السياسة”
قد يكون هذا المقال هو الأهم .. والأخطر ولا بديل عن قول الحق والصدق في هذا المقام ..
إن إقحام الدين أو اقتحامه معترك السياسة لهو البلاء المبين .. لقد أحدث ظهور الجماعات الإسلامية في المشهد السياسي لغطا وارتباكا وانفجارا أثر مباشرة علي حياة المواطن قبل السياسة
وماظهور جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور وعموم أحزاب الجماعات الإسلامية في المشهد السياسي إلا شاهدا علي ماذكرت ...
ودائما أنادي ( لا دين في السياسة )
وشاهدي في ذلك ماحدث من ارتباك في دولة الإسلام الحديثة بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم بل في ليلتها ...فقد انقسم المسلمون صراعا علي السلطة والخلافة حتي بويع سيدنا أبا بكر رضي الله عنه في السقيفة خليفة لرسول الله صلي الله عليه وسلم رغم غضب الإمام علي رضي الله وامتناعه عن مبايعته وقد انحاز نفر من الصحابة رضوان الله عليهم لكليهما .. بينما فريق ثالث يترقب وتلك الفتنة الصغري ..وظل المشهد محتقنا - بسبب السياسة - حتي وصلنا إلي الفتنة الكبري وأحداثها الدامية التي ينفذ منها - حتي الآن - غلاة العلمانيين والمستشرقين للهجوم علي الإسلام وقدجهلوا فلم يفرقوا بين عقيدة وشريعة الإسلام وتاريخ المسلمين
فهذا الصراع كله حتي نهاية الدولة العباسية من تاريخ المسلمين وليس من عقيدة ولا شريعةالإسلام .
إذن ينبغي أن نفهم ( لادين في السياسة ولا سياسة في الدين ) بأفق أوسع وعقل أفقه ...فالسياسة نجاسة والدين طهر وصدق لا يجتمعان ؛ في السياسة مساحات للكذب والمناورة وفي الدين قول واحد ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن وما شاء فليكفر ) في السياسة حنكة وفي الدين فقه ؛ صحيح أن فقه الشريعة تناول جوانب في السياسة بالشرح والتحقيق لكنه علي سبيل التعليم والتقنين حتي يسترشد بها الساسة المتخصصون فيعملون ؛ وليس في ذلك دعوة لعلماء الدين باقتحام السياسة ؛ والثابت أن التخصص والتمرس سر النجاح فليس كل فقيه يصلح للسياسة ولا كل سياسي يصلح لشرح أصول الدين .. لهذا كان من الأجدي أن يتقدم الساسة للسياسة علي أن يقوم الفقهاء بمراقبتهم وتذكيرهم بمخالفة سياستهم للشرع الإسلامي الحنيف وبيان ذلك علي الملأ من الشعب وهذا حق الأزهر الشريف المعمور وعلي الشعب أن يسقط السياسة التي لا تكترث بالشريعة ولا تقيم للدين وزنا سيما أن الدستور سجل بحروف من نور ( دين الدولة هو الإسلام ولغتها العربية )
إذا ليس معني إقصاء رجال الدعوة عن معترك السياسة أن يعيث السياسيون في الأرض فسادا .. أعود فأكرر وأؤكد علي مبدأ التخصص يعني السياسيون يعملون وعلماء الإسلام يراقبون وينصحون ومن الكياسة والمصلحة أن يتفقون ....
ومن هنا ...
أري وأنصح الجماعات والأحزاب الدينية حتي الكنيسة الكاتدرائية التي خسرت كثيرا باقتحام السياسة لمكسب سريع سينتهي ويزول ؛ أنصحهم أن يتفرغوا للدعوة السمحة ومراقبة السياسة وبيان الرأي الشرعي نصحا وسيشكل التحامهم بالشعب كدعاة للفضيلة مصدر تهديد قوي للساسة وهذا هو المطلوب ؛ وبناء عليه أومن إيمانا واثقا بحل جماعة الإخوان المسلمين حلا دستوريا نهائيابلا عودة وليس حظرا فتاريخها لا يسجل نجاحا واحدا في ٨٣ عاما من عمرها بل إنها جلبت علينا ويلات لا قبل لنا بها بسبب جهلهم بالسياسة واندفاعهم نحو السلطة بلا عقل ولا خبرة ؛
نفس الإيمان عندي بخروج الأحزاب الدينية والكنيسة بطوائفها من المشهد السياسي تماما .. فلعل هذا يحدث استقرارا في المجتمع وانفراجة في طريق السياسة المسدود بذريعة الإرهاب والإخوان وأطماعهم في الحكم ..حتي بات كل من يوميء مهددا بتهمة ( إنت إخوان ..إرهابي ) ولقد حذرني بعض الأصدقاء من هذه المغبة فقلت له تاريخي مشهود كصحفي ورئيس تحرير ومذيع بالإذاعة والتليفزيون لم أنضو يوما تحت راية جماعة أو حزب رغم أني دعيت كرها للانضمام للجنة السياسات عام ٢٠٠٥ فكانت تجربتي في الحزب الوطني التي لم تستمر أسبوعين فاشلة بسبب صدقي وصراحتي فقلت لهم شباب مصر في مرمي الخطر لقد دهمه التغريب والغزو الثقافي ففقد مساحة عريضة من هويته وانتمائه لوطنه بسبب سياسات خاطئة وأنا أتهم وزراء الإعلام والتعليم والثقافة بجنايتهم علي شباب مصر فهذه الوزارات تعمل كل منها في جزيرة منعزلة بلا تنسيق ولا تكامل ولا خطة مواجهة لهذا الغزو الثقافي ومحاولات التغريب الدؤوبة ويجب محاسبة هولاء الوزراء الثلاثة ... صفقت لي الفنانة ليلة طاهر بحرارة فمنعوني في الجلسات اللاحقة من الكلام فانصرفت ولم أرجع !!
لهذا كنت وسأظل مصريا أزهريا منوفيا يحمل هموم وطنه بعقل العالم وروح الوطني ومبدأ التخصص كوني إعلامي لايملك إلا القلم .
إذن :
من هنا يبدأ حل الأزمة السياسة وتسليك الإنسداد الوطني ووضع نهاية للانقسام المجتمعي لينتهي عصر التخوين والاتهام زورا وبهتانا ؛حتي نتفرغ لبناء مصر الحديثة والجمهورية الجديدة مجتمعين علي قلب رجل واحد؛ وإلا سنظل ندور في حلقة ضيقة جدا ويظل الانقسام المجتمعي خطرا يهدد استقرار مصر ويضرب اقتصادها ومستقبلها في مقتل .. ألا هل بلغت ...اللهم فاشهد.
كاتب المقال الكاتب الصحفي تهامي منتصر