فتحي ندا الخبير الاقتصادي يكتب.. المازوخية الرقمية في الإعلام
في الفترة غير القليلة الماضية لفت نظرى وفكرى صديقى العزيز الكاتب الصحفى الكبير- الذى ترأس واحدة من المؤسسات الصحفية العريقة خلال العقد الثانى من هذا القرن – الى بعض من أُسس وأدوات العمل الصحفى المهنى ومنها: المشاهدة والملاحظة، وأن الصحفى المهنى أو "الصنيعي" (على حد وصفه) هو الذى يُحسِن توظيف وإستغلال وتوصيف المشاهدة والملاحظة وأن المشاهدة والملاحظة تحمل بين جنباتها مصدراً موثقا للصحفى حيث أنها واقع لمسه الكثير من القراء يسترجعونه بمجرد قراءة المعالجة الصحفية التي بين أيديهم لتلك الوقائع.
وبناءا على الدرس الذى تعلمته من صديقى فقد شاهدت وسمعت ولاحظت وقرأت ومن ذلك وجدت أن الساحة الاعلامية بكل وسائلها الحديثة والقديمة رقمية وفضائية صوتية ومرأية ومقرؤة تخيم عليها سحابة من إعلام مدرسة الإثارة، تلك المدرسة التى ينتمى إليها عدد ليس قليل يُمطرون المتلقى بوابل من ذلك المحتوى المُغرض و المثير للجدل الذى يفتح كثيرا من النقاشات والخلافات الغير مستحبة خصوصا فى مثل هذه الظروف التى تمر بها البلاد والعالم اجمع من خلال عدد من الفضائيات الخاصة وكذا وسائل التواصل الرقمي "الإجتماعى “ Social Media “من حين لآخر.
وتساءلت : ماهى الغاية؟ وهل هؤلاء الأشخاص وتلك القنوات والوسائل الرقمية التي توؤيهم وتسهل لهم ذلك العمل المَشين لايتوقعون رد فعل المشاهد والقارئ والمستمع (المتلقى)؟
وكانت الإجابة في المشاهدة نفسها فالغاية هى تلك البلبلة والفوضى وإستهلاك الوقت والجهد لدى الناس في الباطل وأن يختلط الحق بالباطل لدى فئة من الناس تمهيدا لعملية غسيل أدمغة لحساب من يستثمرون في تلك الأدمغة المغسولة بتغيبها وإستخدامها لهدم أوطان وتدمير شعوب يعتقدون أن نهضة وتنمية تلك الأوطان والشعوب يهدد سيادتهم على العالم إن لم يكن يهدد وجودهم ككيانات مستقلة.
أما من ناحية توقع رد الفعل، فبعد بحث سريع إسترجعت فيه شيئا من قراءات قديمة، وكانت نتيجة البحث صادمة ومخجلة وتتلخص في نقطتين: الأولى: أن هؤلاء الأشخاص على قدر معقول من الدراسة والثقافة والتجربة تمكنهم من حسابات دقيقة لرد الفعل كما وكيفا ونوعا، و لأنهم غالبا مهنييون مدربون ويعلمون القانون فهم يقدمون المحتوى المثير فى إطار مايسمح به القانون أى " النقد المباح " فلا خوف من مسائلة قانونية او عقوبة بإرتكاب جنحة وأن الامر لن يكون سوى لوم وعتاب وربما سب وشتم وووووو .... وهو المطلوب من جانبهم. الثانية: أن رد الفعل هذا ( من سب وقذف ولعن وتحقير وازدراء وتسفيه وصفع جبهة ....... الخ) ضمن نتائج المخطط " هو جزء من أتعاب هؤلاء الأشخاص وتلك القنوات والعاملين عليها" فهومطلوب ومرغوب فيه وبإشتياق من قِبل هؤلاء الأفراد، لأنهم ببساطة شديدة ينتمون الى الفئة المصابة بـ " المازوخية ".
ما هى “ المازوخية أو اضطراب الشخصية المازوخية”؟ (منقووووول)
المازوخية (Masochism) أو اضطراب الشخصية المازوخية (Masochistic personality disorder) هو اضطراب نفسي، وفيه يقوم الشخص بإيذاء نفسه لفظيًا أو بدنيًا، لذلك يسمى أيضًا اضطراب الشخصية المحبِطة للذات أو اضطراب الشخصية المهزومة ذاتيًا، ولكي يوصف الشخص بأنه مازوخي لا بد أن يكون الألم حقيقيًا أي مصحوبًا بفعل وليس مجرد رغبة أو توهم.
وتعود تسمية “المازوخية” إلى روائي وصحفي نمساوي يدعى ليوبولد مازوخ، وهو صاحب رواية شهيرة عرفت باسم “فينوس في معطف الفرو”، تروي قصة الكاتب نفسه صاحب الشخصية المازوخية وعشيقته، لذلك استعار الطبيب النفسي ريشارد فون كرافت اسم “مازوخ” لوصف ما بات يعرف لاحقًا باسم “المازوخية”، وذلك في كتاب له أصدره عام 1886 حول الشذوذ.
من خصائص هذه الشخصية أنها تسعى بكل الطرق إلى أن تكون في الأماكن والمواقف التي يتوفر لها الأذى فيها، وتسعى لتحقير النفس وإيذائها، مع الشعور بالمتعة واللذة الداخلية عند ممارسة ذلك، بالرغم من الظهور بمظهر الشكوى، والظهور بمظهر الضحية المقهورة.
وعادة ما يتلقى المازوخي الألم من شخص آخر، وهذا الشخص أو الشريك ، يمكن أن يكون إنسانًا عاديًا وطبيعيًا، ويقوم بتعذيب المازوخي بناءً على طلبه، أو قد يكون شريكًا ، ذا شخصية سادية، أي أنه يعشق توجيه الألم للآخرين في أثناء الممارسة، وفي هذه الحالة فإنه يطلق على الممارسة “سادومازوخية” Sadomasochism)).
ولكن بشكل عام، فإن المازوخية لا تستلزم دومًا وجود الشريك، فأحيانًا يقوم الشخص المازوخي بتوجيه الألم إلى نفسه عن طريق الجلد أو الجرح بالسكين أو الحرق…
وخلاصة القول أن المشهد فى الساحة يطلعنا على فرع حديث من المازوخية هو :" المازوخية الرقمية "، Degitalmasochism والتي تتم عبر الوسائط الرقمية من بث تليفزيونى عبر الشاشات الذكية أو وسائل التواصل الإجتماعى – يوتيوب _ فيس بوك _ تك توك _ إنستجرام .... وخلافه- حيث يقوم الشخص المازوخى عبر إحدى هذه الوسائل أو كلها بتناول مُسئ ومهين لشخصية مرموقة ومحبوبة ومحل تقدير كبير في المجتمع وذات تأثير واسع وانتشار كبير في الأوساط الرسمية والشعبية سواء في الوطن أو الإقليم وممكن العالم أجمع، ذلك كى يتحقق واحد من الأهداف المخطط لها " هدم الرموز- التي يتخذها الكثير مثل أعلى يحاولون تقليدة وإتباع هديه العلمى أو الدينى أو الأخلاقى أو الإجتماعى" وإثارة البلبلة والفوضى وإنقسام المجتمع وتهيئة بيئة صالحة اتصديق الشائعات وبث الفرقة والفتنة .... الخ ، ثم يضمن رد الفعل بالإهانة والسباب ووووو...... الخ من الملاين التي تحترم وتقدر الشخص الذى طاله أو طال إسمه وأهله الأذى اللفظى على لسان ذلك الشخص عبر تلك الشاشة الخاصة ، وبذلك يعيش لحظات النشوة ويشعر بالسعادة وهذا هو الجزء النفسى المعنوى من أجره عن هذا العمل إلى جانب باقى الأجر الذى يحصل عليه بالعملة إياها.
وعن بعض أعراض اضطراب الشخصية المازوخية ذُكر مايلى:
عادة ما يبدأ الشخص معاناته بداية من مرحلة المراهقة، وتصاحب المريض لفترات متباينة تتناقص أو تزداد تبعًا لحالته، وتكون تفاعلاته مع المواقف مختلفة، فالمواقف الإيجابية يتفاعل دائمًا فيها بالاكتئاب أو الشعور بالذنب والألم، ويتمكن من جلب غضب الآخرين وسوء معاملتهم له، وبعد ذلك يشعر بالذنب، ويقف دائمًا في طريق إسعاد نفسه ويرفض خوض التجارب الممتعة، وتتصف الشخصية المازوخية بما يلي :
تطلق الحجج والتبريرات من دون أي سبب. تتناول الطعام بكثرة حتى تشعر بالألم. تتهرّب من تحقيق أهدافها عندما تقترب من تحقيقها. تتهرب من العلاقات الناجحة والسعيدة. تنهي علاقاتها بأصدقائها لأسباب تافهة. تعمد إلى صرف أموال أكثر مما لديها عن قصد. تتعاطى الكحول والمخدرات. تتسامح مع من يسيطر عليها. تتسامح مع الذين يضرّون بها. ترفض الدفاع عن نفسها. تتمسك بالمشاعر المؤلمة. تنتقد نفسها باستمرار.
كاتب المقال كاتب المقال فتحى ندا الخبير الاقتصادى