كتاب جماعة الدم ” ٤ ” .. رصاصات الغدر الإخوانى على حائط منزل المفكر العظيم ” عباس العقاد ”
فى هذه الحلقة ترصد " بوابة الدولة الإخبارية " التفاصيل الكاملة لمحاولة إغتيال الكاتب والمفكر الكبير عباس محمود العقاد عملاق الفكر العربى والتى تناولها الكاتب الصحفى الكبير عبد الناصر محمد مؤلف كتاب جماعة الدم الذى يتم عرضه فى جناح دار المعارف بمعرض القاهرة الدولى للكتاب وهو الكتاب الصادر عن دار العالمية للصحافة والنشر والتوزيع برئاسة الكاتب الصحفى هشام جاد.
تشير التفاصيل المثيرة إلى
صداقة وطيدة تجمع بين المناضل الوطنى الشهيد محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء وبين المفكر والكاتب الكبير عباس محمود العقاد عملاق الفكر العربى .. كثيراً ما كان يدور الحديث حول جماعة الإخوان المسلمين وحول مؤسس تلك الجماعة حسن البنا وعن الدعوة التى تنادى بها الجماعة وأنها لم تكن دعوة دينية بقدر ما كانت دعوة للهيمنة والتربح المادى والتآمر على الوطن بل والعمالة لحساب الإستعمار الإنجليزى ومساندته ودعم أفكاره وتحقيق الإنقسام داخل المجتمع .. ولذلك نجد العقاد فى كثير من مقالاته يهاجم الجماعة وزعيمها ويكشف الكثير من الحقائق المخزية التى تفضح الدور التآمرى الذى أنشئت من أجله.. وفى المقابل يُعد النقراشى والذى كان يتولى منصب وزير الداخلية جنباً الى جنب رئاسة الوزراء بمعاونة عبدالرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية آنذاك ملفاً عن الأعمال الإجرامية التى كانت تقوم بها الجماعة وأهمها أنهم رفعوا بالباطل راية الجهاد فى حرب فلسطين وأنهم أعلنوا التطوع للحرب بغرض خبيث هو جمع أموال التبرعات من جهة والحصول على الأسلحة علماً ولم يصوبوا رصاصة نحو اليهود الملاعين بل يصوبونها نحو صدور المصريين الأبرياء .. وكيف أنهم إستولوا على الأسلحة من الجيش المصرى وقاموا بتوزيعها على أنفسهم وإيداع أموال التبرعات فى خزينتهم وقيامهم بإقامة معسكرات بالمقطم بعيد عن أنظار الجميع لتدريب عدد كبير من الشباب المخدوع بأفكارهم على أساليب القتال وهو ما قاموا بالفعل فى صورة تفجيرات فى العديد من المنشئات الحيوية والمحلات التجارية المملوكة لليهود بحجة أن ذلك إنتقاماً من اليهود ولنصرة فلسطين ولكن كان الهدف الأساسى توصيل رسالة لليهود أن مصر ليس بلداً آمناً وبالتالى يتم إجبار اليهود المصريين على الهجرة إلى إسرائيل ، فضلاً عن أعمال إجرامية أخرى والتى سبق أن تناولناها فى الحلقات الماضية ، ولذلك قرر النقراشى حل الجماعة يوم ٨ ديسمبر سنة ١٩٤٨ وكان رد الجماعة عليه سريعاً حيث قامت بإغتياله فى قلب وزارة الداخلية يوم ٢٨ من نفس الشهر.
ما هى إلا بضع أيام وكتب العقاد مقالاً فى الثانى من يناير سنة ١٩٤٩ هو الأشهر من بين سلسلة المقالات التى كتبها المفكر الكبير عن تلك الجماعة المشبوهة عن حقيقة الإخوان وحقيقة العميل حسن البنا قال فيه "حسن البنا يسعى لإحداث بلبلة داخل المجتمع المصرى لتشويه دستور ٢٣ الذى يعد جوهرة الحداثة وتطوير المجتمع سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وأنه صنيعة الإنجليز فى إطار حيلة ماكرة وإحتيال من جانب أباطرة الإحتلال أرادوا به وبجماعته إلهاء المجتمع عن نضاله ضدهم خاصة وأن الشعب رغم إنتهاء ثورة ١٩١٩ إلا أنه لا زال يطالب بالجلاء والإستقلال فأطلق الإحتلال فكرة إنشاء تلك الجماعة عن طريق هذا الرجل الذى يسمى حسن البنا حيث أن إنشاء هذا الكيان هدفه أن يغرق المصريون فى بحر الدين ولكن بأفكار منحرفة لا تتفق مع الدين أصلاً مما يحدث لغطاً وإنقساماً فى المجتمع ويختلف الشعب ويتفتت ويتم وأد فكرة النضال والمطالبة بالحرية.
أعلن العقاد أن البنا ليس إماماً " ولا يحزنون " وليس مفكراً يتمتع بنظرة ثاقبة فى الحكم على الأشياء وتفنيد الآراء أو بباحث فى مجالات عدة بل هو خليط عجيب وغريب من رجل دين محدود القراءة ورجل يرغب فى التطلع إلى زعامة سياسية تخدم مصالح جماعته والإنجليز فى آن واحد وهذا ما إعترف به محمود عساف السكرتير الخاص للبنا فى مذكراته.
كشف العقاد أن الجماعة كانت تتجسس على الأحزاب خاصة حزب الوفد لصالح الإنجليز وإكتشف الوفد ذلك مما أدى إلى حدوث كراهية وفدية كبيرة للبنا وجماعته.
الكاتب الكبير عباس محمود العقاد وصف حسن البنا بأنه بهلوان وعميل للإنجليز ودجال يهيمن على عقول البسطاء وتمكن فى خبث وتواضع مختلق السيطرة على عقول تلك الفئة البسيطة بإسم الدين فى محاولة رخيصة للإيمان به وبأفكاره وتعاليمه، كما كشف أن البنا ليس عربياً ولا أحد يعرف من أين أتى وأين نشأ متهماً إياه بأنه يهودى يعمل لإحداث فتنة داخلية فى البلاد ، وقال " نظرة واحدة إلى أعماله وأعمال جماعته تغنى عن النظر إلى ملامحه وتدعو إلى العجب من هذا الإتفاق فى الخطة بين الحركات الإسرائيلية الهدامة وبين حركات هذه الجماعة ، ويكفى من ذلك كله أن نسجل حقائق لاشك فيها ، وهى أننا أمام رجل مجهول الأصل ، مريب النشأة ، يثير الفتنة فى بلد إسلامى، وهو مشغول بحرب مع الصهاينة، ويجرى فى حركته على النهج الذى إتبعه دخلاء اليهود والمجوس لهدم الدعوة الإسلامية من داخلها.
وقال العقاد أيضاً فى مقاله عقب إغتيال صديقه النقراشى " لم نجد نبياً واحداً أباح لنفسه أو أباح له الدين أن يتصرف فى نفس بشرية بغير بينة وشهادة وقضاء .. وقال أيضا " أغلب الظن أننا أمام فتنة إسرائيلية فى نهجها إن لم تكن فتنة إسرائيلية فى صميم نيتها ، وأياً كان الأمر فهر فتنة غريبة عن روح الإسلام ونصوصه ، وإنما قائمة على الإرهاب والإغتيال فلا محل فيها للحرية والإقناع وجدير بالمسلمين ومن يؤمنون بالحرية أن يقفوا لها بالمرصاد.
ومن هنا دخل المفكر الكبير عباس محمود العقاد فى بؤرة الإهتمام الدموى الإخوانى وأصبح هدفاً لفوهات بنادقهم ، وكلف البنا رجاله بمواجهة العقاد والإنتقام منه .. فأرسلوا له رسالات تهديد منها عبارة شهيرة كُتبت بالخطأ وهى " قذفت القاذفة " بدلاً من أزفت الآزفة" فى إشارة واضحة لما يضمرون فى صدورهم تجاه المفكر العظيم الذى عرى حقيقة ذلك الفصيل الإرهابى المشبوه .. تعرض الكاتب الكبير لمحاولتى إغتيال الأولى عندما كان يقود سيارته وأطلقوا عليه الرصاص ولكنه لم يصب بأى أذى.
أما المحاولة الثانية فكانت عبارة عن خطة محكمة للنيل منه ففى ليلة شتوية لا تخلو من نسمات باردة فى أواخر شهر يناير عام ١٩٤٩ حاولوا قتله من خلال تفجير سيارته ولكن تلك المحاولة فشلت فقاموا بالإتصال به ليلاً وكانوا يعلمون أن تليفونه كان يقع فى غرفة ذات نوافذ زجاجية ولما همّ بالرد أطلقوا عليه وابل من الرصاص والتى إخترقت النافذة ولحُسن حظ الكاتب أنه رد على التليفون وهو جالساً على غير العادة ليكتب له القدر حياة جديدة وظلت آثار الأعيرة النارية على حائط منزل العقاد لن يرد محو آثارها لتكون دلالة قاطعة على غدر الإخوان وهوان أمرهم وضحالة أفكارهم.