الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد يكتب.. ” شهر رمضان ” فى حضرة الوالى والسلطان ( ٦ )
الظاهر بيبرس .. وعودة " أنطاكية " إلى أحضان المسلمين
بدأت عمليات السلطان ركن الدين والدولة الظاهر بيبرس البندقدارى العسكرية ضد الصليبيين في سنة 663 هجرية 1265 ميلادية فتوجه في 4 من ربيع الآخر 663هجرية إلى الشام، فهاجم "قيسارية" وفتحها في 8 من جمادى الأولى ثم عرج إلى أرسوف، ففتحها في شهر رجب من السنة نفسها.
وفي السنة التالية استكمل بيبرس ما بدأ، ففتح قلعة "صفد"، وكانت معقلاً من معاقل الصليبيين، وكان بيبرس يقود جيشه بنفسه، ويقوم ببعض الأعمال مع الجنود إثارة لحميتهم فيجر معهم الأخشاب مع البقر لبناء المجانيق اللازمة للحصار وأصاب سقوط صفد الصليبيين بخيبة أمل، وحطم معنوياتهم؛ فسارعت بعض الإمارات الصليبية إلى طلب الصلح وعقد الهدنة.
ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ سنة 666 ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ الموافق 1268 ميلادية تمكن المسلمون ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﺒﺮﺱ من استرجاع ﻣﺪﻳﻨﺔ " أنطاكية " ﻣﻦ قبضة ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ الذين احتلوها طيلة 170 ﻋﺎﻣًﺎ، فقد جهز بيبرس جيشا ضخما، اتجه به إلى المدينة المحتلة، وضرب حولها حصارًا محكمًا توج بطلب أهلها الاستسلام بشروط، لكن بيبرس رفض شروطهم فشدد عليهم الحصار أكثر وتمكن من فتح أنطاكية بالقوة. فغنم المسلمون الغنائم الكثيرة، وأطلق من فيها من الأسرى المسلمين، وشكل سقوطها انتصارا عظيما على الصليبيين بعد معركة حطين.
وبحسب كتاب " نيابة طرابلس الشام فى عصر سلاطين المماليك (688 –922هـ/ 1289– 1516م)" للدكتور شريف عبد الحميد محمد عبد الهادى، فقد كانت أنطاكية مدينة كبيرة قوية التحصين، سبق أن عجز الأباطرة البيزنطيون أنفسهم عن أخذها من الصليبين، لذلك أختار بيبرس أن يكتب إلى الصليبيين فى أنطاكية يدعوهم وينذرهم بالزحف عليهم، وفاوضهم فى ذلك مدة ثلاثة أيام وهم لا يجيبون.
وقد غنم المسلمون غنائم كثيرة، بلغ من كثرتها أن قسمت النقود بالطاسات، وبلغ من كثرة الأسرى "أنه لم يبق غلام إلا وله غلام، وبيع الصغير من الصليبيين باثني عشر درهمًا، والجارية بخمسة دراهم".
ويعتبر كتاب "رجال لهم تاريخ" للكاتب أسامة حسن، أن استيلاء المسلمين على أنطاكية سنة 1268م، أعظم فتح حققه السلطان بيبرس والمسلمون على الصليبيين منذ استيلاء صلاح الدين الأيوبى على بيت المقدس (القدس حاليا)، سنة 1187م، وهو الانتصار الذى ادى أدى هذا الانتصار إلى طلب العفو والرضا من السلطان بيبرس من جانب صاحب عكا الذى أسرع إلى طلب الصلح وأرسل إلى السلطان بيبرس الهدايا وتم الاتفاق على هدنة لمدة عشر سنوات.