الكاتب الصحفي صبري حافظ يكتب..عاشور تجربة مفيدة..!
إمام عاشور لاعب الزمالك السابق وميتلاند الدنماركى بات حالة جدلية بعد أن عاش فترة من أفضل فتراته مع نادى الزمالك وساهم مع زملائه فى الفوز ببطولتى دورى موسمين متتاليين وبطولة كأس مصر، وفجأة فكر فى الاحتراف الخارجى وسانده بقوة نادى الزمالك فى خوض التجربة.
وكانت المفاجأة أن يعود سريعًا إلى مصر عن طريق بوابة الأهلى بصرف النظر عمّا إذا كان مخططًا أن تكون محطة ميتلاند جسر عبور للأهلى من عدمه، وبعيدًا أيضا عن الإساءة لأسطورة ورمز الكرة المصرية صالح سليم، والتى يحاول الأهلى تطييب جراحها وتهدئة الجماهير الثائرة للإصرار على غض الطرف عنها.
ما يدعو للأسى أن اللاعب قضى 5 أشهر تقريبًا خارج مصر وعاوده الحنين إلى وطنه، بعد أن لعب 8 مباريات فقط مع فريقه سجل هدفين فقط، وغاب عن فريقه وهو يقاتل من أجل البقاء فى الدورى «المتواضع» فنيًّا بسبب الإصابة!
تجربة احترافية فاشلة زمانًا ومكانًا وفنيًّا بكل المقاييس وضاعف الفشل ما أكده ناديه أنه لاعب لا يجيد اللغة التى تقف عائقًا فى التفاهم المشترك وتعمق الغربة وتؤثر على تفاعله ومستواه، خاصة أن وصول المعلومة يستنزف وقته وجهده والمتعاونين معه «مدربين ومساعدين ومترجمين»، بجانب أن طريقة اللعب الخاصة بمدربه الجديد لا تناسبه، والذى يفضل طريقة 4/4/2، ورؤية هذا المدرب أنه لاعب لن يفيد الفريق فى ظل الطريقة الجديدة.
أزمة عاشور أكبر من لاعب يسعى للانضمام لصفوف الأهلى وخلق حالة من التشنج بين جماهير الزمالك وحتى محبى الأهلى المعارضين لضمه لإساءته السابقة لـ» صالح»، فهذه التجربة صنع خيوطها بنفسه وكتب فشلها بيده لعدم دراسة التجربة قبل بدايتها وإعداد نفسه لخوضها بشكل ناجح كلاعب يملك مقومات النجم الشامل والانتقال لأى نادٍ آخر أفضل بأوروبا مع إجادة اللغة، ومواصلة مسيرة نجاح محمد صلاح ومحمد الننى وأحمد حجازى كمنارات تضئ له الطريق وتصنع منه لاعبًا قادرًا على كتابة تاريخ جديد له ولمنتخب بلاده.
تجربة عاشور لها فوائد جمة رغم فشلها، إذ فضح المنظومة الكروية فى مصر وغياب خطة احتضان اللاعبين الدوليين منذ الصغر، والسير فى طريقين مهمين: تعليم النشء «الصغار» أكثر من لغة حتى ولو المصطلحات الكروية والتعامل اليومى مع الكرة، وإعداده نفسيًّا للتأقلم سريعًا على الغربة وصعوبات بداية الاحتراف الخارجى.
والمصيبة الكبرى المبالغ التى يحصل عليها أنصاف نجوم فى مصر، فالمسابقة المحلية تقف حائلًا أمام أى لاعب يفكر فى الاحتراف الخارجى، فلن يحصل على ربع ما يتقاضاه لو احترف فى أقوى الدوريات الأوربية، وهو ما يتطلب من وزير الرياضة التدخل لحل أزمة تهدد الكرة المصرية عنوانها المبالغ الفلكية للاعبين فى مسابقة «ميتة إكلينيكيًا»!
عقلية اللاعب المصرى فى حاجة لإعادة تشكيل، ليس فى تعليم لغة الآخرين والمعايشة الخارجية فقط، وإنما العقلية نفسها وطريقة التفكير وغرس الإرادة بداخله، والنظرة للرياضة وكرة القدم خاصة، فمصر تملك مناجم وكنوزًا وعدم الاهتمام يهدر ثروة بشرية قادرة على وضع مصر فى مصاف المتقدمين كرويًّا.
كاتب المقال الكاتب الصحفى صبرى حافظ مدير تحرير جريدة الوفد والناقد الرياضى.