أية عبد الرحمن تكتب .. العطاء وأبى
الحب الحقيقي هو المودة و الرحمة و هو عطاء الفطرة الذي لا تكلف فيه و لا صنعة و لا احتراف .. و هو صفة النفوس الخيرة و خلة الأبرار الأخيار من الرجال و النساء .. و هو لا يوجد إلا في البيوت الطيبة التي ليس لها سيرة ولا تحكى عنها قصص ولا أخبار.”
العطاء صفة لم يمنحها الله لكل البشر، وهي صفة عظيمة، إنها صفة البذل والعطاء، أن نعطي كما نأخذ بكل سعادة وسرعة وبدون أي تردد، فلا فائدة من عطاء يلتصق بالأصابع إنما يجب أن يكون عطاؤنا بوفاء ونفس طيبة، وكما يقال «العطاء شرف والأخذ ألم
عندما كنا صغارًا نعتقد أن السعادة الحقيقية في الصحة والجمال والمال، ولكن عندما نكبر وننضج نعرف الحقيقة وهي أن سعادتنا تكمن في سعادة من حولنا. والعطاء لا حدود له، وهو ليس عطاء المال فقط. نحن نعطي عطاءً حقيقيًا حين ندعو بإلحاح لأخ في ظهر الغيب، ونعطي عطاءً حقيقيًا حين نعفو عمّن أساء إلينا، ونعطي عطاءً حقيقيًا حين نقبل عذر من يعتذر إلينا، ونقيل عثرته.
نحن نعطي عطاءً حقيقيًا حين نقدِّم فكرة عظيمة، قد تغير حياة إنسان إلى الأفضل. إننا نعطي عطاءً حقيقيًا حين نكون مواطنين صالحين، نسهم في حمل أعباء الوطن. وكذلك يكون عطاءً حقيقيًا حين يشعر من يحتك بنا أنّ الحياة تكون رائعة حين يكون في جوارنا.. ثم إننا نعطي عطاءً حقيقيًا حين نتنازل عن شيء من وقتنا لتقديم خدمة أخوية لأخ أو لقريب أو صديق، حين نقدم لقريب أو جار أو زميل خدمة بإخلاص، فإننا في الحقيقة نقدمها لأنفسنا. التبسم وحسن الاستقبال والتعاطف والاهتمام والمودة من أكثر ما يحتاج إليه الناس، وهو (قمّة العطاء).
هنا نتذكر قول الإمام الشافعى عن العطاء والمودة وتغير الأحوال: إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً.. فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا ..فَفى الناسِ أَبدالٌ وَفى التَركِ راحَةٌ.. وَفى القَلبِ صَبرٌ لِلحَبيبِ وَلَو جَفا .. فَما كُلُّ مَن تَهواهُ يَهواكَ قَلبُهُ .. وَلا كُلُّ مَن صافَيتَهُ لَكَ قَد صَفا.. إِذا لَم يَكُن صَفوُ الوِدادِ طَبيعَةً.. فَلا خَيرَ فى وِدٍّ يَجيءُ تَكَلُّفا ..وَلا خَيرَ فى خِلٍّ يَخونُ خَليلَهُ.. وَيَلقاهُ مِن بَعدِ المَوَدَّةِ بِالجَفا ..وَيُنكِرُ عَيشاً قَد تَقادَمَ عَهدُهُ.. وَيُظهِرُ سِرّاً كانَ بِالأَمسِ قَد خَفا .. سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها ..صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا .
ينتقل العطاء في شعر الأمام الشافعي من خلال قصائده وأشعاره التي وصلت إلىنا وأثّرت في الأدب العربي والإسلامي. يتميز شعر الشافعي بالوضوح والبساطة والعمق، ويعكس فلسفته الحياتية والدينية والفقهية. ويتضمن العطاء في شعره أيضًا الحكم العميقة والأمثال البليغة والنصائح الموجهة للمجتمع، وفي كل ذلك يتجلى عطاءه الذي يستمد من أدبه الفذ وحكمته العميقة وخلقه الرفيع.
مرة أخرى نقول للجميع تتطبعوا بالعطاء الذى يؤدي إلى الحبّ، وقس على ذلك عطاء الأمومة والصداقة وغيرها حتى إنّ العطاء يوصف كعلاج نفسي يعزز الصحة النفسية والجسدية ، والعطاء بحدّ ذاته هديّة، يزيد في الدفء ويقوّي أواصر المحبّة ويحفظ الأدوار في البيت الواحد ويجعل كل فرد مسؤولا عن راحة الآخر باحتوائه ودعمه. يعزّز العلاقات من خلال بناء شبكة اجتماعية ومشاركة الآخرين ومساعدتهم والحرص على سلامتهم من خلال الأعمال الخيرية والتطوعية بعيدا عن الأنانية وحب الذات والسعي فقط وراء المصلحة الشخصية .
لقد أصبح للعطاء علم يسميه الغرب علم الجود Science of generosity فما أعظمها من نعمة لا يستشعرها إلّا أصحابها، عليك بالعطاء، إذا كنت تتمتع بثروة مادية وفقر عاطفي فعليك بالعطاء، إذا كنت لا تملك شيئا تأكد أنك تملك الكثير، تملك حضنا، تملك كلمة طيبة، تملك ابتسامة، حتى إنك تملك أقداما تيسّر لك مهمة زيارة مريض في المستشفى أو شيخ في دار المسنّين. يمكنك أن تغلّف كل هذا بالنيّة الصادقة وتقدمه للشخص المناسب وفي الوقت المناسب. جرّب أن تعطي فأنت بحاجة لأن تمارس نشاطات وتختبر أشياء تحسّن من صحتك النفسية والجسدية وبالتالي نمط عيشك.
علينا أن نعى ايضاً ان العطاء أن نعطي دون محبة و لكن لا يمكن أن نحب بدون عطاء ، فمن يحب يقدم و يعطي لمن يحبه كل شئ و يفعل له المستحيل ، ومن الممكن أن نعطي الأخرين دون وجود حب بيننا .
لقد حدثنى والدى وأمى رحمة الله عليها بأمجاد من سبقونا من أهلنا وأجدادنا وأنهم قوم كان فيهم كرم وعطاء، رغم الظروف القاسية التي عاشوا فيها، وهذا لم يمنع أن يتصفوا بتلك الصفات النبيلة والأخلاق الكريمة،حتى إن والدى وأمى رحمة الله عليها زرعت في قلبي محبة العطاء والبذل والتضحية بما يكلفني الله سبحانه به وألا اقفل بابا في وجه أي محتاج.. «فمن من نعم الله عليك حاجة الناس إليك» وهو أدرى بالقلوب و(يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) ثم انه سبحانه (لا يكلف نفسا إلا وسعها). ومن هنا انطلقت في مسيرتي في كل مناحي حياتي، وبإذنه تعالى سوف استمر على مواقفي وثوابتي وكلما فعلت هذا أتقرب الى الله سبحانه اكثر.
ابى الغالى الذى علمنا العطاء، لو كان لي الاختيار لاخترتك مجددا فخورة في كل مرة ، أنت لست أبي فقط، أنت بطل كل البدايات في حياتي، أتذكرك منذ نعومة اظافري، وسيما أنيقا، مهندم الملبس ، منذ طفولتك، مصلي لا يفوتك فرض، وكنت لا أفهم ضيقك الشديد إذا فات عليك العصر أو المغرب لسبب أو لآخر، فكنا نتعرض لنوبه غضب شديده كنت لا أجد لها تفسير، لأني كنت طفلة صغيره، فخورة انك ابي ماحييت ، وانت السند والظهر والصديق والاخ والمنقذ والامان .
أقولها وانا ممتنه عن كل شيء ، شكرا والدي العزيز علي كل شيء عمرك وشبابك وقلبك وحياتك التي وهبتها برضا نفس ليس لي فقط ولكن لمن هم في امس الحاجه اليك مني فوالله قدرك ان كل هذه القلوب الصغيره والكبيره تحبك للأبد لعطائك المتميز الفريد من نوعة.