الكاتب الصحفى محمود نفادي يكتب .. رسالة إلى نواب البرلمان ..ارفضوا هذا القانون
لا يعقل، ولا يتصور، أن تُقدِم الحكومة على هذه الخطوة بعد ايام قليلة من كلمة رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي للمصريين في الاحتفال بعيد الشرطة الثاني والسبعين.
ففي الوقت الذي تحدث الرئيس فيه عن معاناة المواطنين المصريين ومواجهتهم للضغوط الاقتصادية، واحساس الرئيس بالمواطن المصري البسيط الذي يواجه هذه الحياة والمعاناة ويصمد امامهما.
فلا يعقل، ولا يتصور ان تقدم الحكومة على هذه الخطوة وتحيل الى مجلس النواب مشروع قانون بشان انشاء وسام جديد يسمى "وسام البناء العظيم".
فالحكومة المبجلة قدمت هذا القانون بهدف تكريم وتقدير كل من يساهم في اعمار وبناء مصر، بأن يحصل على هذا الوسام ويحصل معه على مكافأة تقدر بـ 250 الف جنيه مصري، اي ربع مليون جنيه اذا كان الوسام من الطبقة الاولى.
اما اذا كان الوسام من الطبقة الثانية، فيحصل على 150 الف جنيه، واذا كان من الطبقة الثالثة، فيحصل على 100 الف جنيه.
فالحكومة تعلم قبل ان تقدم هذا الوسام ان قانون الأوسمة والأنواط الساري حاليا يضم 11 وساما، كان يمكن ان تكتفي الحكومة بها ولا تسعى الى تقديم قانون جديد واستحداث وسام جديد.
ورغم ان الفكرة قد تكون مقبولة، لكن ربما في توقيت آخر غير هذا التوقيت، وفي ظل المعاناة الشديدة التي تحاصر المواطن المصري من كل اتجاه والضغوط الاقتصادية التي تواجهه.
في ظل هذه الضغوط، نجد الحكومة تقدم مثل هذا القانون، والغريب ان الأموال والمكافآت التي سيحصل عليها اصحاب هذا الوسام ليست من ميزانية وزراء الحكومة، او من ميزانية المال الخاص للحكومة، او من المال الخاص لرئيس الوزراء، ولكنها من اموال الدولة ومن ميزانيه الدولة ومن الضرائب التي تحصل من المواطنين.
وانا -كمواطن مصري من اصحاب المعاشات واعاني مثل ملايين المصريين من الضغوط الاقتصادية وغلاء الاسعار التي تزيد، ليس كل يوم، بل كل ساعة-
ادعو كل نواب البرلمان -اغلبية ومعارضة ومستقلين- ان يعلنوا رفضهم لهذا القانون بقوة انحيازا منهم للمواطن المصري البسيط وتعاطفا معه وتمشيا مع نهج الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يشعر بما يعاني منه المواطن المصري.
اقول لاعضاء مجلس النواب: إنكم صوت الشعب وضميره، وعليكم ان تعبروا عن الشعب، وان تدافعوا عن حقه، وان تسعوا لتخفيف الاعباء عنه، لا ان توافقوا للحكومة على مثل هذا القانون الذي جاء في توقيت غير مناسب.
فان من يخدم مصر ويساهم في اعمارها وبنائها يستحق التحية، لا ان نمنحه وساما ومكافأة مالية. فكما يقول المثل "لا شكر على واجب"، لان من يقوم بمثل هذا العمل ويساهم في إعمار مصر، فذلك يعد واجبا عليه، والتزاما بمهام موقعه أيا كان.
ولعل اغرب ما جاء في القانون ان الوسام سيمنح ايضا لغير المصريين بشرط عدم حصولهم على مكافأة مالية رغم ان غير المصريين يحصلون على أموال مقابل اي عمل يقومون به لصالح مصر.
واقول للحكومة: "حرام عليكم.. حرام عليكم"، اسحبوا هذا القانون من امام مجلس النواب بدلا من رفضه من نواب الشعب، وكفاية ١١وساما منصوصا عليها حاليا، فالوقت ليس وقت أوسمة، بل وقت التفاف حول القائد لإكمال المسيرة بكل ما يتطلبه ذلك من عمل جاد وضبط لبنود الصرف الحكومي، ليون كل مسؤول قدوة لغيره من موظفي الدولة.
وإذا كانت هذه المرحلة الاستثنائية تتطلب التكاتف والتعاضد من كل مصري من أجل مواجهة سيل التحديات الذي لا يتوقف، فلا يجب أن يسعى البعض إلى توجيه موارد الدولة إلى قنوات غير مجدية لا تضيف الى البناء الذي نرجو اكتماله على أكمل وجه.
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى .. شيخ المحررين البرلمانيين ومستشار تحرير الموقع