نميرة نجم : الابادة الجماعية و التهجير القسري بغزة حرك ضمير الحركة الطلابية في العالم .
قالت السفيرة د.نميرة نجم المحام و خبير القانون الدولي ومديرة المرصد الافريقي للهجرة(AMO) انها تتخوف على احترام قواعد القانون الدولي في مستقبل مع استمرار خروقات القانون الدولى بدءا من الإبادة الجماعية في غزة التي تسببت في كارثة من النزوح القسرى لاكثر من مليوني شخص على مرأى ومسمع من العالم دون أدني تحرك حقيقي يذكر، ودون احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية لطالبى اللجوء وفقا لاتفاقية ١٩٥١ للاجئين،والمؤسف اليوم اننا أوجه بشكل متكرر عند لقاءاتى مع الدراسين و طلبة القانون الدولى سؤال واحد " ما جدوى دراسة القانون الدولى في ضوء عدم احترام الدول له؟" فنحن الان بصدد مواجهة عدم الامتثال الي قواعد تعتمدها بعض الدول الغربية و تخرق و تنتهك ليس فقط علي صعيد قواعد القانون الدولى الانسانى ، ولكن قوانين حقوق الانسان أيضا ، و بوادره رفضه أصبحت واضحة وماثلة أمامنا الآن في تحرك جماعي لضمير العالمي للحركة الطلابية في مظاهرات و اعتصامات في جامعات أمريكا و فرنسا و استراليا وغيرها ، وهو ما يستوجب منا وقفة حينما نريد الحديث عن قواعد الهجرة وحماية حقوق المهاجرين وحمايتهم، كما ان تنظيم هجرة المهارات يجب ان يتم بالتوازن مع فقدانها بالكامل في الدول المصدرة للهجرة والتي تحتاجها افريقيا للتنمية ، جاء ذلك أثناء مشاركة السفيرة في الجلسة الحلقة النقاش المكثفة رفيعة المستوي تحت عنوان " أجندة الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا: تحقيق شراكة متساوية" المنعقدة لمدة يومين أول أمس في بروكسل ببلجيكا والذي نظمها"المركز الأوروبي لإدارة سياسات التنمية "ECDPM "، و مجموعة مؤسسات الفكر والرأي الأوروبية (ETTG) ،و معهد التنمية الخارجية "ODI " بلندن ، بالتعاون مع معهد شمال افريقيا بالسويد .
وأشارت السفيرة نجم في كلمتها بالحلقة النقاشية الى انه في اطار العلاقات بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي بشأن ملف الهجرة، فانه بلا شك هناك أمور خلافية وفي مقدمتها حماية وإنقاذ المهاجرين واحترام حقوق الانسان وقواعد اللجوء وعدم الإعادة القسرية و بدون التحقق من طالبي اللجوء لا يستحقون التمتع بهذه الصفة وفقا لقواعد ومعايير القانون الدولي ، الا ان هناك أمور أخرى نتفق عليها وهى ضرورة زيادة المسارات المنظمة للهجرة، إضافة الى أهمية توجيه مزيدا من الموارد للتنمية الاقتصادية في افريقيا لرفع مستوى معيشة المواطن الافريقي، مما سيحد بلا شك من محاولات الشباب الافريقي في خوض اهوال الهجرة غير النظامية.
و ردا على تساءل بالتتغير في المواقف الدولية حول ما يحدث في غزة، علقت السفيرة بان التغير ما هو الا تغيرا شكليا ولا نرى اى تغير على ارض الواقع ، بل على العكس لا يزال الشعب الفلسطيني يواجه الاهوال ضد قوة الاحتلال ولا يزال استهداف المدنيين مستمرا وبالتالي لا نرى ان ما يقال سياسيا يتبعه تغييرًا فعليا وتنفيذا علي الأرض الواقع بل العكس نجده مجرد تهدئة داخلية لكسب وقت من أجل مزيد من استمرار الإرهاب و إستباحة الاعتداء وقتل المدنيين والنساء والأطفال في غزة ، فبخلاف إبادة البشر و الأبنية السكانية تم إبادة أغلب البنية التحتية والمرافق فيها أيضا وبشكل ممنهج ومخطط ومتعمد لطرد أهلها من أراضيهم وشملت الإبادة دور العبادة من الجوامع و الكنائس و المستشفيات و المدارس و الجامعات حتي وصل الأمر الي القتل البطئ والحصار و المجاعة بل وقتل الجوعي وهم يتلقوا المساعدات الإنسانية ؟
وأكدت نجم أن المهاجرين العائدون بعد أن تم انقاذهم من رحلة الموت في قوارب في البحر الأبيض المتوسط سيعودون لخوض ذات التجربة مرة أخرى، مما يعكس درجة اليأس المرتبطة بانعدام الفرص المرتبط بغياب التنمية ، وان موضوع عودة المهاجرين وإعادة ادماجهم يجب ان يتم التعامل معه بشكل متكامل في اطار برامج تنموية شاملة وعدم افتراض ان عودة المهاجرين دون تأهيلهم للتعايش مجددا مع واقعهم الجديد لن يؤتى ثماره بل سيحاولون مرة أخرى الهروب مرة أخري ، لذلك يجب ان تأخذ برامج الإعادة بعين الاعتبار ظروف هؤلاء المهاجرين وحالتهم النفسية وكذلك ضرورة تضمين مجتمعاتهم في تلك البرامج لتقبل عودتهم إليها .
وأشارت السفيرة الي ان قضايا إعادة الإدماج تشكل عقبة لأن بعض أولئك الذين سلكوا المسار غير نظامي للهجرة حصلوا على أموال السفر ودفع تكاليف التهريب عبر الاستدانة من الأقارب والجيران لدفع متطلبات المهرب. وعليه فان عودتهم دون تحقيق أي شيء يعتبر هزيمة وبالضرورة سيحاول الشخص خوض ذات التجربة مرة اخري.
ولفتت نجم الانتباه إلى ما نقوم بتمويله وما ندعو إليه لانه من الواضح أن الجميع منخرطون في المناقشات حول برامج إعادة الإدماج، ولكن السؤال الموضوعي هو كيف يمكننا تحقيق هذه البرامج.
كما شددت السفيرة على أن السرديات المحيطة بالهجرة يجب أن تصل إلى الناس عبر وسائل الإعلام، و ان هناك اختلافات بين السرديات في غرف الاجتماعات بين المسؤولين ، لأن المسؤولين يناقشوا هذه القضايا من منظور سياسي وليس انساني ، و شددت علي ضرورة تغيير السرديات المحيطة بالهجرة والتي تتطلب ضرورة إعادة التفكير في الخطاب السياسي ، حيث أننا نحاول تغيير السرديات ولكن نتبع نفس السياسات وبالضرورة لن يتغير أي شي.
و أوضحت السفيرة على أن الهجرة لا ينبغي أن تؤدي إلى هجرة العقول في الدول الأفريقية ، وان هناك عناصر تقارب بين أفريقيا وأوروبا، بينما تتعامل أفريقيا مع الهجرة باعتبارها فرصة بينما تنظر لها أوروبا باعتبارها مشكلة ، وذلك مرتبط عند الاوربيين بسبب المخاوف من التغيرات الديموغرافية في المجتمعات الأوروبية ، لكن مثل هذا الخوف يتم تسويقها من قبل الحكومات، وأولئك الذين يعملوا لهندسة امتيازاتهم الخاصة والحصول علي مقاعد سياسية.
وذكرت نجم أن أوروبا تواجه العديد من التحديات على صعيد العمالة حيث لا يمكن استبدال الكثير من الوظائف بالآلات ، مع الأخذ في الاعتبار تحديات الشيخوخة التي تجعل أوروبا بحاجة إلى العمالة ، وعليه من الأفضل لجميع الأطراف أن نضع كل المعلومات والبيانات الصحيحة والتحليلات على الطاولة للوصول إلى أفضل سياسات للهجرة والتنمية ، حيث ان هناك فرصة إذا اتفقنا مع وجود إرادة سياسية للاتفاق على مسار وحلول لقضية الهجرة.
وأشارت نجم إلى أننا لا نقوم بما يكفي في الحد من الهجرة الغير نظامية ، وبالتالي فان جهود رفع الوعي بقضايا الهجرة غير النظامية يعتبر أمر حيوي وهام ، وعلينا عكس المخاطر التي يتعرض لها المهاجرين غير الشرعيين والمخاطر التي تعرض حياتهم للخطر.
وطالبت نجم إعادة النظر إلى قضية الهجرة من جوانب مختلفة وذلك من خلال تنفيذ برامج تنموية للحد من عملية الهجرة والتنقل، وهذا لن يتحقق بينما يعيش الناس علي الحد الأدنى في كل شي ، وعليه فان الحد من الهجرة مرتبط بالضرورة بتحقيق التنمية في أفريقيا علي مستوي القاعدة وليس النخب ، و الهجرة الرقمية وتجنب مسارات الهجرة الغير نظامية ومدي تأثيرها علي حياة العقول الافريقية والمهاجرين الافارقة ، و علي أهمية التمييز بين اللاجئين والمهاجرين.
وأكدت السفيرة أن الشراكة الشاملة مع أوروبا تغطي العديد من قضايا التنمية ، وينبغي ان تخضع لتقييم ومراجعة لتحديد الفجوات وحتي نفهم ما إذا كنا نأخذ الناس في الاعتبار أم لا.
ونوهت السفيرة بالتأكيد علي أن الهجرة المناخية تعتبر أولوية بالنسبة للمرصد الافريقي للهجرة وللاتحاد الافريقي بشكل عام ، وفي هذا السياق قام الاتحاد الافريقي بتطوير إعلان كمبالا بشأن تغير المناخ .
واوضحت نجم اننا اذا تحدثنا كسياسيين، سنؤكد على اننا نبذل قصارى جهدنا للتعاون بين الإتحاد الافريقي والاوروبي في ملفات التنمية والهجرة ، الى ان المواطن الافريقي يرى اننا لا نبذل ما يكفي لحمايته وتحقيق طموحاته، لذلك علينا بذل مزيد من الجهد لزيادة الوعى حول ما نقوم به من إنجازات، الى جانب ضرورة زيادة الوعى بأهوال رحلات الهجرة غير النظامية والتعريف بسبل الهجرة النظامية و تتبع و بحث المزيد من إمكانية مكافحة ومواجهة الوسطاء من قراصنة الهجرة الغير نظامية .
ووردا علي سؤال عن اتفاقية الاتحاد الأوروبي مع مصر أشارت نجم انها كانت بهدف الحد من الهجرة فقط، وانها بخبرتها السابقة اثناء مشاركتها في مفاوضات الشراكة وسياسة الجوار مع الاتحاد الأوروبي ان تلك الاتفاقيات اتفاقيات ووثائق قانونية تتناول كل مناحى الحياة ومنها الهجرة، وهو امر يجب التعريف به على نطاق أوسع ليعرف المواطن الأفريقي وكذلك الأوروبي محتوى مثل هذه الاتفاقيات بدل من زوابع إعلامية ليس لها أساس حقيقي.
وفي نهاية حديثها، اوضحت السفيرة الى ضرورة التنويه بان الادعاء بان أوروبا انفقت الكثير عند تمويل برامج التنمية في افريقيا ليس حقيقيا اذا ما نظرنا الى الامر بالتوازن مع استغلال الموارد الطبيعية الافريقية بدون مقابل حقيقي يذكر، وأنه لابد ان ننظر ونعيد التفكير في حجم الأموال التي تم انفاقها علي التنمية في أفريقيا مقارنة بحجم الأموال والموارد التي جففت وتم بيعها من أفريقيا بأسعار زهيدةً ورجوعا الى الهجرة والنزوح القسرى وتغيير سياسات الدول في موضوع هام مثل غزة، فاننا لا يمكن ان ننظر الى التنمية ووقف الحروب بدون النظر الى من يمولها، ، و انه لا يمكن تغيير السرديات المرتبطة بالهجرة دون الخوض في تغيير السياسات والذي يأتي مرتبط بضرورة وقف الحروب والتي لا يمكن ان يقف نزيفها ما لم يتم تجفيف منابع تمويلها، فإذا كان التغيير ما هو الا تصريحات سياسية للتسويف و لا تغير من الامر شيئا علي الأرض الواقع طالما استمر تدفق المال والسلاح لدعم آلية الحرب، وبلا شك عند الجلوس لموائد التفاوض حول الهجرة في افريقيا، يجب علينا معرفة الواقع وتحليله بشكل موضوعى بعيدا عن النفاق السياسي للوصول لحلول ناجعة لهذه المشكلة.
والحلقة النقاشية رفيعة المستوي التي انعقدت في بروكسل هدفت أن تعكس حالة الشراكة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة، قبل انعقاد المفوضية الأوروبية الجديدة في عام 2024 والقمة الوزارية الثالثة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي،وتسعي ان تكتشف ما يمكن القيام به لتقديم شراكة هجرة أكثر توجهاً بقوة نحو المنافع التنموية المتبادلة، و تقييم التحديات والمخاوف في جميع جوانب الشراكة المتعلقة بالهجرة في هذا الوقت الذي يشهد تصاعد التوتراتوالإصلاح والتغيير الانتخابي.
وشارك في الحلقة النقاشية باويل بوسياكيفيتش رئيس وحدة الشئون الدولية، في المديرية العامة للهجرة والشؤون الداخلية DG HOME بالاتحادالأوروبي ، وليندا أوتشو، المديرة التنفيذية للمركز الأفريقي لسياسات الهجرة والتنمية ، وكاثرين وولارد، مديرة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين(ECRE) ، وأدار الحلقة النقاشية شدى إسلام، المتخصصة ومعلقة في شؤون الاتحاد الأوروبي ومديرة مشروع نيو هورايزنز .
و تمثل حلقة النقاش الحدث الأول لمشروع شراكة مدته ثلاث سنوات بينETTG ومؤسسات المجتمع المفتوح (OSF) ، بعنوان "تقييم آثار التعدديات على العلاقات بين أفريقيا وأوروبا: نحو مزيد من الاهتمام والشراكةالمتساوية؟ و يهدف المشروع إلى استكشاف كيف يمكن لكلتا القارتين بناء شراكة حقيقية قائمة على المصالح بين متساوين ، و يتناول هذا المشروع أيضا مجموعة من الموضوعات، منها الأمن، والتصنيع الأخضر، وتمويل المناخ، والرقمنة، وإنهاء الاستعمار.
و وعادت فقالت ان "ECDPM " المركز الأوروبي لإدارة سياسات التنمية هو مركز " فكر وعمل" مستقل رائد له فرعان في ماستريخت بهولندا وبروكسل ببلجيكا و يهدف الي جعل السياسات في أوروبا وأفريقيا تعمل من أجل التنمية الشاملة والمستدامة ، ويقدم خبراء السياسة فيه تحليلاً مستقلاً وبحثًاشاملاً وأفكارًا جديدة ومشورة وتدريبًا حول موضوعات تتعلق بالمناخ والطاقة والغذاء والاقتصاد والتجارة والجغرافيا السياسية والتنمية والحكم والهجرةوالتنقل والسلام والأمن ، و يقدم أكثر من 70 موظفًا لديه من أكثر من 25 دولة حول العالم أبحاثًا مستقلة ومشورة ودعمًا عمليًا لصانعي السياسات والمستشارين والممارسين في أوروبا وأفريقيا وخارجها من أجل جعل السياسات تعمل من أجل التنمية العالمية المستدامة والشاملة."ETTG "وهي شبكة من مراكز الفكر الأوروبية المستقلة التي تعمل في مجال التعاون الدولي للاتحاد الأوروبي من أجل التنمية المستدامة العالميةً و "ODI "معهد التنمية الخارجية بلندن وهو مركز أبحاث مستقل متخصص في الشؤون العالمية.