الكاتب الصحفي صبري حافظ يكتب .. انهيار أمريكا
ارتفعت وتيرة التنبؤات بعد محاولة اغتيال الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب الأخيرة على يد الشاب توماس كروكس، بِقرب أمريكا من الانهيار، كـ مؤشر على الانقسام الذى يتزايد يومًا بعد يوم داخل المجتمع الأمريكى ورفع من درجة حرارة سخونته خطاب ترامب وبايدن المؤجج للكراهية خلال حملتهما الانتخابية.
محاولة اغتيال ترامب ليست الأولى التى يتم فيها اغتيال أو المحاولة لزعماء أمريكيين، بدءًا من إبراهام لينكولن، الرئيس الـ16 للبلاد، والذى تم اغتياله نهاية الحرب الأهلية الأمريكية عام 1865م، على يد «جون بوث» أثناء حضوره مسرحية «ابن عمنا الأمريكي» على مسرح فورد فى واشنطن، حيث اعتبر بوث ومن معه أن لينكولن «خائن» وانتهك الدستور، مرورًا بـ جيمس جارفيلد 1881 وماكينلى 1901 وجون كينيدى1963 ومحاولات لاغتيال جاكسون وثيدور روزفلت، وفرانكلين روزفلت، وترومان، وفورد، وريجان.
وليست المرة الأولى التى يتنبأ فيه البعض بالانهيار أو قربه، ففى عام 1787 تنبأ وقتها السياسى الأمريكى «باتريك هنري» بانهيار الولايات المتحدة الأمريكية عندما قال، إن أمريكا فقدت حيويتها وشبابها، رغم أنه لم يكن مر سوى 11 عامًا فقط على استقلال الجمهورية الوليدة ( يوليو 1776م)، وبين حين وآخر تتكرر هذه التنبؤات والتلميحات سواء مع الخسارة البشرية الفادحة فى حرب أمريكا فى فيتنام أو الحرب الكورية والتى فقدت فيهما ما يقرب من مائة ألف محارب، وحدث ذلك الشعور مع انسحاب أمريكا من أفغانستان والعراق.
ويتجلى هذا الإحساس مع تصاعد نجم الصين العسكرى والاقتصادى أو تنامى القوة العسكرية الروسية.
وزاد القلق الأمريكى مع عمق الخلافات الداخلية الحادة بعد وصول ترمب للرئاسة وخروجه واقتحام الكونجرس.
و رغم هذه الضربات والانقسامات من تباين ثقافى وعرقى وأصول لاتينية وغير لاتينيين من سود، وآسيويون، وهنود حمر والسكان الأصليون وغيرهم،وهجرات مختلفة إلّا أن أمريكا تتمتع بقوة اقتصادية وسياسية وعسكرية كبيرة تعطيها منعة وحصانة لعشرات العقود، خاصة أنها دولة «بِكر» بها موارد لم تستنفد بعد، وتتمتع بـ مساحة «دولة قارة» وتحظى بأغن وأضخم قوة مالية فى تاريخ الكون، ومنعزلة خلف كتلتين مائيتين «المحيطين الأطلنطى والهادى».
هذا الشعور الطاغى والقلق اللامتناهى من انهيار إمبراطورية بحجم الولايات المتحدة سيطر على كثير من مواطنيها خاصة المفكرين والمثقفين ومنهم عالم السياسة الأمريكى الفذ «صمويل هنتنجتون» والذى صدر قبل وفاته وبالتحديد فى 2004 كتابه الشهير «من نحن.. تحديات الهوية القومية الأمريكية» حيث شدد فى أحد محاوره على أن أمريكا أصبحت هى العالم، العالم هو أمريكا، وتبقى أمريكا هى أمريكا، هل هى عالمية؟ أم إمبراطورية؟ هل هى قومية؟ وهل تتفكك أمريكا وتصبح أممًا ودولًا من القوميات المتناحرة على غرار ما يحدث فى الشرق الأوسط، واختيار الأمريكيين هو الذى سيشكل مستقبلهم كأمة ويشكل معهم مستقبل العالم.
ولكنه عاد وقال، طالما يرى الأمريكيون أن أمتهم فى خطر فمن المحتمل أن يتولد لديهم إحساس قوى بالانتماء إليها، فإذا خَبا هذا الشعور بالتهديد، فإنه يمكن لهويات أخرى أن تأخذ الأسبقية على الهوية القومية.
كاتب المقال الكاتب الصحفى صبرى حافظ مدير تحرير جريدة الوفد.