الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : أسئلة مشروعة للكاتب الصحفى عبد المحسن سلامة

لا أحد ينكر مكانة الكاتب الصحفي الكبير عبد المحسن سلامة، صاحب التاريخ الممتد، والرصيد الثقيل في بلاط صاحبة الجلالة، ولا أحد يملك أن يزايد على حرصه على زملائه وقضايا المهنة، لكن من حق الجماعة الصحفية أن تطرح أسئلة مشروعة، على كل من يتقدم لموقع النقيب، خصوصًا عندما تكون التصريحات كبيرة، والوعود تتجاوز سقف التوقعات.
في تصريحات للكاتب الكبير عبد المحسن سلامة، أكد أن هناك تقريرًا صادرا من نقابة الصحفيين تضمن إلغاء 122 صحيفة، الأمر الذي يهدد الصحفيين العاملين بها بخسارة بدل التدريب والتكنولوجيا، مشيرًا إلى أن إعادة تشغيل هذه الصحف ستكون على رأس أولوياته في المرحلة المقبلة ؟!!!، وهنا يقفز السؤال الجوهري: كيف ؟ هل تستطيع أقوى الحكومات إعادة تشغيل 122 صحيفة ؟ هل هناك خطة تمويلية سوف يساهم فيها صندوق النقد الدولى ؟هل هناك شركاء استثمار؟ هل صندوق طوارئ النقابة ؟ أم أن الأمر لا يزال في خانة النوايا الطيبة؟
كيف سيتم إعادة تشغيل 122 صحيفة، بينما الواقع يؤكد أن بعضها أغلق بسبب الإفلاس، وعدم القدرة على سداد الأجور، وغياب موارد الطباعة والورق والتأمينات وندرة التوزيع بخلاف العديد من المشاكل والازمات الاخرى ؟
نحن لا نشكك، ولكننا نسأل.
فالحكومات نفسها ــ بكل ما تملك من أدوات وموازنات ــ لن تستطع إنقاذ هذه الصحف، فهل النقابة تملك ما لا تملكه الدولة؟ هل هناك تشريعات مقترحة لإلزام الجهات المعنية بإعادة تمويل هذه الإصدارات؟ وهل لدينا بيانات دقيقة توضح أسباب غلق كل إصدار؟ أم سنكتفي بإعادة إحياء العناوين دون مضمون أو رؤية اقتصادية واضحة؟
ثم نأتي إلى تصريح آخر مهم: تعديل أسلوب القيد في النقابة ووضع ضوابط للجان القيد، وهنا نريد توضيحًا، ما هي هذه الضوابط؟ وهل سيكون التعديل لصالح جودة المهنة؟ أم لتقييد شباب الصحفيين؟ وكيف سيتم الفصل في الطلبات المقدمة وسط اتهامات دائمة بالمجاملات في لجان القيد؟
أما التصريح الخاص بمد سن المعاش إلى 65 عامًا تلقائيًا، فهنا أيضًا نحتاج إلى إيضاح قانوني، قانون الدولة صريح المعاش عند سن الستين، والتجديد لمدة سنة أو أكثر مرهون بموافقة المؤسسة الصحفية، فهل هناك تعديل تشريعي مرتقب؟ هل تم التنسيق مع الجهات المعنيةبهذا الامر ؟ أم أن هذه الوعود اصطدمت مبكرًا بجدار الواقع القانوني؟
وأسئلة مشروعة أخرى تبحث عن إجابة
من بين التصريحات اللافتة أيضًا، ما أُعلن عن وعود بالحصول على وحدات سكنية وأراضٍ للصحفيين ، وهنا نطرح السؤال ببساطة وشفافية، هل تم بالفعل الحصول على وعد رسمي أو تعهد مكتوب من جهة حكومية؟ وإن كان قد حدث، ما هي مواقع هذه الوحدات؟ وهل ستكون بالقاهرة الكبرى أم في أطرافها؟ وكم عددها؟ وما شروط الاستحقاق؟
ثم ننتقل إلى الحديث عن زيادة غير مسبوقة في بدل التدريب والتكنولوجيا، وهو حلم مشروع لكل زميل في ظل موجات الغلاء المتصاعدة، لكننا نتساءل ما هو الرقم المتوقع لهذه الزيادة ؟ وهل هناك موافقة رسمية من وزارة المالية ؟ ومتى يبدأ الصرف؟
أما المشروع الحُلم، المستشفى الخاص بالصحفيين، فقد أصبح لازمة متكررة في كل موسم انتخابي، ونتمنى جميعًا أن نراه واقعًا، لا لافتة على السوشيال ميديا، والسؤال الآن من أين سيتم تمويل إنشاء هذا المستشفى؟ هل هناك استثمارات معلنة؟ شركاء؟ تبرعات؟ تمويل ذاتي من النقابة؟ ما هي الخطوات التنفيذية؟
أسئلة مشروعة، لا تحمل هجومًا، بل تنتظر إجابة واضحة تليق بعقول الصحفيين، وبمكانة من يترشح لقيادتهم، فالوعد إذا لم يتحول إلى خطة عمل، أصبح مجرد عنوان صحفي عريض، لا يسمن ولا يغني من البطالة!
أعتقد أن هذه الأسئلة المشروعة لا تحمل سوى النوايا الحسنة إلى أستاذنا عبد المحسن سلامة، وذلك بعد أن تساءل العديد من أصدقائي الصحفيين عن كيفية تنفيذ تلك الوعود، التي هي في الحقيقة حلم كل صحفي، سواء كان في صحف قومية أو حزبية أو مستقلة أو مواقع إلكترونية. ولا نعتقد أن يزعل منا أحد أمام تلك الأسئلة المشروعة التي بالفعل تحتاج إلى إجابات واضحة.
ونحن على يقين بأن الأستاذ عبد المحسن سلامة، بما له من تاريخ نقابي ومهني محترم، يدرك تمامًا أهمية المكاشفة والمصارحة مع الجمعية العمومية.
فلا أحد يختلف على نُبل الأهداف، لكن الشفافية في الطرح والوضوح في التنفيذ هما أساس بناء الثقة بين الصحفيين ونقابتهم، ولأننا لا نكتب بدافع الهجوم، بل من منطلق الحرص على أن تكون وعود اليوم هي إنجازات الغد، فإننا ننتظر الخطوات العملية التي تحوّل الأحلام إلى واقع.
ولا نظن أن طرح مثل هذه الأسئلة يزعج أحدًا، بل هو تأكيد على أن الصحفيين أصبحوا أكثر وعيًا بحقوقهم، وأكثر حرصًا على إنقاذ مهنتهم.
ولأننا نحترم قدر وقيمة الأستاذ عبد المحسن سلامة، فإننا ننتظر منه أن يضع النقاط فوق الحروف، ليطمئن الزملاء أن ما وعد به لن يبقى حبيس التصريحات.
فالأستاذ عبد المحسن سلامة ليس بعيدًا عن نبض الجماعة الصحفية، ويملك من الخبرة والرؤية ما يمكنه من الإجابة على كل التساؤلات بثقة وشفافية.
ومن منطلق المهنية والحرص على مستقبل الصحافة المصرية، فإن تلك الأسئلة لا تنطلق من منابر التشكيك أو النيل من الجهود المبذولة، بل تأتي في إطار الحوار البناء الذي يثري التجربة النقابية ويضع النقاط فوق الحروف.
فنحن جميعًا، وفي القلب منهم الأستاذ عبد المحسن سلامة، نسعى إلى نقابة قوية تدافع عن حقوق الصحفيين وتواجه التحديات الجسيمة التى تمر بها المهنة، سواء من حيث الأوضاع الاقتصادية أو مستقبل الصحف الورقية أو أوضاع الزملاء في المؤسسات المختلفة.
ولذلك فإن هذه التساؤلات، وإن بدت في ظاهرها حادة أو مباشرة، إلا أنها في حقيقتها نابعة من رغبة صادقة في دعم أى جهد مخلص يعمل لصالح الجماعة الصحفية، بل وتمنح الفرصة للرد والتوضيح والتفاعل، بما يعزز ثقة الزملاء ويعيد جسور التواصل بين الجمعية العمومية ومجلس النقابة.
وإيمانًا منا بأن العمل النقابي الحقيقي لا يكتمل إلا بالحوار وتبادل الرؤى، فإن هذا المقال يظل مفتوحًا لأي رد أو توضيح من الأستاذ عبد المحسن سلامة، أو من فريقه المعاون، لأن الهدف في النهاية هو الصالح العام للجماعة الصحفية، وإعلاء مصلحة المهنة التي نعيش بها ولها.
فالمساحات متاحة، والقلوب والعقول أيضًا مفتوحة لكل كلمة مسؤولة، تعيد ترتيب الأولويات وتطمئن كل صحفي بأن نقابته لا تنسى، ولا تتجاهل، ولا تتخلى.