عبدالرحمن سمير يكتب..اللحظات الأخيرة في حياة السنوار !
هل كان يتصور يحيى السنوار فى يوم من الأيام أنه سيصبح أيقونة مثله مثل عمر المختار و تشى جيفارا او مارتن لوثر كينغ او جان دارك او غيرهم من الأيقونات العالمية ؟.هل كان يدور بخلده وهو يواجه الموت وتحيط به العصابات الصهيونية أنه سيكون رمزا وقدوة للكثيرين ؟ وهل كان يظن للحظة واحدة وهو ينزف ويده مبتورة وتقترب منه تلك المسيرة الإسرائيلية ويقذفها بعصاه انها ستخلده فى كتب التاريخ ؟ لا اظن ولا اعتقد وأكاد أجزم ان أيا من تلك الأسئلة قد دارت في ذهن أو عقل أو نفس السنوار فى تلك اللحظات الأخيرة في حياته . بماذا كان يفكر السنوار فى هذا الوقت العصيب وهو يواجه الموت ومدرك يقينا أنها آخر لحظات فى حياته التى امتدت اثنين وستين عاما فقد ولد فى خان يونس فى 29 أكتوبر عام 1962 وكأن شهر أكتوبر يلازمه فى لحظة مولدة ،وكذلك فى لحظة انتصارة وحتى عند لحظة استشهادة .
هذه الحياة التى قضى معظمها داخل السجون الإسرائيلية سجينا ومقاتلا شرسا لا يلين او يخضع لهم ، لا يمكن لأى أحد ان يجزم بماذا كان يفكر السنوار فى تلك اللحظة او ماذا قال لنفسه حتى، فى أحد لقاءات السنوار أمام حشد من مؤيدي الحركة قال اشرف لى أن أموت على يد المحتل الإسرائيلي بدلا من الموت بكورونا أو بحادثة طريق .
كان السنوار مدرك أنه مشروع شهيد يمشى على الأرض مثله مثل من سبقوه من اخوانه ورفاقه مثل الشيخ احمد ياسين والرنتيسى وغيرهم فى حركة المقاومة الإسلامية وغيرها من حركات التحرر الوطني .
بعد السابع من أكتوبر والذى أذل فيه السنوار جيش الاحتلال الإسرائيلي والدولة الصهيونية واذاقهم عاراً لن يمحوه الزمن حتى لو إبيدت غزة عن بكرة أبيها فلن تنسى إسرائيل هذا اليوم وسيظل يوما اسودا على دولة الإحتلال حتى نهايتها .
ادرك السنوار وهو يخطط ليوم السابع من أكتوبر أن نهايته ستكون اقرب مما يظن لأن الوقائع على الأرض والمعطيات الإقليمية والدولية لن تسمح له وللمقاومة بالانتصار على إسرائيل .
لن تسمح امريكا والغرب ان تهزم حماس إسرائيل وهذا ما حدث فعلا فقد ساندت امريكا والدول الغربية إسرائيل بكل انواع الأسلحة حتى المحرم منها دوليا وجندت كل اجهزة استخباراتها وكل تقنية المعلومات والاتصالات المتطورة من اجل شيء واحد فقط ان تنتصر دولة الإحتلال .
على الجانب الآخر خذلت الدول العربية والإسلامية السنوار ورفاقه وتركتهم وحدهم يقاتلون أقوى دولة فى المنطقة ومعها اقوى دولة فى العالم.
عاش السنوار كما اراد ومات كما تمنى وبين الحياة والموت كتب لنفسه البقاء والخلود فى قلب كل حر جرئ وقلب كل مقاوم للحرية والعدالة والتحرر .
إن السنوار حالة فريدة من نوعها فقوة الشخصية والإرادة التى لا تنكسر حتى فى مواجهة الموت قاتل بكل قوة وكبرياء رغم كبر سنه قاتل مواجها جنود الاحتلال الذين خافوا المواجهة فطلبوا من إحدى الدبابات ان تطلق نيرانها على ذلك الملثم حتى ُاستشهد عزيزاً مرفوع الرأس.
لم يختف وراء الاسرى كما كانوا يزعمون، لم يتوار في الأنفاق كما كانوا يكذبون بل كان وسط رجاله وجنوده جنبا بجنب .
رحم الله السنوار شهيدا في سبيل وطنه وشعبه ومدافعا عن قضايا أمته ، ولا عزاء للمتصهينين العرب الذين فرحوا بموته وتشّفوا فى رجل لن يجود الزمان بمثله .