الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب: سيدى الرئيس .. من فضلك قولهم يقفلوا ” الحنفية ” أولاً !!
عقدت الحكومة مؤخرا مؤتمرا أطلقت من خلاله الخطة القومية لمكافحة المخدرات التى أصبحت فيروس خطير ينتشر بين أرجاء المجتمع مما أصابه بالوهن والضعف وتسبب ذلك فى وقوع عدد من الحوادث شديدة الإجرام ، هذه المبادرة تم إطلاقها بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى سبق أن تلقى تقارير من عدة جهات معنية تضمنت تحذيرات قوية من تفشى مختلف أنواع المخدرات داخل المجتمع ليس فقط الأنواع المتعارف عليها مثل الحشيش والبانجو والأفيون والهيروين وإنما ظهور أنواع جديدة من المخدرات والتى سبق أن ظهر معظمها فى " أمريكا " منذ قرابة ربع قرن من الزمان مثل الإستروكس والبودر والشبو الذى يطلق عليه أيضا إسم الآيس الخ .. وكلها أنواع تؤدى فى دخول المتناول لها فى نوبة من الغياب التام و " التوهان " وتجعله غير قادر على الحركة وفى الغالب يرتمى أرضا فى حالة غيبوبة تامة.
هذه التقارير سبق أن نشرنا جانبا منها قبل بدء العام الحالى وفى ذلك الوقت قلنا أن الرئيس سوف يطلق مبادرة فى عام ٢٠٢٤ لمكافحة المخدرات وأنه سوف يصدر توجيهاته للحكومة بالعمل على تبنى خطة تقضى على مافيا المخدرات خاصة وأن هذه التقارير تركت لنا رقما مفزعا لعدد المدنين فى مصر حيث بلغ نسبتهم نحو ١٠ % من عدد السكان أى ما يقرب من ١١ مليون مدمن فى مصر ، وإن الخبراء وأستاذة الصحة النفسية وعلاج الإدمان يؤكدون أن عدد المدمنين فى مصر حاليا يتراوح ما بين ١٥ و ١٨ مليون مدمن معظمهم من الشباب الذى من المفترض أن يكون هو ربان سفينة المستقبل.
وقد أعلنت عن إطلاق هذه المبادرة نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ،الدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الإجتماعى وهى فى الوقت ذاته رئيس صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى وذلك بحضور كلا من الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة والدكتور عدنان فنجرى وزير العدل والدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف وغاب عن هذا المؤتمر المسئول الأول عن مكافحة المخدرات وهو وزير الداخلية.
وقالت الدكتورة مايا مرسى إن تلك الإستراتيجية التى عكفت الحكومة على إعدادها لمدة عامين من الحوار بمشاركة فاعلة من المؤسسات الأكاديمية وكذلك الأهلية والروابط الشبابية المختلفة وبتنسيق كامل مع الجهات الدولية المعنية بالقضية ومنها مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات لضمان إتساق الإستراتيجية مع المواثيق والمعايير الدولية والإتجاهات الحديثة فى هذا المجال مشيرة إلى هذه الخطة بناء على توجيهات الرئيس السيسى خاصة وأن هذه الظاهرة منتشرة بصورة خطيرة بين الشباب ولا تقل تداعياتها الوخيمة على الأمن المجتمعى عن أخطار الإرهاب.
ولا شك أن هذا الملف يعد من أخطر الملفات التى تعانى منها مصر فى الوقت الحالى حيث أنه سيكون له أثر كبير فى إيجاد أجيال مغيبة من المفترض أنها ذخيرة مصر فى المستقبل والسند الذى سوف ترتكن عليه الدولة والحصن المنيع الذى يحميها ويصد أى عدوان عنها وحائط الصد الذى يحول بينها وبين الأعداء المتربصون بها فضلا عن أن هذا الملف يعد المتهم الرئيسى فى كثير من الجرائم الفجة التى تشهدها البلاد بشكل شبه يومى مما ترك لنا مجتمعا غارق فى الإنحلال والتسيب.
وتتضمن الخطة وضع برامج للتوعية والتثقيف بمخاطر المخدرات وعمل حصر دقيق لأعداد الساقطون فى براثن المخدرات بمختلف أنواعها وفى الوقت نفسه سيتم تطوير مراكز الصحة النفسية مع إنشاء مراكز ووحدات صحية جديدة للصحة النفسية وعلاج الإدمان فضلا عن إنشاء مستشفى كبرى تحت مسمى " سَكِينة " للصحة النفسية وعلاج الإدمان.
ولاشك أن هذه الخطوات تعد إيجابية وسوف يكون لها مردود إيجابى ولكن يعيب على تلك الحكومة عدة نقاط فى منتهى الأهمية منها أن توجيهات الرئيس فى المقام الأول مواجهة هؤلاء الأباطرة الذين يسيطرون على سوق المخدرات فى مصر ومحاربة تلك المافيا وتجفيف المنابع التى ينهل منها الأباطرة كل أنواع المخدرات مع فرض رقابة مشددة على العقاقير والمواد الكيماوية المستخدمة فى تصنيع تلك الأصناف القاتلة مع تكثيف الحملات الأمنية على أوكار المخدرات والتى يعلمها كل قسم ومركز شرطة جيدا مع تنفيذ العقوبات الغليظة على تجار المخدرات وعدم التخاذل معهم والإفراج عنهم بنصف المدة أو ربعها بالإضافة إلى إختيار عناصر أمنية نزيهة تتبنى عملية إحباط ترويج المخدرات والقبض على أفراد تلك المنظومة المشبوهة خاصة وأن هناك عناصر أمنية فى مختلف الأقسام ليسوا على القدر الكافى من النزاهة وهو ما يفسر عمليات الإفراج الفورى لبعض العناصر المتورطة فى منظومة المخدرات عقب القبض عليهم بساعات قليلة رغم ضبطهم متلبسين وبحوذتهم كميات كبيرة من المخدرات.
وبناء على تصريحات رئيس الوزراء التى أعلنتها نيابة عنه وزيرة التضامن الإجتماعى فإن الحكومة تبحث وضع هذه الخطة منذ عامين وهذا دليل على التعامل مع الملفات الخطيرة بمنتهى البطء فخلال هذين العامين إرتفع عدد المدنين ليتجاوز ٢٠ مليون متعاطى ومدمن وزادت الإستثمارات فى هذه المنتجات القاتلة لتصل إلى نحو ٥٠ مليار جنيه.
وأسوة بما إتجهت إليه الحكومة مؤخرا فيما يتعلق تغليظ العقوبات فلابد إن كانوا جادين فى مواجهة مافيا تجارة المخدرات الإتجاه نحو تغليظ العقوبات أيضا على كل من تشملهم تلك المنظومة المشبوهة.
إذاً فإن نجاح هذه الخطة وخروج الشباب من مستنقع المخدرات يقتضى أولا أن نغلق " الحنفية " التى تدر كل أنواع المخدرات وفى الوقت نفسه يتم علاج المدمنين وترويج برامج التوعية والإرشاد والذى منه وهذا هو الذى كان يقصده الرئيس السيسى إن كنتم لا تعلمون.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى