عبدالرحمن سمير يكتب....لماذا يكره البعض الديمقراطية ؟!
أنا ديمقراطي وأؤمن بالديمقراطية تلك الكلمة كانت السبب فى فشل أستاذ الأجيال المفكر والأديب (احمد لطفي السيد) فى انتخابات مجلس النواب المصري سنة1913م حيث استغل منافسه جهل الناس بكلمة الديمقراطية ومعناها وأذاع بين الناس أن معناها تحريم الحلال والكفر بالدين أن تتزوج المرأة بأربعة رجال وغيرها من الأكاذيب التى أدت إلى أن الناس اسقطوا هذا العالم الجليل فى تلك الانتخابات..
فى فيلم (البداية) للمخرج الكبير ( صلاح ابو سيف) وعلى لسان أحد أبطال الفيلم(جميل راتب) اتهم( أحمد زكى ) بطل الفيلم والمنافس له عندما أراد تشويه صورته أمام الجمهور البسيط انه ديمقراطى وكأنها سُبه ووصمة عار .
يجهل الكثير من الناس مفهوم وجوهر الديمقراطية ويعتقدون أنها مرادف للفوضى والخراب وتدمير الدول وأن الدول الغربية تصدر الديمقراطية للدول العربية من أجل خرابها وتدميرها من الداخل وهذه وجهة نظر لها ما يبررها ولها احترامها ، رغم ان الديمقراطية أبعد ما تكون عن الخراب والتدمير بل هى نظام الحكم الرشيد إذا استغلت فى الاتجاه الصحيح .
فالديمقراطية معناها حكم الشعب سواء أكان بطريقة مباشرة او عن طريق ممثلين عن الشعب ينتخبهم المواطنون بكامل حريتهم . والديموقراطية أنواع كثيرة مثل الديمقراطية المباشرة والديمقراطية الرقابية والديمقراطية التمثيلية والديمقراطية الدستورية والديمقراطية التعددية وكل شعب أو دولة تستطيع أن تاخذ بما يناسب ثقافتها وقيمها .لكن أساسها واضح وهو المساواة بين جميع المواطنين فى ممارسة الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية بكامل الإرادة. دون إكراه أو جبر أو إرغام أو تمييز بين الناس
البعض يكره الديمقراطية ظناً منهم أنها قد تؤدى إلى انهيار النظام السياسي للدول وأن هناك شعوب ليست مؤهلة لفكرة الديمقراطية خاصة بعد ثورات الربيع العربي وما نتج عنها من سلبيات كثيرة لم تكن الثورات هى السبب لها ولا كانت الديمقراطية هى سبب ما حل من حروب داخلية فى سوريا وليبيا واليمن والسودان بل نتيجة المؤامرات الداخلية والخارجية التى تكره للشعوب العربية أن تعيش في حرية وديمقراطية صحيحة ترفع من شأن أوطانها ودولها وتلحقها بركب التقدم والرقى والعلم وزيادة الإنتاج وعدم تبعية قرارها الوطنى لأى جهة أو حلف أو دولة .
يقول شاعر النيل (حافظ إبراهيم) مادحا الديمقراطية: رأى الجماعة لاتشقى البلاد به رغم الخلاف وراى الفرد يشقيها . فى الديمقراطيات العريقة المسئول هو موظف عند الشعب فليس هناك الزعيم الأوحد أو الرئيس الملهم أو القائد الفذ بل هو موظف يخدم الناس وهو محاسب من الشعب إذا أخطأ .
فمن مميزات الديمقراطية محاسبة المسؤولين المقصرين فليس هناك أحد فوق القانون الكل يتم محاسبته إذا تجاوز واستغل منصبه ومن مميزات الديمقراطية تداول السلطة بين الأحزاب السياسية المختلفة يصل إلى السلطة الحزب الذى يختاره الشعب بكامل إرادته وهنا لا تخوين أو اتهامات بالعمالة او عدم الوطنية .
وقد راينا كيف أن رئيس وزراء كندا يصل إلى عمله بالباص ورئيس الوزراء الانجليزي يركب مترو ويقف بينما باقى الركاب جالسين لا يهتمون لوجوده لأنهم يدركون أنه موظف عندهم . فى الدول الديمقراطية يخرج الرئيس من منصبه إلى منزله بعد انتهاء ولايته ويصبح فردا عاديا من الشعب .
الديمقراطية تحتاج لوعى الشعب وفهمه وصقله بأهميتها الكبيرة وفوائدها الجمة وانها ليست خرابا أو دمارا للأوطان بل هى حامية للدول والشعوب إذا استغلت الاستغلال الأمثل والصحيح .
يجب توعية الناس من خلال الإعلام و السوشيال ميديا ومن خلال المفكرين والمثقفين والساسة ومن خلال الأحزاب أن الديمقراطية ليست مؤامرة ضد الدولة وأن اختلاف الرأي بين الناس والأحزاب والمفكرين والمثقفين والساسة والنظام كل ذلك يصب في مصلحة الوطن وليس ضده .