الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب .. ” هوس ” الدراجات الكهربائية
اجتاحت المجتمع فى الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة لها تأثير سلبى كبير على مختلف أركان هذا المجتمع لما لها من أضرار جسيمة يتعرض لها المواطنين بسبب إنتشارها حيث تفشت داخل المجتمع سواء فى شوارع وحوارى القاهرة وبخاصة فى المناطق الشعبية المعروفة بزحامها وضيق شوارعها أو فى القرى بمختلف المحافظات وهى إنتشار الدراجات الإلكترونية الداعمة للكهرباء أو الدراجات الكهربائية " السكوتر " .. تلك المركبات التى ازدادت أعدادها بصورة ملفتة للأنظار خلال الفترة الأخيرة والتى من المتوقع أن يزداد الإقبال عليها خاصة مع بدء أجازة منتصف العام الدراسى وأيضا مع حلول شهر رمضان المعظم وعيد الفطر المبارك.
وفى حقيقة الأمر أن الدراجات الكهربائية سبق أن انتشرت فى العديد من دول العالم خاصة الصين والهند منذ بضع سنوات ويقدر حجم إستثماراتها على مستوى العالم بنحو ٧٢.٥ مليار دولار ، وهى تأتى فى إطار مواجهة الزيادات البالغة فى أسعار الطاقة والوقود وأصبح لها أنواع عديدة متباينة الأسعار حيث تباع أصناف خاصة بالأطفال بسعر خمسة آلاف جنيه وتوجد أنواع عديدة لكبار السن والبالغين بأسعار متفاوتة تبدأ ب ١١ ألف جنيه وحتى ٨٠ ألف جنيه غير أن الأنواع الأكثر شيوعا المستخدمة فى مصر والتى بدأت تغزو شوارع المحروسة تتراوح بين ٥ و ١٥ ألف جنيه.
وقد إستقبل الصبية بل والصبايا صغار السن هذا النوع الجديد من الدراجات بحالة من التهليل والترحاب فرحين بهذه الآلة الخفيفة السريعة غير المزعجة وسيطرت عليهم حالة من الهوس رغبة فى تأجيرها والإستمتاع بركوبها مما جعلهم يدخرون مصروفهم من أجل تأجيرها ، ونظرا لهذا الإقبال الرهيب على الدراجة الكهربائية قام المستوردون بالتعاقد على كميات كبيرة لتلبية الزيادة الهائلة على الطلب وهو الأمر الذى يتطلب ضرورة قيام الأجهزة الرقابية بالتأكد من وجود شهادات الإفراج الجمركى ، كما ينبغى أيضا أن تتم عملية بيع وشراء هذه المركبات من خلال المعارض المختلفة طبقا للمنظومة الضريبية المعمول بها حتى تحصل الدولة على مستحقاتها من هذا النشاط الذى تحول إلى ظاهرة خلال الفترة الأخيرة وتمكن من غزو الأسواق بسرعة كبيرة.
بمجرد أن بدأت هذه الدراجات
الكهربائية فى الظهور داخل المجتمع قام عدد غفير من أصحاب رؤوس الأموال المتواضعة بشراء أعداد كبيرة منها بغرض الإستثمار فيها من خلال تأجيرها فى ذلك النشاط الذى يدر أرباحا كبيرة حيث أنه فى بضع أسابيع يستطيع صاحب هذا المشروع أن يعوض قيمة ما دفعه فى هذه الدراجات حيث يتم تأجير الدراجة الواحدة بمبلغ ٢٠٠ جنيه فى الساعة الواحدة ، ولكن نظرا لممارسة العديد لهذا النشاط بدأت المنافسة الشديدة وهو الأمر الذى أدى إلى خفض قيمة الإيجار لتصل حاليا إلى نحو ٨٠ جنيه فى الساعة.
ورغم أن ذلك يمثل عبئا جديدا على كاهل الأسرة خاصة فى ظل حالة الغلاء الفاحش فى أسعار جميع السلع والخدمات غير أن هؤلاء الشباب يقبلون على تأجير السكوتر حتى لو كان هذا التأجير لمدة ربع ساعة فقط بمبلغ ٢٠ جنيه.
وقد تسبب إنتشار هذه الدراجات فى الحوارى والشوارع على أيدى شباب يتسم بالرعونة والاستهتار بل والإنفلات فى وقوع العديد من الحوادث والتى ينتج عنها تعرض كثير من المواطنين للإصابات المختلفة والدخول فى صراعات ونزاعات ومشاجرات بين الأهالى وبعضهم البعض ، بالفعل تكثر الحوادث خاصة وأن هذه الدراجات الكهربائية لا تصدر أى أصوات بل والأدهى أن أجهزة التنبيه بها ضعيفة للغاية وغير مسموعة خاصة فى ظل الزحام وحالة الزخم التى تعد عنوانا للشوارع خاصة فى المناطق الشعبية ، فضلا عن أنها بلا أى لوحات أو أرقام ولا يوجد بها أى علامة تساعد فى حصول كل من يتعرض لأى إصابة على أية حقوق خاصة وأن هذه الدراجات متشابهة مع غيرها ، بالإضافة إلى وجود أنواع منها شبيهة بالدراجات النارية فى الحجم والسرعة وقد تتسبب فى تعرض الأهالى للموت.
وفى ظل اتجاه الحكومة إلى ترشيد استهلاك الكهرباء والقيام بتخفيف الأحمال خاصة خلال أشهر الصيف فإن هذا النشاط المنتشر يؤدى إلى زيادة الإستهلاك بصورة كبيرة للغاية حيث يتطلب تشغيل هذه الدراجات أن تكون مشحونة تماما بالكهرباء والتى أصبحت أسعارها مرتفعة للغاية ، ولذلك يقوم الكثيرين بسرقة التيار الكهربائى للقيام بشحن الدراجات.
وهذا الأمر يؤكد أن أجهزة الرقابة على هذه المنظومة غائبة تماما ولم تقم بأى دور مطلقا تاركة المواطنين عرضة للإصابة فى اى لحظة على أيدى هؤلاء الصبية المستهترون.
إنتبهوا أيها السادة !!.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى