الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب .. شكرا ترامب لقد أخرجت أعظم مابداخل المصريين
إنصافا .. شكرا ترامب لقد أخرجت أعظم مابداخل أبناء الوطن من وطنيه صادقه ، وجعلت الجميع يخلعون عباءاتهم الحزبيه ويتخلون عن قناعاتهم السياسيه ، ويتمسكون بإرتداء ثوب واحد فقط هو ثوب الوطنيه ، بل إنك جعلتنا بحق الله نتعايش حاله من الإحساس بالمسئوليه الوطنيه ، تلك الحاله برزت بقوه فى هذا الإصطفاف الوطنى الذى أدركه الجميع فى التصدى لمحاولات ترامب المساس بالسياده الوطنيه على أرضنا ، وكان للجميع موقف وطنى محترم المعارضه جنبا إلى جنب مع الأحزاب التى تفتخر أنها خرجت من رحم السلطه على سبيل التعظيم ، دون إدراك أن رحم الشعب أسمى وأجل لأنه يضم السلطه التى يستمدون منها القوه ، أدرك الجميع فى هذا الموقف الوطنى النبيل أن المعارضة الوطنية المسئولة التى تعلى من قدر الوطن ، هى أحد أبرز مكونات النظام .
يقينا تلك الإنتفاضه ستكون ملهمه لإرادات المصريين ، وستظل محل دراسه للباحثين فى العلوم السياسيه ، ونبراسا وقدوه للأجيال القادمه ، بل ومثار فخرهم ، لذا يبقى من الطبيعى تناولها مرات ومرات ومن جميع جوانبها ولعله درس أعطاه كل المصريين لمن يستهين بإرادته ، ولايدرك عظيم وطنيته ، بل إننى شعرت بالطمأنينه بفاعلية المصريين حيال تلك القضيه المصيريه ، تأثرا بالوفود التى زحفت للوقوف أمام معبر رفح لإرسال رسالة للعالم وترامب بتضامن المصريين ، رغم ماتخللها من الشو الإعلامى نظرا لإقتراب الإستحقاق الإنتخابى لمجلسى الشيوخ والنواب ، وتصريحات الرئيس السيسى الواضحه والصريحه والتى كانت أقوى فاعليه من هذا الزحف على معبر رفح ، ومن قلق البسطاء من أهالينا الطيبين الذين أعيش بينهم ، هؤلاء الذين تناغموا مع تصريحات الرئيس بصدق لأنه ليس لأحد فيهم طموح سياسى ، أو رغبه فى الترشح ، بل إن بعضهم لايعرف من نائبه بالبرلمان لأن الحياه طحنته ، وجعلته لايفكر إلا فى كيفية توفير قوت اليوم لأولاده .
وحد هذا التصرف الأرعن لترامب كل المصريين ، وأعاد اللحمه الوطنيه ، وإدراك أهمية أن تكون المعارضه وطنيه بصدق ، وليست معارضه شكليه بلا قيمه أو غايه او هدف ، وأنها بحق ركيزه أساسيه من ركائز نظام الحكم ، وأن قوتها من قوة النظام ، الأمر الذى معه يتعين أن نعيد التفاعل الحقيقى للأحزاب جميعها ، وكفى تلك العزله التى تعايشت معها تلك الأحزاب طوعا أو كرها وقبولها بأن تكون ديكور ، إلى الدرجه التى معها لايدركون جيدا أبعاد واقعنا السياسى ، معارضه كانت أو حتى محسوبه على النظام ، وهنا يجب أن نعيد النظر فى هذا النهج ونعمل على تقويتها وليس تهميشها .
لعل من أهم إيجابيات هذا الموقف الوطنى أنه أخرج كثر من الساسه أصحاب الخبرات والتاريخ من عزلتهم التى فرضوها على أنفسهم ، ليقينهم أنه لاجدوى من حراكهم وعطائهم السياسى ، لأن من يتم تصديره للمشهد السياسى أو الحزبى أو حتى البرلمانى يتم تحديده وفق آليات لاعلاقه لها بمتطلبات ورغبات الشعب ، أو الإراده الشعبيه ، الأمر الذى معه كان من الطبيعى أن يعيش كثر حالة غير مسبوقه من الإنهزام النفسى ، لذا بات من الطبيعى أنه لاإحترام لرأى ، ولاتوقير لخلاف ، ولاقبول بالرأى الآخر بأى حال من الأحوال ، فأصبح من الطبيعى أن ينعت المنتمين لأحزاب المعارضه حتى ولو باتت شكليه الآن بصراحه شديده وكذلك كل الأحزاب كل من هم قريبين من صنع القرار بأنهم منافقين ، ومجرمين ، وفاقدى الوطنيه ، ومتخلين عن المبادىء ، حتى ولو كان من بينهم أكبر الخبراء ، وأعظم المبدعين ، على النقيض من ذلك نجد من ينعت كل المنتمين لأحزاب المعارضه ، أو من لديهم بعض القناعات السياسيه ، أو فرضت عليهم الظروف ألا يقتربوا من دائرة صنع القرار طوعا أو كرها ، بأنهم خلايا نائمه ، وقائمه ، أو إرهابيين مجرمين عتاه فى الإجرام ، بل والترويج بأنهم مغضوب عليه ، وكأنها إشاره أن يكون عرضهم مستباح ، ودمهم مباح ، الأمر الذى معه يصبح من الطبيعى أن تلوكهم الألسن ، ويدور حولهم غمزا ولمزا حيثما يكونوا ، بل وتنسج حولهم الحكايات التى تتسم بالنقائص ، وبذلك تتوه الحقيقه وتتحول ساحات الرأى إلى منطلقات للردح .
يتعين أن ننتبه إلى أن المعارضه الوطنيه المسئوله والحقيقيه وليست الديكوريه ، تلك المعارضه التى تعلى من قدر الوطن ، وتتمسك بأن يكون فى عليين ، ليست جزءا من النظام فحسب بل هى أحد أبرز مكونات النظام ، شاء من شاء ، وأبى من أبى ، لذا يجب أن يتصدى الجميع لتلك الأخطاء الكارثيه التى تعمق التضليل ، خاصة مايروج له البعض زورا وبهتانا أن كل من هم قريبين من صنع القرار أو بمنظومة الحكم منافقين ، مجرمين ، يستحقوا التجريح والتطاول ، دون إدراك منهم أن هؤلاء قد يكونوا بعقلهم الراشد أحد ركائز ضبط الأداء ، وتصويب الأخطاء ، والتصدى للخلل ، وتقريب وجهات النظر بين من بالسلطه والفصائل الأخرى طالما كان هناك أرضيه مشتركه مؤداها الحفاظ على مصرنا الحبيبة ، ورفعة وطننا الغالى .
يقينا .. إن ماطرحته من رؤيه من السهوله بمكان ضبط إيقاعها ، وتعظيم مابها من إيجابيات ، ومعالجة مابها من سلبيات ، شريطة إمتلاك الإراده الحقيقيه لتحقيق هذا الهدف النبيل ، وليس هذا فى تقديرى أمرا مستحيلا ، أو صعب المنال ، خاصة وأن هذا الوطن الغالى به مسئولين بالأجهزه الأمنيه ، والرقابيه ، ودائرة صنع القرار ، ودولاب العمل الإدارى على مستوى المسئوليه الوطنية ، حيث يتميزون بالحكمة ، والفهم ، والوعى ، ويدركون جيدا أبعاد هذا المنحدر الخطير الذى يضع الجميع فى دائرة الصراع الوهمى الذى يشغلهم عن التنميه ، وتحقيق التقدم والإزدهار ، وبناء مجتمع راقى ننشده جميعا ونتمناه لأبنائنا وأحفادنا .