رئيس عصابة يدفعني إلى التمثيل! .. مقال للفنانة أمينة رزق في مجلة الكواكب

نشرت الفنانة القديرة أمينة رزق مقالة لطيفة جدًا في مجلة الكواكب في العدد رقم 59 والذي نشر في 11 سبتمبر من سنة 1952 بعنوان "رئيس عصابة يدفعني إلى التمثيل".. جاء فيه:
قد يصلح هذا عنوان لقصة خيالية يضحك بها الكاتب على عقول السلج من القراء.. ولكن تلك هي الحقيقة المجردة التي أروى تفاصيلها.
والواقع أن ذلك القاتل لم يكن هو السبب المباشر لاعتلائي خشبة المسرح ، وإن يكن في مقدمة الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة، فقد كنت أقيم مع والدتي في قرية من أعمال طنطا على إثر وفاة والدى، وكنت ما أزال طفلة صغيرة السن لا أتجاوز ثماني سنوات ، وفي ذلك الوقت كان سكان طنطا والقرى المجاورة لها يعيشون في هلع دائم من عصابة يتزعمها رجل من الأشرار - نسيت اسمه - كانت تغير على البيوت فتقتل الناس وتسلبهم ثرواتهم في وضح النهار، ثم يسرع أفرادها بالإفلات قبل أن تصل إليهم أيدى البوليس.
ولما مات أبى سرى همس في البلدة حول الثروة التي تركها لنا، وكثرت الإشاعات، فمن قائل إنه ترك نقوداً ذهبية وورقية كثيرة ، ومن قائل إنه -ترك مصوغات تقدر بآلاف الجنيهات. وكانت والدتي لا تحاول أن تنفى هذه الإشاعات ، بل كانت لحسن نيتها تجيب على المتسائلين بأن المرحوم قد ترك لنا "السترة" .. والكلمة مطاطة يستطيع كل الناس أن يترجمها إلى لغة الكنوز !
ولم يكن والدى قد ترك لنا شيئا يطمع فيه الناس في الواقع .. ولكن كان لابد أن يصل الهمس حول التركة المزعومة إلى آذان العصابة إياها.. ودبر رئيس العصابة خطة لمهاجمتنا في الليل . حيث تفاجئنا العصابة ونحن نيام، فيذبحوننا، ثم يعودون بغنيمتهم ولا . من شاف ولا من درى، وكان بين أفراد العصابة رجل يدعى عبدالله، كان أبي يعطف عليه، وشق عليه أن نكون فريسة لأفراد العصابة التي ينتمي إليها .. ولكنه لم يكن ليجرؤ على معارضة الزعيم، فماذا يفعل لإنقاذنا، فأرسل إلينا عبد الله رسولا يطلب إلينا أن نترك البيت في ذلك اليوم على وجه السرعة إلى أي مكان آخر لأن العصابة قررت أن تسطو علينا.
وما إن سمعنا ذلك حتى أسرعنا بحزم بعض أمتعتنا ثم انطلقنا إلى طنطا هربا من الهجوم المرتقب ... ونزلنا في طنطا فلم يهدأ بالنا، وفكرنا في أن العصابة قد تقتفى أثرنا حتى طنطا، ولذلك واصلنا الهرب إلى القاهرة.
ولم نكن حتى وصولنا إلى القاهرة ندرى ما سوف تلقي بنا الأقدار إليه من مصيره، وإنما كان كل ما يعنينا هو الهرب بكل قوة من منطقة العربية كلها.
واستقر بنا المقام في مصر ، فكنت أصحب خالتي أمينة محمد في الذهاب لمشاهدة فرقة رمسيس ، وكانت خالتي جريئة أكثر من اللازم - وكانت تكبرني بطبيعة الحال - لدرجة أنها (جرجرتي) ذات يوم إلى كواليس الفرقة، وعرضت على يوسف وهي أن تعمل في فرقته.