الروائي الدنماركي ينس مارتن إريكسون: خروج المصريين على حكم الإخوان أمر رائع
يحتل الكاتب الدنماركي ينس مارتن إريكسون مكانة في الطليعة الثقافية ببلاده، وإريكسون من مواليد الدنمارك في العام 1955، حصل على درجة الماجستير في الآداب واللغات من جامعة أورهوس، وعمل كمحرر لمجلة "يوم الجمعة" الثقافية وكتب للراديو والتليفزيون والسينما والمسرح.
تناولت كتاباته الحرب الأهلية والصراعات الأثنية في يوغسلافيا، كتب العديد من المقالات والتقارير والكتب الوثائقية في تلك المساحة عن الحرب وجذور وتاريخ الكراهية منها "تشريح الكراهية"، و"سيناريو الخراب"، و"من عالم العقارب" وصدرت مؤخرا روايته "شتاء عند الفجر" عن دار ميريت للنشر والتوزيع، وترجمها إلى العربية المترجم سليم العبدلي.
تنقل رواية شتاء عند الفجر تجربة شخصية لأحد المجندين في المليشيا، وكيف تم تحويله إلى جلاد يقتل الأبرياء، دون أي سبب حقيقي، ويصف حالة الحرب..
عن الحرب وجذور الكراهية كان هذا الحوار مع الكاتب الدنماركي ينس مارتن إريكسن.
ما هو انطباعاتك عن القاهرة وهل هذه أول زيارة لك؟
هذه هي أول زيارة لي للقاهرة، لكن زرت مصر أنا وزوجتي من قبل كثيرا، وكانت الغردقة وجهتنا، بغرض السياحة .
هل ترى أن هذه الرواية بكل ما تحمله من تفاصيل حول الحرب والجحيم تنتمي إلى ما يسمى برواية الديستوبيا؟
علينا أن نأخذ فكرة حول الرواية أولا، فكرة الرواية بدأت حول حرب البوسنة والهرسك في في ظل تلك الحرب الأهلية، عام 1995، وراح ضحيتها مايقرب من 6 آلاف شخص، ومن هنا جاءت فكرة الرواية.
في تلك الفترة من الحرب الأهلية الناتجة عن تطرف عقائدي وديني من الطرفين سواء مسلمين أو مسيحين، كنت وقتها مازالت في دراستي.
ماذا عن انطباعك وماذا تبقى من تلك الذاكرة الجريحة عن تلك الحرب؟ ومن وجهة نظرك من السبب في بذر شجرة الحرب أولًا؟
ثمة يهود قتلوا من النازيين، وهذه يمكن وصفها بحرب عنصرية، ومن بعد المسيحيون قتلوا من المسلمين، ومن بعد المسلمون قتلوا من المسيحيين، يمكن توصيفها بحرب عاقائدية.. في سنوات دراستي في المدرسة كانوا يشيرون إلى استحالة أن يحدث هذا مرة أخرى، ولكن هذا ما حدث.
الرواية هنا لا تكتب التاريخ، لكن هي محاولة لتوصيل ما يجري من أخطاء جوهرية حولت الناس إلى قتلى وضحايا، هي محاولة لترجمة الأ عمال الشيطانية في العقل البشري.
كان تفكيري في كيف يمارس الناس فعل القتل، وما يدفعهم للحرب، وكيفية خسارة الشباب في وقت مبكر هويتهم وانتمائهم ثمة تحول بشري جرى من الطفولة لتسميم أفكارهم برؤى مغلوطة عن الدين ليتحولوا إلى قتلة أيا كان انتماؤهم الديني أو العقائدي.
هل يمكن لنا وصف الرواية بأنها تطرح وتناقش الجحيم وترفض أسبابه؟
الرواية تناقش فكرة اللعب،على وتر الدين وبرمجة العقول بأفكار لا إنسانية من خلال تمرير أفكار عقائدية مغلوطة، وكيف يتم تقديم الأديان والعقائد كمبرر للقتل عبر تلك الجماعات التي تسمى بالدينية على الجانبين "مسلمين ومسيحيين".
بطل الرواية يبحث عن هويته طول الوقت، ويحاول فهم النفس البشرية، ولكن يبقى الدين طول الوقت هو المحرك الأساسي للفهم لديه وهاجسه ومبرره الأوحد لكل أفعاله.
تعايش قراؤك مع بطل الرواية حتى بات تساؤلهم الأوحد هل بطل الرواية يمت للحقيقة بصلة وهل هو موجود على أرض الواقع؟
ثمة نجاح لمسته عندما كان يطرح على سؤال هل هذا الشخص حقيقي، هذا الشخص بالطبع غير حقيقي، ولكن نجح في أن يلمس تفكير القراء ويجعلهم يطرحون نفس أسئلته حول الهوية والأديان والعقيدة.
فقد عشت الحرب بكل تفاصيلها ولكن كمتابع قريب من أحداثها، لذا جاءت الرواية بعد سنوات من انقضاء الحرب.
هل يمكن وصف الرواية بأنها تنتمي للرواية التاريخية أو بأنها تأريخ للحرب؟
ليس بالضبط، ولكن كل ماحدث في الحرب من جحيم ستجده في الرواية، الرواية تأخذ الحرب قاعدة للحديث عن النفس البشرية تحولاتها وأزماتها وأسئلتها، الرواية لا تتحدث فقط عن الضحايا، ولكن ثمة تعاطف مع القتلى، وذلك بالرجوع إلى الأسباب التي دفعتهم لذلك القتل وهذا لا يعني أبدا تبرير ممارسة القتل.
ثمة شخص عاش قصة حقيقية مجبر فيها على القتل.
كيف ترى "الكراهية"؟ وهل تظن أن معاني "الحب والكراهية" هي معانٍ جاءت من الشرق؟
قدمت كتابا توثيقيا تحت عنوان " تشريح الكراهية" وهو عن أحداث البوسنة والهرسك، ووصلت إلى أن الكره جزء منظم لترسيخ وتجذير أفكار العداء للآخر.
الفاشيون والنازيون المحرك لهم هو حركات سياسية وعنصرية، نموذج البوسنة والهرسك الحركات التنظيمة المتطرفة تتخذ من الأديان قاعدة ثابتة، سواء مسيحي أو مسلم، ولكن أنت مدفوع بمحبتك لدينك وعقيدتك لكراهية الآخر ظنا منك أنك أنت الأفضل والآخر هو الأدنى؛ لذلك يستحق الكراهية وكأننا ندفع بمقولة الله محبة بعيدا عنا وأن الله هو إله كره ونبذ للآخر، أنا لا أقصد هنا بكلامى دينا معينا ولكن أقصد الفكر المتطرف لبعض الذين يدعون الدفاع عن دينهم بكراهية الآخر ونبذه فصار التقرب للإله بالقتل والترويع وكراهية الآخر.
هل نستطيع أن نفهم من كلامك أن الكراهية ونبذ الآخر سببهما وجود الأديان؟
أي شيء مقدس له قوة ما، ومعتنقو تلك الأديان يأخذون الدين كمبرر للكراهية ويستمدون قوته منه، وهذا على عكس ما جاءت من أجله الأديان.
هل السلطات السياسية في تلك المناطق صنعت من الأديان قوة دافعة لكراهية الآخر؟
الدينأاحد أدوات السلطات السياسية في الدفع إلى الحروب وللكراهية، بل يمكن وصفه بالقوى العظمى ويتم استثماره بشكل واضح ومباشر في الدخول للحرب، في الشرق الأوسط تحديدا هو أكثر المناطق في العالم استخداما للدين بشكل يسيء للأديان.
هناك من يريد أن يكتسب سلطة سياسية، وأسهل تلك الأشياء وأكثرها وصولا هي الأديان والعقائد، لذا يتم استخدامها واستثمارها للوصول إلى السلطة.
ثمة مسلمون في أوروبا يبحثون عن شكل حياة تشبه حياتهم الدينية، في المظهر وطريقة الحياة هم يبحثون عن خلق تلك الحالة، ولكن هؤلاء ليسوا الغالبية ، وهذا ما صنع الإسلاموفوبيا.
ثمة استخدام سيء للأديان في مجتمعاتنا هدفه الرئيس اتخاذه كسلطة وقوة للدفع إلى لكراهية ومعاداة الآخر.
كيف ترى منطقة الشرق بعد ما يسمى "ثورات الربيع العربي"؟
الإسلام المتطرف هو المسيطر في منطقة الشرق الأوسط، ويستخدم كمحرك، يتم استخدام الدين كمقدس هو ماحدث في مصر للوصول للحكم، ومصر وإيران كسلطات كان ينظر لها بالفاشية في عهد حكم الإخوان، خروج الناس في مصر على ذلك كان شيء جيد .
خاصة أن الإسلام المتشدد لا يقبل الواقع، ويتعامل بآليات قديمة وضد الحضارة الإنسانية والحرية.
كيف ترى خروج المصريين على حكم الإخوان المسلمين ؟
ثمة أشياء تقول إن هناك شيء حدث، هو خروج الناس على تلك الفاشية التي تحكمهم، وهذا بطبيعة الحال خطوة جيدة نحو التحرر، وهذا لا يمنع أن نشير إلى أن جذور الإسلام السياسي في مصر قديم، فقد بدأ مع حسن البنا، وكان هدفه الوصول للسلطة.
ماذا كان يعني لك وجود مرسي على رأس السلطة المصرية؟
كان يعني لي ذلك أننا مقبلين على دولة تحكمها الفاشية الدينية.