مشاهد إنسانية من حياة الاميرة ديانا
علي الرغم من قصص وحكايات الأمير ويليام وكيت ميدلتون، ودراما الأمير هاري وميجان ميركل، وما أثارته من جدل، فإنها لا تقارن بذلك السحر الذي أحاط بحياة والدتهما الراحلة الأميرة ديانا، التي لا تزال تتربع في قلوب البريطانيين، ليس بسبب طلتها وجمالها اللذين كانا يجعلانها مادة خصبة للصحافة حينذاك، وإنما بسبب ذلك الملمح الإنساني الصادق وشديد القرب من الناس، والذي لم يبارِها فيه أحد منذ رحيلها حتى الآن. وهنا نستعرض شيئا من تلك المشاهد الإنسانية في ذكرى رحيلها، علّها تكون تذكرة لما يجب بحق أن يبقى في الأذهان.
كانت الملكة إليزابيث التي تعتلي العرش منذ عقود طويلة، الفترة الأطول في تاريخ بريطانيا، باستثناء الملكة فيكتوريا، والتي أصبحت ملكة وهي شابة لم تتجاوز خمسة وعشرين عاما، ولا تزال - بإجماع مؤيديها والمختلفين معها ـ نموذجا في تطبيق البروتوكول والتناغم مع الذات والهيبة الملكية طوال ستة عقود، شهدها البريطانيون فى كل مراحل الأمومة، ولكنها كانت على الدرجة نفسها من السيطرة على الانفعالات والوقار والتكتم. فصحيح أنه قلما استطاع أحد أن يلتقط سقطة تؤخذ عليها خلال فترة حكمها حتى الآن، إلا أنه قلما أيضا أن تلتقط الكاميرا لحظة انفعال واضح، أو حزن جم، أو فرحة عارمة، أو فيض من حنان وتعاطف. كانت تلك الصورة النمطية التى ارتسمت فى الأذهان عن نساء القصر الملكي، حتى ظهرت ديانا فى المشهد.
أمومة حقيقية
منذ زواجها عام 1981 ظهرت على الأغلفة ونشرت أخبارها في الصحف، وبدا منذ اللحظة الأولى أننا أمام أميرة مختلفة. وكما ارتبط اسمها بالأعمال الخيرية وبخاصة المتعلقة بمكافحة الإيدز والألغام، ارتبط أيضا بالتواصل اللصيق مع الناس، وبعدم التواري بالمشاعر خلف جدران عالية، لذلك عندما توفيت في عام 1997هي وصديقها ابن الملياردير المصري محمد الفايد في حادث سيارة أليم انفطرت قلوب الناس، وأطلقوا عليها أميرة القلوب دون أن يطلب منهم أحد ذلك التكريم، وشهدنا حزنا عليها من قبل الناس بشكل غير مسبوق. في أواخر الثمانينيات كانت مشكلات كبيرة بين ديانا وتشارلز أدت إلى الانفصال، وكان كل منهما يتحدث لوسائل الإعلام العالمية، ويتهم الآخر بأنه السبب في انهيار الزواج، لكنها حتى فى أوج انهيار حياتها الخاصة كانت الأم الحنون والقلب الكبير الذي يعيش مع الناس آلامهم.
داعمة للمنظمات الخيرية
في الفترة من منتصف الثمانينيات إلى أواخرها اشتهرت بدعمها للمشروعات الخيرية، وكان ذلك نابعا من دورها بوصفها أميرة ويلز، فقامت بعدة زيارات للمستشفيات للاطمئنان على أحوال المرضى، كما اهتمت برعاية مختلف المنظمات الخيرية وبعض الأمور المتعلقة بالصحة. وكانت للعلاقات العامة دور مهم في فرض نفوذها بشكل إيجابي من خلال حملة ضد الألغام الأرضية. وشوهدت صور ديانا في جميع أنحاء العالم من خلال رحلتها إلى حقل ألغام في أنجولا وهي تلبس خوذة وسترة واقية من الرصاص، وفي أثناء تلك الحملة اتهمها حزب المحافظين بالتدخل في الشئون السياسية. وفي أغسطس 1997 قبل أيام من وفاتها زارت البوسنة مع مجموعة من الناجين من الألغام الأرضية، وكان كل اهتمامها ينصب على الإصابات التي تتسبب فيها هذه الألغام، والتي غالبا ما تحدث للأطفال بعد صراع طويل انتهى. وفاز هذا الموضوع بجائزة نوبل في عام 1997، كما كانت تساعد على تغيير الرأى العام نحو المصابين بمرض الإيدز. ويذكر أنها في أبريل 1997 كانت أول شخصية من كبار المشاهير تلمس شخصا مصابا بفيروس الإيدز داخل منظمة سلسلة الأمل. الصور التي سجلتها عدسات الناس والصحافة تعرض لقطات من حياة ديانا، وتلقي بظلالها على ملامح شخصيتها بوصفها أمًّا رفضت أن تتقيد بالقيود الملكية فيما يتعلق بالتعبير عن مشاعرها لطفليها. فنجدها فى صورة شهيرة للمصور چون سوانيل عام 1994 مع طفليها فى نوبة من الضحك الهستيري، وأخرى عام 1986 فى مايوركا وهي تحتضن برِفْق الأمير هاري مبتعدة به عن القصر الملكى الإسباني لتمنحه من حنانها بعيدا عن الناظرين، وثالثة عام 1988 وقد تعلق الأمير ويليام برقبتها.
لقطة إنسانية رائعة
لقطات أخرى تلقي الضوء على ديانا الإنسانة عام 1997 فى أنجولا، فى تلك الصورة الشهيرة التى جمعتها مع فتاة فقدت إحدى ساقيها فى حادث بأحد المناجم، لتلفت النظر إلى المظالم التى يتعرض لها العاملون فى هذا المجال، لتتصدر اللقطة التي تمسح فيها ديانا برفق على خد الفتاة الأغلفة حول العالم. أيضا الصورة التى أخذت لها فى العام نفسه فى سراييفو، عندما كانت تزور قبور ضحايا حرب البوسنة، وحينذاك التقت أُمًّا تبكي ابنها وعلى الفور أخذتها بين ذراعيها فى واحدة من اللقطات التى تتحدث بحق عن تلك المرأة وإحساسها بالناس، ماتت ديانا عقب ذلك بثلاثة أسابيع فقط.