فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمحلل المالى يكتب ..لا وعى و لا حضارة مع الامية
الوعي المطلوب فى كل عصر يكون على قدر علوم وسمات وتحديات ذلك العصر، أيضا على قدر عوامل النجاح وكذا معوقاته التي يتبناها ويعدون لها عدتها ويجندون لها جنود الداخل والخارج ويسخرها اعداء ذاك النجاح المنشود لمصرنا وأمتنا العربية،
نحن فى عصر الرقمنة والتحول الرقمي وابتكارات النانو تكنولوجي والذكاء الاصطناعي، وحوار الآلة التي تحاور الإنسان حوار تليفزيوني صحفي أعلامي وتناقشه فى قضايا الإنسان والحياة، واستخدام الضوء نفسه بدلا من الألياف الضوئية لنقل البيانات الضخمة واكتشاف مجرات ومجموعات شمسية غير التى تسبح في فلكها الكرة الارضية التى نحيا عليها.
فى رحاب كل ذلك كيف لنا أن نظل نُعيِد ونُكَرِر وما زلنا غير قادرين على مَحوِها تلك هي " أمية القراءة والكتابة ".
أمية القراءة والكتابة كانت هى الأمية فى العقود الأولى من القرن الماضى، ثم أُضِيِف الى تلك الامية مركب آخر هو أمية الحاسب الآلى، فأصبحت أُميَتُنا أمية ثنائية الأبعاد تماما كصورة التلفاز التى كانت تُبَث بالأبيض والأسود ثم بدايات البث الملون فى خمسينيات القرن الماضي، ثم توالت مُخرجات وتطبيقات عصر الكومبيوتر " الحاسب الآلى " وثورة الإتصالات حتى وصلنا إلى ما تحاول مصرنا اللحاق به من ركاب الرقمنة والتحول الرقمى والذكاء الاصطناعى ...إلخ.
وبنظرة فاحصة الى الأمية فى بلادنا نكتشف انها اصبحت " أمية سداسية الأبعاد "، وبذلك تكون الأمية المصرية والعربية قد سبقت عصرها وكل العصور " إلى الخلف" ليس إلى الامام.
دولة الصين ابتكرت وتنشر تقنية الجيل الخامس، تلك القفزة التكنولوجية الرقمية التى أرعبت دول عظمى كما كان يطلق عليها قبل صعود دولة الصين، والسباق لن يتوقف بين عدد من تلك الدول التى اصبحت تقريبا على خط واحد او خطوط متقاربة من التقدم التكنولوجى والرقمى والفضائي.
والمسافة كبيرة بيننا وبينهم، منذ ثورة ٣٠ يونية دأب الرئيس يقول " ما فيش وقت " وينادى باليقظة والوعي ووفرت الدولة والقيادة السياسية كل ما تستطيع ومنحت الصلاحيات للنهوض بالتعليم والبحث العلمي، وها نحن على بعد ايام من بداية ٢٠٢٢م وعلى بعد ٩ تسع سنوات فقط من ٢٠٣٠م.
• هل ٩ تسع سنوات كافية لمحو أمية مركبة ومعقدة " أمية سداسية الأبعاد " فى شعب جاوز عدده المئة مليون في فبراير ٢٠٢٠م؟ هل توجد خطة لدى الحكومة تستطيع بها تفكيك ذلك المركب الصلب المُعقد الذي تكون على مر عهود وأصقلت تعقيده وخُبثَهُ عوامل تعرية التجهيل والإهمال والإرهاب وخلق أيدولوجيات محاربة وهادمة للثقافة والفنون والآداب والنشر والتنوير؟
• وهل " النخبة المُستفيدة وحدها من نُخبَويتِها" على استعداد لفهم وإدراك خطورة ذلك المركب سُداسي الابعاد حتى على فوائدهم الفردية من تواجدهم المؤقت فى دائرة النخبة وهل آن لهم أن تنتفض أرواحهم " التى هى من أمر ربى " إلى الخير التى خلقها الله عليه؟ هل تعلم هذه النخبة معنى الإيثار أو العمل الوطنى أو العمل العام؟ هل تعلم تلك النخبة معنى كلمة " الوعي" وكيف يتشكل وكيف يتطور بتطور التحديات؟؟
تلك النخبة التي تُعَوِلْ عليها القيادة السياسية في مسيرة التنمية ومواجهة تحديات العصر والوصول بالأمة الى أهداف 2030 المنشودة.
• إن من أخطر آثار الأمية ما نحن فيه الآن من: ضياع روح الأمل وضياع الادراك والإحساس بالتخلف وضياع الحافز للمطالبة بالحقوق الإنسانية.
• من أهم حقوق الإنسان أن يتعلم ويعيش فى مجتمع متعلم ويكون جزءا من محيط " غلاف " الوعي الذي يحمى هذا المجتمع ومكتسباته.
• لقد توارت روح وحوافز الانتماء الوطنى كما توارت العديد من سمات الوعي والحضارة وشيم الأصالة العربية وأخلاقها خلف حُجُب الأمية.
* لأن الحضارة تراكم انجازات، والانجازات لا تتحقق الا بالعلم، فمجتمع أمي لا يستطيع بناء أو الحفاظ على حضارة ولا يستحق الريادة، حتى وإن امتلك المال.
قال تعالى فى سورة البقرة:
.... وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) صدق الله العظيم.
كاتب المقال فتحى ندا .. الخبير الاقتصادى والمحلل المالى
مقالات قد تهمك:-
فتحى ندا الخبير الاقتصادى والمحلل المالى يكتب.. سياحة الترانزيت كنز مهمل اضغط هنا
فتحى ندا يكتب .. حَرْبٌ السِلْمِ وَالحَرْبِ... كَلِمَة اضغط هنا