أكثر من ٨٠ ٪ مدخن يوميا.. ٤١٠ جنيه أستهلاك شهري
27 مسلسلًا تضمنت 1126 مشهدًا للتدخين.. مافيا شركات التبغ.. أرباح تتعدى مكاسب تجارة المخدرات
وفاة 95 ألف مصري كل عام من أمراض مرتبطة بالتبغ
انتشار التدخين بمصر جعلها في مقدمة الدول التي يتوغل فيها الدخان وفقاً لمؤشرات البحث الذي أجرته منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة لعام 2017، والذي أوضح أن 25% من المصريين يستخدمون التبغ.
منظمة الصحة العالمية وجمعية مكافحة التدخين عقدتا ندوة بعنوان "دور الإعلام والدراما في مكافحة التبغ في مصر" لرصد انتهاكات الدراما فيما يخص الترويج والإعلان لمنتجات التبغ وجهود وزارة الصحة في مكافحة هذه الظاهرة حيث حذرت المنظمة العالمية من ارتفاع نسبة المدخنين في مصر وكيف يمكن للإعلام والدراما المساهمة بشكل إيجابي وفعال في مكافحة التبغ بمختلف منتجاتها.
قامت الشركات المنتجة للتبغ بالترويج لمنتجاتها بطرق مختلفة ومخالفة للقوانين، من خلال نشرها تحت إدعاء أنها أقل ضرراً باستخدام الفنانين والمشاهير على الإنترنت في الترويج للمنتج الجديد، وكذلك تقديم تسهيلات وعروض للجمهور، خاصة الشباب من خلال أكشاك مميزة في المولات، فضلا عن الأعمال الدرامية، وكل هذا يجرمه القانون المصري لمكافحة التبغ بمنع الترويج والإعلان عن منتجات التبغ بكل صوره وأشكاله بل وأمتد الأمر لوجود ملصقات إعلانية.
وهذه مخالفة صارخة لقوانين مكافحة التدخين التى ضربت به شركات التبغ عرض الحائط بالإعلان والترويج عن منتجها رغم الخطوات الجادة التى تنتهجها الدولة لتقليل معدلات التدخين، حيث بدأت مصر في اتخاذها منذ عام 1981 ومنها القانون 85 رقم لسنة 2002 وقانون 154 لسنة 2007، كما وقعت على الإتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ عام 2005 حيث تعهدت الدول بخفض استهلاك التبغ بنسبة 30 %، كهدف عالمى، قبل حلول عام 2025 ولكن شركات التبغ كان لها رأى آخر..
كارثة كبيرة
فاطمة العوا «المستشارة الإقليمية لمبادرة التحرر من التبغ التابعة لمنظمة الصحة العالمية»، أكدت أن الإعلان عن التبغ ومنتجاته المختلفة الحديثة والقديمة كارثة كبيرة في زيادة استخدام التبغ، وأثبتت أوراق شركات التبغ التي ظهرت عقب عمليات التقاضي الكبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية كيف استخدمت شركات الدعاية والإعلان لجذب مزيد من المدخنين بم فيهم الأطفال.
وقالت العوا: من أول السياسات التي تم تطبيقها في الإقليم هى منع الدعاية والإعلان في كثير من دول الإقليم، لكن شركات التبغ قامت بعمل تحايل وألاعيب على هذا المنع لنجد الكثير من المسلسلات تحتوي مشاهد تدخين بكثافة ليس لها علاقة بالدراما ولا التوظيف الدرامى، وبذلكا فتكون شركات التبغ خالفت القانون المصري الذي منع الدعاية عن التبغ وكذلك خالفت المادة 13 من اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ التي صدقت عليها مصر عام ٢٠٠٥.
ونوهت العوا أن وجود التبغ في الدراما يشجع الشباب علي استخدام التبغ بكثافة ، لذلك لابد من التصدي لهذه الظاهرة من خلال القوانين من خلال إجراءات أوصى بها الخبراء الدوليين وتتضمن منع مساهمة شركات التبغ في دعم الأعمال الدرامية، وإقرار المنتجين بعدم تلقي مبالغ مالية من شركات التبغ، وكذلك التصنيف للأعمال الفنية بحيث لا يوجد مشاهد عن التبغ داخل أعمال درامية موجهة للصغار.
ولافتات الإعلانات المباشرة عن منتجات التبغ المسخن مخالفة للقانون، وتتواجد في أماكن تجمع الشباب في مصر كـ المحال التجارية "السوبر ماركت"، الملحقة بمحطات البنزين تعتبر مخالفة صريحة للقانون.
ودعت الدولة للتصدي لهذا الترويج لحماية أجيال الشباب من المنتجات الجديدة للتبغ التي تغرق السوق المصرية فى الوقت الحالى، خاصة بعدما أشارت الإحصائيات أن نسب التدخين بين بعض الفئات العمرية للرجال تتجاوز الـ ٥٠٪ وأن مصر إذا ما استمر استهلاك التبغ بها بوضعه الحالي لن تتمكن من تحقيق الهدف العالمي لخفض استهلاك التبغ ٣٠٪ مع عام ٢٠٢٥، لذلك يجب تقوية إجراءات وقوانين مكافحة التبغ وتطبيقها بكل صرامة لنصل للهدف العالمي المنشود ولا نتخلف عن الركب الدولي في هذا المجال.
وأضافت أن مصر قادرة على ذلك، فاستطاعت التصدي لمشاكل صحية سابقا بما فيها القضاء على البلهارسيا وشلل الأطفال وفيرس سي، ومازالت تسعى للقضاء على كل مايضر بصحة مواطنيها.
دراما الدخان
أشار الدكتور عصام المغازي، رئيس جمعية مكافحة التدخين، أن معدل استهلاك التبغ في مصر يعتبر من أعلى المعدلات في إقليم الشرق المتوسط وجميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن الدراما التلفزيونية المصرية تساهم في انتشار التدخين، وأن الرصد الذي تم عن انتهاك قانون مكافحة التبغ خلال شهر رمضان 2021 كشف أن هناك نهجا غير مباشر للإعلان عن التبغ.
وتابع المغازى قائلا: فريق الدراسة الذي قام برصد مشاهد التدخين في دراما رمضان 2021 وعددهم 27 مسلسلًا تضمنت 1126 مشهدًا للتدخين، وبلغت إجمالي مدة التدخين في كل المسلسلات المعروضة 1092 دقيقة بما يعادل ١٨ ساعة أي ٤٪ من المدة الزمنية للمسلسلات.
وأوضح المغازى أن قائمة أعلى 10 مسلسلات من حيث مشاهد التدخين بالترتيب، "ملوك الجدعنة، لحم غزال، اللي ملوش كبير، كله بالحب، ضد الكسر، كل ما نفترق، قصر النيل، القاهرة كابول، موسى، حرب أهلية".
تجارة المافيا
وشددت الدكتورة راندا أبوالنجا «مسئول الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية»، على أهمية مكافحة التبغ والآثار الصحية والاقتصادية المدمرة لاستهلاك التبغ، موضحة أن التبغ يكلف المصريين 90 مليار جنيه سنوياً ما يعادل ٢.١٪ من الناتج المحلي.
وقالت أبو النجا أن الاستثمار الآن في تدابير مكافحة التبغ سيوفر أكثر من 249 مليار جنيه مصري، وأن التبغ المسخن من الأنواع الحديثة للتبغ والتي تروج له الشركات المنتجة أنه أقل ضررا لأنه يسخن ولا يحترق، وهذا غير حقيقي لأنه يحتوي على سموم مثل الدخان العادى.
وعبرت مسئول الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية عن الوضع الحالى لاستهلاك التبغ فى مصر وفقاً لآخر إحصائيات قائلة: وصل عدد مدخني التبغ الحاليون لـ ٢٢.٧٪ من البالغين و ترتفع إلى ٤٣.٥ بين الرجال، وأكثر من ٨٠ ٪ مدخنون يوميا ، وتصل نسبة التدخين بين طلاب الجامعات لـ١٦.٥٪ وارتفعت إلى ٢٩٪ بين الذكور، و متوسط الإنفاق الشهري على السجائر المصنعة بلغ ٤١٠ جنيه.
وأوضحت أن الآثار الصحية لاستهلاك التبغ مدمرة للغاية، وهناك ٩٥ ألف مصري يموتون كل عام من أمراض مرتبطة بالتبغ، و١٧ ألف منهم يموتون بسبب التعرض للتدخين غير المباشر، ويمكن للحكومة أن تنقذ 586,345 حياة وأن تقلل من انتشار المرض في غضون 15 سنة قادمة.
وأكدت أبو النجا أن نجاح مكافحة التبغ لابد أن يكون عن طريق منع الإعلان عن التبغ نهائيًا، وشركات التبغ تتحايل بوضع صور كثيرة لمنتجاتها في أماكن عديدة وبطرق غير مباشرة للإعلان عن منتجاتها منها الدراما التي تعد أهم الإعلانات عن التبغ فى الوقت الحالى.
وقالت أبو النجا: "شركات التبغ مافيا وأرباحها تفوق أرباح المخدرات والسلاح، وأنها لن تسمح أن يقلع شخص واحد عن التدخين والتحذيرات التي توجد على علب السجائر موجودة غصب عن الشركات حتى لا تتراجع الأرباح و لو مات الشخص لابد من إدخال بديل له فى مستنقع التدخين".