أحمد نايف - يكتب .. عندما يصيبنا الاهمال والكسل.. اتذكر العملاقين مصطفى أمين وسمير رجب
يقول العلماء إن الإهمال سلوك يتجاوز تأثيره صاحبه، ولا يقتصر عليه، فالإنسان المهمل هو إنسان «فوضوى» غير مبال، يتأثر محيطه الشخصى بإهماله، وفى العمل يوجد الموظف المهمل والمدير المهمل، وفى كل مناحى حياتنا يطل علينا المهملون، الذين تربوا على نشأتهم الاتكالية .
وغالباً يتولد الإهمال نتيجة عادات اكتسبها الشخص من البيئة المحيطة حوله، أو نتيجة القدوة المهملة، واللامبالاة المبكرة، وغياب ثقافة المسؤولية، أو كل هذا.
ظاهرة الإهمال واللامبالاة والاستهتار وعدم المسؤولية أصبحت مرضاً مستشرياً لدرجة تكاد تهدد المجتمع كله فى كيانه بل تضربه فى مقتل، ونحن لا يمكن أن نحصرها فى قطاع معين، بل انتشرت فى معظم مستويات وقطاعات المجتمع المختلفة.
ولا تستأثر قطاعات الحكومة بهذا المرض القاتل وحدها بل يمتد ليسكن الكثير من مناحى حياتنا، لا أبالغ إذا قلت معظمها، حتى أن مهنة الصحافة ومن يعملون بها حالياً أصابهم الإهمال ويتفنون في كثرة الاعذار، حتى أصبح غيابهم عن صالة التحرير بصورة متكررة أمر طبيعى أفقد المهنة بريقها ، الله يرحم زمان عندما كان الصحفى متفرغاً للمهنة ، لا وقت يشغلة ولاصديق ،عن العمل والبحث عن السبق الصحفى .
أقول لهولاء المتقاعسين وكثيرى الاعذار الدخول إلى مهنة الصحافة أمر سهل جداً، لكن أن تصبح صحفياً بارزا في هذه المهنة فهذه هي الصعوبة بعينها، حيث إن تلك المهنة تحتاج الى المصداقية مع النفس ، تحتاج الى الالتزام ، والصبر، وإفساح أكبر وقت لها.
أقول لزملاء المهنة من صحفى المواقع الالكترونية ، إن من يعمل في هذا المجال تحديداً لا يعرف النوم ، يسابق الخبر ويزهد النوم كى يحصل على معلومة حصرية تجذب القارئ وتؤمن لموقعة الجماهيرية .
أقول إذا كانت الصحافة مهنة المتاعب وهى ورقية ، فإن الصحافة الالكترونية محفوفة أضعاف ذلك بالمعاناة والصبر، وإذا كان الصحفى التقليدي ينهى ساعات عملة بوقت محدد ، فأسلوا المبتلين بصحافتهم الالكترونية عن أرق الليل والنهار .
زملاء المهنة تعالوا لنعيد الروح للصحافة المصرية التي غابت شمسها وتوهجها ، وأتذكرهنا حواراً جرى مع الكاتب الصحفى الكبير سمير رجب الذى أكد في حوارة، إن نجاحنا ونجاح الصحافة قد جاء لحبنا وعشقنا لها ، لم نتركها لحظة ، كان العمل بالنهاروالليل ،كنا ننتافس وننفرد بالأخبار ونثير القضايا الهامة ، وكانت الجماهير تقدرنا والدولة أيضا، وكان يتم استقبالنا بترحاب شديد، لأننا نقدم صحافة مصرية خرجت المئات من الذين يشغلون مناصب قيادية فى معظم الدول العربية"، وتأكيدة في حوارة أنة كان يشكل مع الثنائى إبراهيم نافع وإبراهيم سعدة، ثلاثى الصحافة المصرية القوية، نتنافس بشرف ونقدم صحافة مصرية بإتقان وحرفية وبمعلمة".
وعندما قرأت كتاب «كنوز صحفية» عن الهيئة العامة للكتاب وجدت كيف كان يتعامل الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين مع تلاميذة من المحررين ، فكان الراحل مصطفى امين يعانى من وجود الرقيب ويعانى أكثر من الجهلاء والكسالى، من المحررين، ويبدأ إجتماعه بذكر عدد الأخبار، وكشف إنتاج كل محرر، وإذا قل عدد الأخبار عن 800 خبر فى الأسبوع، يعتبر ذلك تقصيراً، فيسخر من الصحفيات الكسالى بأن الزواج أفضل لهن وتأكيدة للصحفيين بأن أى صحفى لا يعمل بالصحافة طوال 24ساعة يمكن أن يختار له عملا آخر، وتأكيدة لهم بأن الصحفيون الذين لا يقرأون لا يعتبرون صحفيين، والصحافة مجهود وابتكار وإبداع، والصحفى يمشى على الشوك ، لاعلى بساط ،والفرق بين الصحفى الفاشل والناجح، هو الفرق بين القائد الناجح ،والقائد الفاشل!
ولا ننسى إن الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين وشقيقة على أمين عندما توفت والدتهما شيعوا جنازتها ، وحضروا فى اليوم نفسه إلى الجريدة ليكتبوا أفكار النكت التى ستنشر فى الصفحة الأخيرة.
وحتى لا أطيل على زملاء المهنة فأدعوا الجميع ان لا يتحول إهمالنا وتقاعسنا عن مهنة الصحافة إلى أسلوب حياة، بعد أن انقلبت الاوضاع رأسًا على عقب ليصبح الإهمال والتسيب واللامبالاة والاستهتار هى الأصل والقاعدة، أما الجدية والحرص فهما الاستثناء.