الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. كاريكاتير ”النواب طور الله فى برسيمه”.. اغضبهم واضحكهم
كانت حرية الصحافة فى نقد مجلس الشعب فى عهد الدكتور فتحى سرور، رئيس البرلمان، لمدة ٢٠عاما من عام ١٩٩٠حتى ٢٠١٠، حرية غير مسبوقة، ووجهت انتقادات لاذعة للبرلمان ونوابه، وخاصة نواب الاغلبية، وصلت احيانا الى حد السخرية والإهانة والاتهامات.
ورغم هذه التجاوزات الصحفية ضد البرلمان ونوابه، سواء بالمقالات او الرسوم الكاريكاتيرية، الا ان البرلمان لم يتخذ اى اجراء قانونى ضد اى صحفى، بسبب القاعدة البرلمانية التى وضعها الدكتور فتحى سرور رئيس البرلمان، وأصر عليها رغم الضغوط التى تعرض لها من قيادات ونواب الحزب الوطنى، الا وهى:"ما ينشر فى الصحف يرد عليه فى الصحف ".
واتذكر فى احدى زياراتى الخارجية مع الدكتور فتحي سرور، خلال تحركه لدعم ترشيحة لرئاسة الاتحاد البرلمانى الدولى، ان سألته عن سر تمسكه بهذه القاعدة؟، فقال لى:"اننى لا اريد ان يكتب عني اننى تسببت فى حبس صحفي، او تحول مجلس الشعب فى عهدي الى جلاد للصحفيين، وإن المؤسسة التشريعية عليها تحمل الصحافة، وألا تدخل فى معارك معها، او يصبح مجلس الشعب منصة لتوجيه البلاغات ضد الصحفيين".
وكانت هذه الفترة هى العصر الذهبي للصحافة، وخاصة استخدام الرسوم الكاريكاتيرية فى السخرية والاستهزاء بالنواب من قبل رسام الكاريكتر الشهير مصطفى حسين بجريدة الاخبار، ومعه الكاتب الساخر احمد رجب، وكان الرسم الكاريكاتيرى أقوى من ألف مقال.
ومن اشهر الوقائع على سخرية الكاريكاتير من البرلمان ونوابه، ما نشر فى جريدة الاخبار بالصفحة الاخيرة يوم ٧ يونيو ١٩٩٤، وهو رسم به صورة لنواب المجلس ومكتوب:"ميزانية ايه يابا اللى فاهمينها.. دا احنا قاعدين فى الجلسة طور الله فى برسيمه". تعليقا على مناقشة المجلس لميزانية الدولة .
والطبع، تفجرت موجة غضب عارمة من جانب نواب الحزب الوطني، الذين اشهروا اسلحتهم البرلمانية ضد مصطفى حسين، وقال الدكتور فتحى سرور وقتها:"انني أرفض باسمكم هذا التعبير، فان اعضاء مجلس الشعب الواعين والممثلين للشعب كله، إنما يناقشون عن وعى وادراك، وانني باسمكم، اذ اقدر حرية الصحافة واقدر النقد البناء، اقول إن هناك فرقا كبيرا بين السب والإهانة والنقد البناء".
وسعى الدكتور فتحى سرور الى احتواء موجة الغضب والمطالبة بتقديم بلاغ للنائب العام فقال:" ان قانون الاجراءات الجنائية نص على أن لمجلس الشعب ان يطلب رفع الدعوى الجنائية على من يهين المجلس كمؤسسة. ولا أريد أن يصل الامر الى ذلك، لان حرية الصحافة، وحرية المجلس أيضا فى التعبير جناحان للديمقراطية ".
وانتهى الامر عند هذا الحد، وانتصرت قاعدة "ما ينشر فى الصحف يرد عليه فى الصحف"، واحتوى رئيس البرلمان ثورة الغضب البرلمانية، واستمر مصطفى حسين فى رسم المزيد من رسوم الكاريكاتير الساخرة عن المجلس ونوابه، خاصة انه كان يعلم أن هذه الرسوم، بقدر ما تثير غضب النواب، فهى أيضا تضحكهم، ولكن بعيدا عن قاعة المجلس. وقد شاهدت بنفسى النواب فى البهو الفرعوني وهم يضحكون من كاريكاتير "طور الله فى برسيمه".
والغريب، ان فى البرلمان السابق والمعروف ببرلمان "على عبد العال"، نسفت هذه القاعدة وتحولت قاعة مجلس النواب الى ساحة لمحاكمة بعض الصحفيين والمطالبة بتقديم بلاغات للنائب العام، كما حدث مرة مع جريدة الاهرام، ومرة آخرى مع ابراهيم عيسى.
ومجلس النواب الحالي، ورئيسه الدكتور المستشار حنفى الجبالي الرئيس السابق للمحكمة الدستورية، عليه ان يؤكد على قاعدة الدكتور سرور "ما نشر في الصحف يرد عليه فى الصحف"، وان ينحاز الى دعم حرية الصحافة المسؤولة، رغم ان الواقع الصحفى الآن، خاصة فى الصحافة البرلمانية، يشير الى عدم وجود الكتاب الصحفيين القادرين على نقد البرلمان نقدا بناء، بعد ان تم تفريغ البرلمان من هؤلاء الكتاب الصحفيين البرلمانيين اصحاب الخبرة والتجربة، وسمح لشباب الصحفيين ناقلى اخبار المجلس وليس ناقدى المجلس .
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى .. شيخ المحررين البرلمانيين ومستشار تحرير الموقع
مقالات قد تهمك:-
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. أشهر واقعة كذب تحت قبة مجلس الشورى اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. ”نقيب الممنوعين” اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. قصة تزوير الانتخابات فى الدائرة الانتخابية للرئيس اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب ”النائب الوَحش” بقرار جمهوري اضغط هنا
الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب.. لماذا يصدق الشعب الرئيس السيسي؟ اضغط هنا