الكاتب الصحفى صبرى حافظ يكتب.. لماذا الجزائر..؟!
دائماً ،المنتخب الجزائري معادلة صعبة، ويظل متفردا في أدائه وحميته ونضاله داخل الملعب، تمر السنوات والأزمنة وتتوالى الانتصارات وما أكثرها مع ندرة الانكسارات، وتتبدل طرق اللعب والشخصيات الممثلة لهذا المنتخب" لاعبين ومدربين" وروحه الوثابة والمعطائة بلا حدود، هي العنوان الكبير لمنتخب يُسطر دوما ملحمة نضالية في كل ميادينه.
منتخب منذ عام 1980، أي مايقرب من نصف قرن لم يخسر في أي نهائي بطولة وصل إليها بعد الخسارة أمام نيجيريا بلاجوس – التي استضافت البطولة بثلاثية نظيفة في نهائي الأمم الأفريقية.
قوة الكرة الجزائرية مستمدة من طبيعة شخصية اللاعب، تشعر مع المنتخب الجزائري" أول" أو حتى منتخب" الظل "كأنه خريج كلية حربية، في التزامه وانضباطه وعشقه للكيان الذي تخرج منه، ويذكرني بالمنظومة العسكرية المصرية في وطنيتها، وتكتيكها، وانضباطها، وتطورها، وحماستها، وتفوقها على الآخرين أينما كانوا وأينما وجدوا.
عقيدته العطاء للوطن وللأرض التي أنجبته ،تتولد هذه الروح في أي جزائري يرتدي قميص بلاده حتى عندما ينتمى بحكم القوانين والأعراف الكروية لأي نادِ تجده متفرد في العطاء والنبوغ، وكأن رائحة "روح قميص وطنه" الذى ارتداه من قبل قد انتقلت لأي قميص يرتديه بعد ذلك ،ليعود إليه الإبداع والعطاء والتهديف.
وفلسفته أن الخسارة ذل وإهانة له ولبلده، والانتصار واجب مقدس، ومهما كانت امكانيات اللاعب الجزائري البدنية والفنية فمزروع بداخله عقيدة الجندي الجزائري، فالمواجهة الكروية معركة رياضية ونزيف دون دماء.!
ويُشعل من حماسه ويضاعفه نشيد بلاده قبل أي مواجهة، فيستمد من شحن مدربه والعزف الوطني ملحمة أخرى، وكأنه حصل على جرعة طاقة إيجابية لايعادلها قوة، فيصبح كالأسد الجريح داخل المستطيل الأخضر لايهدأ حتى ينتصر في مواجهته أو يخرج من الميدان مرفوع الرأس حتى لو خسر.!
هذه الروح المتفردة أساسها جينات فطرية ،يعززها دور الأسرة والمدرسة والقبيلة أو العائلة هناك، التي تأصل في الفرد حُب الوطن والقومية العربية.
وأتساءل ،هل يُلقن اللاعب الجزائري" الدولي" طقوس وطنية مثلما يَدْرس الجندي دروس في الوطنية بجانب تدريباته العملية.!!
لايعني هذا أن منتخب الجزائر لايملك سوى روحا فقط وراء انتصاره، فالتميز أنه يجمع بينها وفن التكتيك والمكينات التي لاتهدأ، كما لايعني أنه لم يهزم من قبل، أو أنه يحصد جميع البطولات القارية والعربية والدولية التي شارك فيها ، فلايوجد منتخب ينتصر دوما، والمنتخبات والكرة عموما مثل الدول تمر بمرحلة صبا وشباب وشيخوخة ،وأي فريق يصل لأعلى قمة لابد من التراجع والانزواء ، فهي سنة الحياة وسنة الله في خلقه.
وتستمر الروح القتالية دوما والنضال حتى النهاية حتى لو خسرت المواجهة في النهاية لأسباب خارجة عن الإرادة بحكم عوامل كثيرة.
وكثيراً من يحمل هذه الروح منتصراً ،وكأن السماء ترعاه لأنه يستحق بكفاحه ونضاله، وفصول مباراة الجزائر وتونس خير شاهد، فقد تصدت العارضة لهدف مؤكد لنسور قرطاج في الشوط الأول ومع صافرة نهاية المباراة" الوقت الأصلي" أضاع سيف الجزيري هدفا مؤكدا من انفراد كامل لو هزت كرته الشباك لحسم المواجهة لفريقه، وهي فرصة أشبه بالتي أهدرها بغرابة شديدة مصطفي فتحي في لقاء مصر وتونس وهو في حلق المرمى الخالي تماما أمامه لترتد" فاول" تسبب فيه نفس اللاعب، وجاء منه هدف" السولية" التاريخي" في مرمانا لأن النسور كانوا الأفضل والأحق بالتأهل.
باختصار ستظل ملاحم المنتخب الجزائري أساطير تُرْوى ليس لحصد البطولات فقط ،وإنما بروح تُدرس للمدارس الكروية في العالم لمن يريد التّعلم؟!
كاتب المقال الكاتب الصحفى صبرى حافظ .. مدير تحرير جريدة الوفد