البرلمانى السابق رجب حميدة يكتب.. على هامش الدعوة لمؤتمر الحوار السياسى
إن صيغة الحوار مع التيارات المدنية والحزبيه ،بعد إضعافها تختلف عن الحوار مع التيارات المدنية والحزبيه في قوتها. وبعيدا عن النقاش عمن يتحمل المسؤولية لهذا الإضعاف: القوى المدنية والحزبيه أم السلطة السياسية؟، فإن مسؤولية الأخيرة (( السلطه ))كبيره ومؤكدة. وإن السؤال الذي يِطرَحْ: ما المنتظر من حوار بين سلطة “قوية” مع تيارات سياسية “ضعيفة”؟
فهناك من يرى أنها قد تكون بداية للسماح لهذه القوى بهامش أكبر من حرية الحركة يساعدها على استعادة عافيتها.. وهناك من يشكك في نتائج حوار بين طرف يمتلك كل أدوات السلطة والقوة وطرف آخر لم يعد قادرا على الحركة والتأثير.
والحقيقة أن مشاركة التيارات المدنية والاحزاب التي أُضعفت في الحوار لا يجب رفضها من حيث المبدأ. ولا يجب أن تخضع لمزايدات بدت وكأنها صفة ملازمة لأداء القوى المدنيه والحزبيه. وكانت أحد الأسباب وراء ضعفها وانقسامها. إنما المطلوب معرفة أن حوارا من هذا النوع لن يسهم في ذاته بحل مشكلات النظام السياسي المصري. ولا مشكلات القوى الحزبية والسياسية. نتيجة غياب قدرتها على إحداث الربط المطلوب بين السياسي والاجتماعي وعدم امتلاك الأحزاب المدنية قاعدة اجتماعية.
هذا الوضع يفتح الباب أمام التحدي الثاني. وهو عدم جعل الحوار الوطني فقط بين السلطة والأحزاب والقوى السياسية. إنما يجب أن يكون هناك حوار مع القوى الاجتماعية المختلفة التي تضررت بشكل كبير من السياسات المتبعة في السنوات الأخيرة.
فهناك جمعيات المستثمرين التي بات من الواجب الاستماع لمشكلاتهم الواقعية دون “تزويق” أو شعارات. فقد شهدنا تراجعا في معدلات الاستثمار المحلي والأجنبي. وتراجعا لدور القطاع الخاص في ظل مشكلات معروفة تعانيها السوق المصرية.
ومطلوب بحث قضية الرقابة على مؤسسات الدولة التي تتمتع بحصانة خاصة. رغم أنها تعمل في المجال الاقتصادي والمدني.
مطلوب معرفة مشكلات أهل الحرف والصناعات والمهنيين والشريحة العريضة من رجال الأعمال ومعهم عمال لا تمثلهم نقابات حقيقية. وهؤلاء جميعا كان يفترض أن يجدوا أحزابا أو نقابات قوية تمثلهم وتدافع عن مصالحهم.
وهناك المهنيون الذين باتوا يعانون مشكلات كبيرة أثرت على قيامهم بوظائفهم وأعمالهم. خاصة الأطباء والمحامين والصحفيين وغيرهم.
وهناك مشكلات الأحياء التي نالها “تطوير” دون مشاركة أهلها. وهي المساحة الآمنة في كل النظم السياسية ديمقراطية أم غير ديمقراطية. حيث يكون سكان الأحياء طرفا أصيلا في عمليات التطوير التي تمسهم.
ستبقي معضلة الحوار الوطني أنها ستجري مع أحزاب أضعفت. وليس لها قاعدة اجتماعية قوية.
أما القوى الاجتماعية والمهنية فهي أقرب لتيارات فئوية غير منظمة تحتج أحيانا بشكل عفوي على مشكلاتها الاجتماعية.
ولكن رفض العمل المنظم باعتباره مصدرا خطرا كان هو السياسة المتبعة في السنوات الأخيرة التي أنتجت أحزابا ضعيفة واحتجاجات اجتماعية غير منظمة وبلا وسيط نقابي أو سياسي يذكر.
لكي ينجح الحوار الوطني ويفتح الباب أمام مراجعة السياسات القائمة أو على الأقل يقبل بالوجود الشرعي والآمن لمن يطالب بمراجعتها. سيتطلب ،
إما فتح الطريق أمام الأحزاب والقوى السياسية ليكون لها قاعدة اجتماعية. وإما يترك للقوى الاجتماعية أن تفرز قيادات نقابية ومهنية جديدة تزاوج بين الاجتماعي والسياسي. أما الحوار على أرضية “توازن الضعف” فهو لا يجب رفضه لكن لا يجب توقع نجاحه في فتح الباب أمام معادلات سياسية جديدة.
رجب هلال حميدة