الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب: ملحمة ٢٥ يناير .. وقصة كفاح ضابط وأمين شرطة مع مافيا المخدرات
تمر اليوم الذكرى الثانية والسبعون على ملحمة وطنية عظيمة سطّر فيها عدد من رجال الشرطة البواسل واحدة من أعظم محطات الكفاح والفداء أمام طغاة الإستعمار، وعزفوا سيمفونية رائعة فى النضال الوطنى فصنعوا تاريخاً عظيماً واستحقوا عن جدارة أن يكتبوا أسماؤهم بأحرف من ذهب فى تاريخ مصر العريق.
فى مثل هذا اليوم وقف عدد من رجال شرطة مصر فى وجه الآلاف من جنود الاحتلال الإنجليزي الغاشم بأسلحته الثقيلة الفتاكة ، أما رجال مصر فكان سلاحهم الإيمان بالله عز وجل وبالحق فى الحرية الإستقلال.
اليوم : الجمعة ٢٥ يناير سنة ١٩٥٢
المكان : محافظة الإسماعيلية
الحكاية : جريمة إستعمارية سافرة تعد وصمة عار فى جبين بريطانيا العظمى !!
البريجادير " إكسهام " قائد القوات البريطانية بمنطقة القناة يستدعى ضابط الاتصال المصرى ويسلمه بدون مبرر إنذارا بأن تسلم قوات البوليس المصرى بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن المحافظة والثكنات وترحل عن منطقة القناة كلها.
بكرامة واستبسال قوبل الإنذار الإنجليزى السافر بالرفض، وطلب فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية آنذاك من قوات البوليس المصرى بالإسماعيلية المقاومة والصمود حتى آخر جندى وآخر رصاصة.
تحصنت قوات البوليس المصرى، وعددهم حوالى ٨٠٠ ضابط وجندى، داخل مبنى المحافظة، وقبل غروب هذا اليوم حاصر٧ آلاف جندى بريطانى مدججين بالأسلحة الثقيلة ديوان المحافظة، وتم قصفها، واستمر رجال مصر الشرفاء فى المقاومة لمدة تتجاوز ساعتين، سقط منهم ٥٠ شهيدا وأصيب ٨٠ آخرون حتى نفدت الذخيرة وتم أسر باقى الرجال البواسل.
معركة المستقبل
ومرت السنين وتوالت الأيام وكل يوم يشهد على عظمة الكتيبة الأمنية التى لم تدخر جهدا فى محاربة الجريمة بمختلف أنواعها وتبذل جهود مضنية من أجل تحقيق الإستقرار وتوفير الأمان لكل جماهير الوطن ، وأمام أجهزة الأمن اليوم تحدى كبير ومستعمر جديد لا يقل ضررا على الوطن من طغاة الإستعمار بل هو إستعمار من نوع خاص يقوده مجموعة من العناصر المخربة للوطن والمدمرة لصحة المواطنين ألا وهم بارونات المخدرات المنتشرون فى شتى بقاع البلاد والذين يمارسون كل أنواع الإنحراف والتخريب ويهددون أمن وإستقرار المجتمع.
يلعبون هؤلاء الطغاة دور فى منتهى للخطورة يستهدف شباب مصر أمل المستقبل لا يكترثون سوى بتحقيق الثراء حتى لو كان ذلك على حساب تخريب البلاد وإسقاطها فى دوامة من الجهل والفقر وغياب العقول، يمارسون نشاطهم المشبوه فى مختلف شوارع وحارات مصر بطولها وعرضها خاصة فى الأحياء الشعبية فى مصر المحروسة قاهرة المعز أعظم مدينة فى العالم بتاريخها العريق وآثارها الفريدة الشامخة التى ستظل شاهدة على عظمة المدينة الباسلة.
وتسعى أجهزة الأمن لمواجهة تلك العناصر الإجرامية قدر المستطاع ولكن لا تزال الظاهرة الكارثية تضرب فى جدار الوطن وتنخر فى عظامه وتصيبه بالوهن والضعف ، والأخطر أن تلك المافيا تواصل التحدى مع كل عناصر المجتمع وبما فيها الأجهزة الأمنية وتقوم بإستخدام الأسلحة ضد كل من يعترض على أنشطتهم الملعونة.
وهنا نقدم واحدة من الوقائع التى يجب أن نتوقف عندها كثيراً وهى التى شهدتها منذ أيام شوارع منطقة " عزبة بلال " بحى الشرابية حيث قام أحد المجرمين بإطلاق النار من سلاح " خرطوش " على رجال مباحث قسم الشرابية أثناء حملة أمنية على أوكار المخدرات فأصاب الضابط الشاب عمرو مأمون فى قدميه كما أصاب أمين الشرطة أشرف رضا بإصابة حادة فى عينه ، وهذا الأمين يعد العدو الأول لكل تجار المخدرات والخارجون على القانون بالقسم لأنه تمكن منذ عمله بالقسم قبل نحو ١٣ عاماً فى القبض على كثير من هؤلاء الأباطرة وتحجيم هذه الظاهرة بشوارع الشرابية قدر المستطاع وحاولت تلك العناصر الإجرامية إستهدافه مرات عديدة قبل ذلك ، وهذه الواقعة الحزينة ينبغى أن تكون بداية حقيقية لتكثيف الحملات على مافيا المخدرات المنتشرون بالبلاد ، وفى الوقت نفسه ونحن نحتفل بعيد الشرطة لابد من تكريم كل شهداء الشرطة الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن ، وأيضا تكريم كل من تعرض لإصابة والأخذ بالثأر من تلك العناصر التى تعيث فى الأرض فساداً وظلماً وجوراً.