الكاتب الصحفى مجدي سبلة يكتب .. ( ثرثرة على جدران الاستعلامات )
تلقيت رسالة من مصادر داخل الهيئة العامة للاستعلامات تقول العزيز الكاتب الكبير الأستاذ مجدي سبلة
حديثكم عن الهيئة في مقالين سابقين على "بوابة الدولة الاخبارية " ،أثار شجوننا لأنكم تحدثتم عن ما يريد أن يقوله الكثيرون من أبناءها الذين يتألمون وهم يرون هذه المؤسسة العريقة الشامخة تتداعي أمام أعينهم وتبحث عن من يجدد شبابها بعد أن شاخت وتقلص دورها.
شاخت الاستعلامات
مثل الأب المشغول عن بيته وأبناءه ويقضي معظم وقته بعيدا عن منزله وعندما يكون الاب مشغولا عن بيته الذى يديره مهما كان سبب انشغاله فتوقع لهذا البيت التراجع شيئا فشيئا لأن مثل هذه الهيئات لا تنهار بالسكتة القلبية ولكنها تنهار تدريجيا بفعل الإهمال أو وئد الكفاءات ووضع غير المؤهلين في مقدمة الصفوف.
نعم رئيس الهيئة السابق رجلا له تاريخ جيد كباحث وصحفي وإعلامى متميز ولكن انشغاله بأشياء كثيرة خلال توليه للهيئة العامة للاستعلامات كان سببا رئيسيا في وصول هذه المؤسسة إلى ما وصلت اليه من تراجع .
المؤسسة التي يبكيها الذين عرفوا أهميتها في الماضي كأداة جبارة تصب شلالا من المعلومات يوميا لكل من يريد من أجهزة الدولة المصرية وتوفر لصناع القرار في معظم المجالات خلفية هامة عن اتجاهات الرأي العام في الداخل والخارج.
إن أخطر ما نتج عن انشغال الرجل الأول في هذه الهيئة بمهام وطنية كبيرة أخرى وعدم ذهابه للهيئة سوى مرة أو مرتين خلال الشهر أضطر إلى تفويض صلاحياته إلى بعض المقربين ممن يستقبلون كل رئيس يأتي للهيئة، فهذا التفويض غير المدروس من وجهة نظر الكثير داخل الهيئة لاثنين ممن فوضهم على الأقل قد أضر كثيرا بحاضر هذه الهيئة ومستقبلها ولم يحسن التصرف في الميزانية المقررة للهيئة
الكلام داخل الهيئة يدورعلى ثلاثة من النماذج التي تولت أهم المواقع في الهيئة خلال الفترة الماضية ، النموذج الأول هو من يسميه مرؤوسيه بالدكتوروالذى يدير قطاع الإعلام الداخلي من الاسكندرية إلى أسوان رغم أنه لم يعمل يوما واحدا بهذا القطاع ولم يكن يوما إعلاميا لا بالمؤهل ولا بالخبرة، فكل خبرة حياته كانت في شيء واحد وهو سكرتير رئيس الهيئة أو من باب التجميل يقولون عنه مدير مكتب رئيس الهيئة، ولمن يريد التأكد من ذلك أن يرجع لملف خدمته وسيجده معينا على درجة تمويل ومحاسبة وقضى خدمته كلها كموظف إداري لا علاقة له بالعمل الإعلامي وتم ندبه كملحق إداري بالمكتب الإعلامي المصري في اليابان قبل إغلاقه، أي أن الرجل موظف إداري وليس له علاقة بالإعلام من ناحية الدراسة أو من ناحية الخبرة العملية، وعندما تم تعينه قبل حوالي عام ونصف كمدير عام لقياس الرأي العام المحلي شعر إعلاميو الهيئة بالصدمة لأن الرجل لم يكتب في حياته كلها تقرير رأي عام واحد عن أي شيء في الدولة ولا حتى تقريرعن شكاوى الفلاحين من مرض الصدأ الذي يصيب نبات القمح أو تقاوى الارز التى لم تنبت هذا العام ! وقبل أن يقضي ستة أشهر في هذه الوظيفة جاءت الصدمة الأكبر لإعلاميي الهيئة بتعيينه رئيسا للإدارة المركزية للتدريب الإعلامي بالإشراف وليس بالتعيين الرسمي، أي أن الرجل المعين أصلا على درجة تمويل ومحاسبة الذي لم يقم بأي عمل إعلامي في حياته قد أصبح مدربا للإعلامين!!فهل يجوز لمدير المدرسة أن يقوم بتعيين سكرتير المدرسة مدربا لمدرسي اللغة العربية والعلوم والرياضيات؟ لقد تم بالفعل تحويل الدجاجة إلى بطة !!
ربما يقول البعض أنه يحمل درجة الدكتوراه والدنيا كلها تناديه بكلمة دكتور وأن الدكتوراة يمكن أن تجب أشياء كثيرة، ونحن نقول لهم نادوه كيف شئتم ولتصل فوضى الألقاب إلى منتهاها، ولكنكم يجب أن تعودوا إلى ملف خدمة الرجل لتعرفوا أن هذه الدكتوراة التي تطلق على هذا الرجل المعجزة لا وجود لها ،فالرجل حاصل على مؤهل جامعي عادي ثم حصل على دورة تدريبية بمعهد إعداد القادة لا ندري ماذا تعادل، ولكنها في كل الأحوال لا تعادل دكتوراه!!!
لقد رأينا مثلكم صفحة الفيسبوك التي كتب عليها دكتور ولكن هذه التسمية ليس لها صلة بالواقع والفيسبوك وشأنه في هذه الأمور.
لم يكن غريبا في ظل حالة كهذه أن يحدث كل ما حدث لقطاع الاعلام الداخلي في عهد صاحب الدكتوراه فوجدناه يطلب من مراكز الإعلام الداخلي بالمحافظات كتابة رأي عام عنه هو شخصيا!!! وشر البلية ما يضحك، فهذا تصرف لم يحدث في عهد أي رئيس لقطاع الإعلام الداخلي، ولكن ما هو أغرب أنه أمر لاحقا بوقف تقارير الرأي العام نهائيا وعطل عمل هذه الإدارة التي تعمل منذ أكثر من خمسين عاما. وربما لهذا التطوير المضحك في عمل هذا القطاع أصبحت الميزانية المخصصة له أكبر بكثير مما كانت عليه خلال فترة رئيس القطاع السابق، وهذا لا نجد تفسيرا له سوى أن صديقه مسئول الشئون المالية الذي وافق في الحصول على مخصصات قطاعات أخرى، ويعتبر هو بطل بقية القصة التي أصبحت حديث الهيئة
لم يتوقف الأمر إذن عند تحويل الدجاجة إلى بطة ولكننا وجدناه هو الاخر أيضا قد تحول إلى قيادة في هذه الفترة . والغريب أنه يقال له أيضا الدكتور على نفس النهج السابق خاصة وأنه حاصل على ماجستير من جامعة مغربية غير معروفة، ولشدة تفوقه قد حصل على هذه الشهادة عندما كان يعمل ملحقا إداريا بالمكتب الإعلامي المصري في الرباط ورغم انشغاله بأعباء العمل اليومي بالمكتب استطاع أن يحضر بالجامعة ويقوم بإعداد الرسالة والحصول على هذه الدرجة العلمية الكبيرة ليأتي إلى مصر وهو يحمل رسالة علمية من الرباط .
كان آخر منصب شغله رسميا بالتعيين هو مدير عام الشئون المالية بالهيئة، أما بقية المناصب التي تولاها بعد ذلك في هذه الفترة كانت باللفظ الرسمي المتداول هو "الإشراف" حيث تولى رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية ، عذرا " بالإشراف"، وكانت هناك محاولة لتعيينه رسميا رئيسا للإدارة المركزية للإنتاج الإعلامي في آخر مسابقة لتعيين قيادات قبل حوالي عامين ونصف، وبعد أن (نجح ) في الاختبارات (وطبعا هذا الكلام ثابت بمستندات تلك المسابقة بالهيئة ) لم يقدر له أن يعين رغم (نجاحه) في الاختبار لأن الموافقة على تعيينه لم تأتي وكانت لحظة لا توصف في حياته ، فكل شيء ذهب في لحظة أدراج الرياح، فلا هو بقي رئيسا للإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بالإشراف ولا هو عين رسميا رئيسا للإدارة المركزية للإنتاج الإعلامي، ولكن نظرا "لتاريخ الرجل وتفانيه" فكان ولابد من البحث عن حل يحفظ ماء الوجه للجميع، فتم تعيينه مستشارا ماليا لرئيس الهيئة ليعود عن بعد لكى يرى موافقات أي جهة وليبقى مراقبا على كل الأمور المالية كما كان ولله في خلقه شئون!!!
بيد أن الأخطر في هذه القصة المؤلمة لم يكن تعيين هذا الرجل في المواقع التي ذكرناها بالإشراف أو بغيره، ولكن الأخطر على مدار سنوات مضت يكمن فى تفويضه صلاحيات في كافة الأمور المالية لهذا الرجل الذي اتخذ بموجب هذا التفويض قرارات مهمة لنا كمصريين غيورين على هذا الوطن أن نسأل عنها في هيئة أصبحت على صفيح ساخن وتستعد لاستقبال رئيس جديد، وليس من حقنا أن ننتقدة لان هذا ليس من عملنا مهما كان هول ما نسمعه، ولكن من حقنا أن نسأل عن أشياء نراها ونسمعها والسؤال ليس عيبا طالما كان لوجه الله والوطن.
ففي عهد هذا الرجل صاحب أكبر تفويض في تاريخ الهيئة رأينا آخر تسع مكاتب إعلامية تابعة للهيئة بالخارج قد تم تجميد نشاطها ونقل الإشراف عليها لوزارة الخارجية وتم إخلاؤها من الملحقين الإعلاميين والإداريين منذ ديسمبر 2021،ولا تعليق لنا على عملية تجميد المكاتب حتى وإن كنا نرفض من داخلنا اغلاقها، ولأننا كنا نظن أنه تم تجميدها ربما لظروف تتعلق بتقليل الإنفاق،ولكن ما نقوله هنا أن فرمانا عجيبا قد اتخذ لحاجة لا يعلمها أحد إلا الله وهو فرمان الإبقاء على العامل المحلي غير المتعاقد في كل مكتب إعلامي وظلت المكاتب التي تجمد نشاطها تسدد آلاف الدولارات لهؤلاء العمال دون أدنى ضرورة لوجودهم لأن المكاتب أصبحت تحت إشراف السفارات وظلت المكاتب تسدد أيضا إيجار وكهرباء ومياه واتصالات بآلاف الدولارات أشرنا إليها في المقال السابق التي تعادل عشرات الملايين
وسؤالنا هنا والسؤال ليس اتهاما: لماذا أنفقت كل هذه الملايين على مدار 3 سنوات على مكاتب ليس بها نشاط وكيف يسمح لصاحب التفويض التاريخي بقرارات مصيرية لهيئة كانت في الماضي ملأ السمع والبصر ألا يفتح هذا ألف باب للشك حول وجود استفهام مع هؤلاء العمال غير الضروريين الذين لا يربطهم بالهيئة أي عقود؟
من حق العاملين أن يطلبوا مراجعة كل أوجه الانفاق التي أنفقت في هيئة الاستعلامات على الأقل خلال مدة هذا التفويض غير الميمون لهذا الشخص ولماذا أنفقت؟ من حقهم أن يسألون عن المتحصلات المالية السنوية لكل قيادات الهيئة على مدار العام ؟ومن حقنا أن نسأل عن عدد المعاشات والعجائز الذي يعملون بالهيئة بعد أن تقاعدوا بخمس سنوات وأكثر؟ وعن المرتبات التي يحصلون عليها وبدل الانتقال الذي يحصلون عليه؟ من حقنا أن نسأل عن عدد المتعاقدين في الهيئة في ظل تعليمات الحكومة بعدم تحرير عقود عمل أو تعيين مستشارين بوزارات الدولة؟ من حقنا أن نسأل ما الذي تفعله السيدة التي جاوزت الخامسة والستين وتم الاستعانة بها بعد تقاعدها؟ من حقنا أن نسأل كم راتب المتقاعد منذ عقد من الزمان ؟ وفي مقابل ماذا يحصل عليه؟
من حقنا أن نسأل عن المسئول الذى تولى الإشراف على قطاع الإعلام الخارجي بالهيئة: لماذا الصمت الغريب على قرار الإبقاء على عمال محليين غير متعاقدين بالمكاتب الإعلامية المجمدة بخارج البلاد؟ ولماذا أنفق عليها ملايين الجنيهات على مدار سنوات في مكاتب مغلقة ومن المسئول الأول في قطاع الإعلام الخارجي؟ لمصلحة من حدث ذلك؟ وما هو دور المشرف على قطاع الاعلام الخارجي أمام قرار كهذا؟ الغريب أن القرار صدر من مسئول مالي وليس من المسئول الإعلامي الأول في الإعلام الخارجي! ألم يكن من الواجب أن تنتبهوا إلى عدم أهمية الإبقاء على هؤلاء العمال الذين لا دور لهم بعد تجميد المكاتب؟ هل يجوز أن نبقي على عامل محلي في لندن يحصل على ما يعادل 120 ألف جنيه مصري شهريا ليقوم بترجمة ورقة من على الانترنت لمجرد إثبات الوجود يمكن أن يترجمها عشرات الموظفين من داخل الهيئة من القاهرة ممن يحصلون فقط على 5000 جنيه راتب شهرى ؟ وما هو سر الاصرار على هذا العامل الموجود في لندن الذي أنفق عليه ما يقرب من ثلاثة ملايين من الجنيهات منذ تجميد المكتب في 31 ديسمبر 2021 حتى الآن،ما هو سر التمسك بهذا العامل الذي أدانته من قبل النيابة الإدارية بالقضية 330 لسنة 2022 بسبب التمرد على رئيس المكتب السابق، نعرف أن النيابة التي لم تعاقبه لكونه مواطن أجنبي لا يخضع لولاية القضاء المصري، ولكن رئيس الهيئة وقتها عاقبه بعقوبة الإنذار بالقرار رقم 178 لسنة 2023 ،فما هو العائد من الإبقاء على هذا العامل المتمرد بعد كل هذا؟
الثرثره حول هذه الحواديت تملئ جدران تلك الهيئة الشامخة ذات الصيت التاريخى .
كاتب المقال الكاتب الصحفى مجدى سبلة رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق