الكاتب الصحفي ممدوح عيد يكتب.. كنز الرضا في عالم الفقر
هناك أفراد يعيشون محرومين من كل أدوات الحياة البسيطة من أول المسكن إلى مكان يعالجون فيه، مرورًا بكل الأشياء الضرورية مثل: الكهرباء، والمياه النظيفة، والمدارس، والمواصلات.
هؤلاء الأفراد يعيشون في عزلة عن المجتمع، بمعنى أنهم محرومون من كل شيء، ولكنهم ليسوا محرومين من ابتسامة الرضا والقناعة. هذا الشيء ملفت للنظر خاصةً أننا نجد آخرين يلهثون وراء المناصب ويريدون "التكويش" على كل شيء في الدنيا. هل يتعلمون من الذين يعيشون تحت خط الفقر بمراحل ومع ذلك يملكون قناعة لا تُقدر بكنوز العالم؟ قناعة غابت عن أغنى أغنياء العالم؟
قناعة هؤلاء الذين يعيشون تحت خط الفقر تذكرني بما قرأته من قصص حقيقية عن القناعة، مثل قصة "الأرملة الفقيرة" التي عاشت مع طفلها في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل الصغيرة حياة متواضعة في ظروف صعبة، إلا أن هذه الأسرة الصغيرة كانت تتميز بنعمة الرضا، وتملك القناعة التي هي كنز لا يفنى. لكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط الأمطار في فصل الشتاء، فالغرفة عبارة عن أربعة جدران وبها باب خشبي وليس لها سقف
وقد مر على الطفل أربع سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لمرات قليلة من المطر وذات يوم تجمعت الغيوم وامتلأت سماء المدينة بالسحب الداكنة ، ومع ساعات الليل الأولى هطل المطر بغزارة على المدينة كلها فاحتمى الجميع في منازلهم، أما الأرملة والطفل فكان عليهما مواجهة موقف عصيب
نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة واندس في أحضانها، لكن جسد الأم مع ثيابها كان غارقًا في البلل ، أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته ووضعته على أحد الجدران وخبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر، فنظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة وقد علت وجهه ابتسامة رضا، وقال لأمه: "ماذا يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب يحميهم حين يسقط المطر! لقد أحس الصغير بأنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء.. ففي غرفتهم التي يعيشون فيها باب.
ما أجمل الرضا، إنه مصدر السعادة وهدوء البال، ووقاية من أمراض المرارة والتمرد والحقد والغيظ ، لكن ليس معنى أن تكون هناك فئة من الشعب تعيش تحت خط الفقر وهي راضية وقانعة أن نغفل نحن حقوقهم ونتركهم عراة بلا مأوى أو ملبس أو مأكل .
إن مشكلة الفقر لا تقتصر على منطقة معينة فقط، بل هي مشكلة عالمية ، هناك مناطق عديدة في العالم تعاني من الفقر المدقع، مثل أجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وبعض مناطق جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية. يعيش ملايين الأشخاص في هذه المناطق دون الوصول إلى الاحتياجات الأساسية للحياة الكريمة.
يجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لحل مشكلة الفقر من خلال تقديم الدعم المالي والفني لهذه الدول، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية .
يجب علينا جميعًا أن ندرك أهمية تقديم الدعم والمساعدة للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع، وتشكيل لجان لتقصي الحقائق لبحث أوضاع هؤلاء المواطنين. بالتأكيد إن لم يكن لهم أصوات انتخابية فإن لهم أصوات ترتفع إلى السماء.
كما أطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري وتقديم الدعم اللازم لحل هذه المشكلة التي تهدد استقرار وسلامة العالم بأسره .
كاتب المقال الكاتب الصحفي ممدوح عيد مدير تحرير جريدة الجمهورية