بوابة الدولة
الجمعة 27 سبتمبر 2024 04:18 صـ 24 ربيع أول 1446 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

العالم الآثارى الدكتور محمد شبانة يكتب : مقام الولاية عند الصوفية بين الحقيقة والخرافة ( ٢ )

العالم الآثارى الدكتور محمد شبانة
العالم الآثارى الدكتور محمد شبانة

وجهـــة نظرنـــا الشخصيـــة فــي ذلك: يُمكن أن أُدلي بدلوي في هذه القضايا الشائكة من خلال محورين كالتالي:
المحور الأول: جُزافية إطلاق الألقاب الدينية الصوفية والفقهية: يصادفنا في كثير من الأحيان نقوش كتابية, أو نصوص تاريخية نلحظ فيها كماً هائلاً من الألقاب التفخيمية المُسْبَغة على شخصيات صوفية ودينية, وغني عن البيان أن نذكر أن كثيراً ممن يقومون بتأليف المدح والثناء في مراثٍ مُعتَبرة لم يلتزموا بمعايير وضوابط فجاءت ألقاب من قبيل ولي, قطب, قطب الوقت, قطب الإسلام, غوْث الآنام, تاج العارفين...الخ مُستَخدمة استخداماً جُزافياً, وكذلك الحال بالنسبة للعلماء وفقهاء الدين فنجد ألقاباً من قبيل شيخ الإسلام, شيخ شيوخ الإسلام, شيخ مشايخ الإسلام...الخ مُستَخدمة بطريقة لا تختلف عن مثيلاتها الصوفية, والحقيقة أنه ليس كل رجل صالح هو عارف وولي, كما أنه ليس كل ولي وعارف هو قطب أو قطب الأقطاب وتاج العارفين, وبالتبعية ليس كل شيخ مجتهد ذاع صيته ولا عالماً موسوعياً صنّف بعض المصنفات الدينية يكون هو شيخ الإسلام أو شيخ شيوخ الإسلام وما شابه من ألقاب, وإنما وضح لي من خلال اطلاعي وقراءاتي أن ثمة خلطاً واضحاً حيال هذه المفاهيم وخاصةً في استخدام المصطلحات بشكل مُرسَل فيه إطلاق وعمومية, وكانت مثل هذه الألقاب المُغالى فيها لدى كثير من الصوفية والعلماء سببها الغلو في الاعتقاد وكانت تدور في فلَك دائرة التمجيد الضيقة والمُقتَصَرة على أسرة الفقيد وتلاميذه ومريديه ومحبيه وهي دائرة ضيقة لها مطلق الحرية في اختيار ما يحلو لها من صفات لوصف فقيدها فيُوصف بالقطب أو العارف أو شيخ الإسلام أو غيرها من الألقاب التفخيمية التمجيدية حتى وإن نحت في كثير من الأحيان نحو الغلو أو المغالاة في التمجيد والتفخيم مما يُخرجها من الإطار المُحَقَّق الدقيق للمصطلح, وبالتالي فإن هذا لا يعني بالضرورة أن هذا الشخص قد حصل على هذا المقام أو نال تلك المرتبة, أو تلقب بهذا اللقب, أو حتى وصل إلى ذلك المنصب؛ لأن "شيخ الإسلام" كان كما رأينا منصباً, ومن هنا أؤكد على ضرورة أن يتوخى الباحث في هذه المسألة الحذر ويتحلى بالاحتراز العلمي, وضرورة مراعاة أن ما يُطلق من ألقاب بعضها في محله وبلا مُغالاة ولا مبالغة (خاصةً إذا كانت لواحد من الأقطاب اللامعين الذين لا يُشك في مقامهم ولا يُطعن وقد ثبتت لهم هذه المرتبة بلا جدال وبلا مُدافعة), وبعضها الآخر – وهو الأكثرية – كان على سبيل إحاطة الشخصية بهالات من القداسة الناتجة عن الغلو في الاعتقاد والثناء داخل دائرة معارف تلك الشخصية أو مُحبيها المقربين.
المحور الثاني: إشكالية معيارية "الولاية" أو "القطبية" بين التراث الصوفي والحقائق الذوقية النورانية: يدور هذا المحور حول كيفية معرفة الولي أو القطب الحقيقي وما هي معيارية الولاية أو القطبية؟
الحقيقة أن المطلع على التراث الصوفي المكتوب, والسامع للتراث الشفهي من أرباب الطرق الصوفية يجد هذه الإشكالية بأجلى صورها حينما يحاول أن يُخْضِع "الولاية" أو "القطبية" لمعيارية محددة, في الوقت الذي يحارب كثير من مُتشددي الدين التصوف قاطبةً ويعتبرونه – إن اعتدلوا في رأيهم وحكمهم عليه – خروجاً عن الطريق القويم وكتاب الله وسنة رسوله, ونحن هنا لسنا في مجال إصدار الأحكام على أي منهما هو "الفرقة الناجية" في الإسلام وهل التصوف هو الطريق القويم أم "التسلُف" أم الوسطية الأزهرية وأم وأم...الخ؟
لكن المُدقق في التراث الصوفي يجد أن كثيراً من معارفه وعلومه سواء المكتوبة أو الشفهية يمكن تصنيفها من كونها حقائق وعلوم معيارية ثابتة إلى أحوال وأذواق ومواجيد لا تثبت على حال؛ ذلك أن كثيراً من الإرث الصوفي يُمكن في رأيي أن يُصنف في "علم الفولكلور" بحيث ينبغي دراسته دراسة أنثروبولوجية وافية تحلل كل عنصر من العناصر وتقف على كل مصطلح ويكون الجانب العملي فيها طاغياً على الجانب النظري الذي قُتل بحثاً, فإننا نرى وبكل إطمئنان أن كثيراً مما يُنسب الآن إلى التصوف عبارة عن ترسيبات ثقافية مصدرها اللاشعور الجمعي الصوفي (أو العقل الباطن الجمعي الصوفي) والمُختزنة في ضمير الطوائف والفرق والطرق الصوفية على اختلافها جيلاً بعد جيل بحيث ينبغي أن يُفهم في هذا الإطار؛ فقد اختلطت الحقائق بالأساطير وبات الوقوف على حقيقة نورانية أصيلة ثابتة يعرفها كل ذي قدم راسخ في العلم, وكل ذي حال ربَّاني لا يتطرق إليه شك, وكل صاحب مقام سامٍ بات من الصعوبة بمكان وإنني أرى أن تفسير ذلك كله راجع من خلال تجربتي العملية إلى ثلاثة أسباب رئيسة: أولها هو طريقة تلقي الصوفي (الولي أو القطب) نفسه للعلوم والتي قد يشوبها نقص وتشوه للحقائق الإلهية النورانية, وثانيها هو أن فئة كثيرة من المتصوفة أو المستصوفة أو المتطفلين على التصوف ظنوا أن التجارب الروحانية والممارسات السيميائية والتي هي ضرب من السحر ليس إلا ظنوا أنها عبارة عن أحوال ومواجيد وأذواق وارتشاف للمعرفة وتلقي للعلوم الإلهية تلقياً لا يشوبه شائبة وهذا كلام عارٍ من الصحة؛ فينبغي أن يقر في أذهاننا وتُلْقى البصيرة في روعنا أنه إذا كان كثير من الصوفية الحقيقيين أصحاب تجارب روحانية فليس كل ذي تجربة روحانية هو صوفي مُصطفى من الله وليست مكاشفاته هي حقائق لا يتطرق إليها شك يتلقاها من لدن عليم خبير.

كاتب المقال العالم الآثارى
الدكتور محمد شبانة

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى26 سبتمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 48.3056 48.4056
يورو 53.9042 54.0206
جنيه إسترلينى 64.6570 64.8247
فرنك سويسرى 57.0044 57.1562
100 ين يابانى 33.4549 33.5358
ريال سعودى 12.8760 12.9033
دينار كويتى 158.2958 158.6755
درهم اماراتى 13.1508 13.1795
اليوان الصينى 6.8889 6.9032

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 4,109 شراء 4,120
عيار 22 بيع 3,766 شراء 3,777
عيار 21 بيع 3,595 شراء 3,605
عيار 18 بيع 3,081 شراء 3,090
الاونصة بيع 127,777 شراء 128,132
الجنيه الذهب بيع 28,760 شراء 28,840
الكيلو بيع 4,108,571 شراء 4,120,000
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى