لواءأح -دكتوررأفت علي الدرس يكتب فى الأمن القومي السياسي
كما أوضحنا في المقالات السابقة فإن النظرية الأمنية للرئيس عبدالفتاح السيسي تعد نظرية شاملة ومتكاملة، فرضت نفسها بقوة من خلال خطابات وقراراتة المختلفة على كافة المستويات حيث تنظر لكل جانب من جوانب الحياة من منظور أمني يوليها الأهمية ويفرض عليها المسئولية؛ وبذلك شملت هذه النظرية الأمنية الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والفكرية والعسكرية والحدودية.
وتقوم النظرية الأمنية للرئيس السيسي على النظر في الأمن القومي السياسي من منظورين؛ يتعلق أولهما بعلاقات مصر السياسية الخارجية، في حين يتعلق الآخر بأوضاع السياسة الداخلية.
فيما يتعلق بعلاقات مصر السياسية، تولي النظرية الأمنية اهتماماً خاصاً بعلاقات مصر السياسية بالدول العربية، حيث تقوم النظرية على أهمية تعزيز القدرة الجماعية العربية في مواجهة مختلف الأزمات استناداً إلى تكريس مفهوم الوطن العربي الجامع،
وذلك من خلال مبدأ حماية التوافق السياسي والإستراتيجي بين مصر والدول العربية". وفي هذا الإطار، يتضح أن لمصر أدواراً حيوية لا يمكن أن تتخلى عنها، وسياسات ثابتة يجب التمسك بها والعمل على تنفيذها في المكان والزمان المناسبين دون تهور أو اندفاع، بما يحافظ على دورها الإقليمي ومساهمتها الفعالة في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وهنا ميًزت النظرية بين "الاستدراج" و"المشاركة الفعالة في إنقاذ المنطقة من الانهيار"، من خلال الإشارة إلى ركيزتين رئيسيتين، هما: وزن الأمور بميزان دقيق، وعدم الإفراط أو التفريط.
وبذلك تبنت النظرية الأمنية روئ وتوجهات حول مختلف الدول العربية، سواء الدول التي تتمتع بالاستقرار أو الدول التي تعاني من أزمات؛ ففيما يتعلق بالدول التي تتمتع بالاستقرار، تقوم النظرية على عدة مبادئ تتمثل في أن علاقات مصر بمختلف الدول العربية تعد علاقات إستراتيجية وركيزة للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط،
وأن العلاقات المصرية العربية علاقات أخوية تاريخية ومتينة ممتدة ومتجذرة، تؤكد أواصر الصداقة والحرص الدائم على تعزيز وتطوير هذه العلاقات والارتقاء بها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزاً بما يحقق المصالح المشتركة، وأن العمل على مواجهة التحديات المشتركة يحافظ على الأمن والاستقرار، وأن مصر القوية ستظل سنداً لأشقائها.
هذا إلى جانب تجديد الالتزام المصري بتعزيز العمل المشترك، وتنسيق الجهود للمضي قدماً بمسيرة العلاقات بين مصر ومختلف الدول العربية لاستكشاف المزيد من فرص التعاون المثمر لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار والسلام والتنمية لشعوب ودول المنطقة.
أما بالنسبة للدول التي تعاني من أزمات، فتتضح المبادئ المصرية التي ترى أن الأمن القومي العربي، وما يقوم عليه من علاقات جوار سليمة وصحية، يقتضي في المقام الأول وقفة صدق وحزم مع كل طرف إقليمي يحاول التدخل في الشأن العربي، كما يقتضي وقفة مصارحة مع أي طرف عربي يحيد عن مقتضيات الأمن القومي العربي ويشارك في التدخلات في الشئون الداخلية للدول العربية.
كما تقوم هذه المبادئ على حماية الدول ذاتها وصون حقوق شعوبها دون محاباة لنظام أو معاداة لأتباع مذهب أو عرق أو طائفة بعينها في أي من الشعوب العربية، واحترام وحدة الأراضي العربية، وإيجاد حلول سياسية سلمية لأي أزمة عربية، ونزع أسلحة الميليشيات والجماعات المتطرفة، وتفعيل مؤسسات الدولة، مع تقديم المساندة للخطوات الإيجابية التي تدعم الحكومات العربية في استعادة الأمن والاستقرار، إلى جانب إعلاء مصلحة الدولة العربية الوطنية، وتسوية الخلافات، والتعامل مع التحديات، وصون مقدرات الشعب ووحدة نسيجه الوطني للحيلولة دون الدخول في حلقة مفرغة من الأزمات المتتالية.
وبذلك أوضحنا المبادئ السياسية للنظرية الأمنية للرئيس السيسي فيما يتعلق بالعلاقات المصرية العربية، ونستكمل معاً جوانب الأمن القومي السياسي في مقالي القادم، حيث ألقاكم قرائي الأعزاء وحديثنا حول مبادئ النظرية الأمنية حول العلاقات المصرية الإفريقية.