الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : ” بيت زينب خاتون ” .. شاهد على النضال الوطنى ضد الإحتلال ( ٩ )

إنه يوم العاشر من رمضان .. يوم العزة والكرامة والصمود والتحدى .. إنه يوم إنتصرت فيه الإرادة المصرية على الغرور الصهيونى ليتحقق النصر المبين بفضل عظيم من المولى عز وجل .. ونحن نحتفل اليوم بهذه الذكرى العظيمة نقدم ملحمة نضال وطنية خاضها شعب مصر المحروسة ضد أباطرة الإحتلال تلك الملحمة التى شهد تفاصيلها المشرفة واحداً من بيوت القاهرة التى لها تاريخ عظيم ليس فقط على الجانب المعمارى والأثرى ولكن كذلك على جانب النضال الوطنى والمقاومة والصمود لمواجهة الأعداء.
هذا البيت هو بيت " زينب خاتون " بيت أثري قديم يقع خلف الجامع الأزهر.
وأصل الحكاية ترجع إلى عام 1486 ميلادية حيث قامت الأميرة شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون أحد سلاطين المماليك ببناء منزل جميل خلف ظل ملكها حتى عام 1517 ودخول العثمانيين مصر، وتعاقب الوافدون الجدد على سكن المنزل وأضفوا لمساتهم عليه.
وكان لدى محمد بك الألفي كبار أمراء المماليك في مصر عام ١٧٩٠ خادمة تدعى زينب وقد أعتقها الألفي بك فتحررت زينب بل وتزوجت أميراً يدعى «الشريف حمزة الخربوطلي» ولأن زينب تزوجت أميراً فقد أصبحت أميرة مثله بل وأضيف لقباً إلى اسمها وهو خاتون أي المرأة الشريفة الجليلة، لذا أصبح اسمها زينب خاتون.
واشترى لها زوجها منزل شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون وسمي المنزل باسمها منزل زينب خاتون وكانت آخر من سكن هذا البيت قبل أن يضم إلى وزارة الأوقاف المصرية والتي قامت بتأجيره للعديد من الشخصيات كان آخرهم قائد عسكري بريطاني إبان فترة الاحتلال البريطاني لمصر رغم ما يشاع من أن المرأة في العصرين المملوكي والعثماني عُزلت وراء المشربيات واقتصر دورها في إطار عالم الجواري والحريم لكن زينب خاتون أثبتت عكس ذلك ؛ ففي عام 1798، جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر وبدأ نضال المصريين ضد الاحتلال الأجنبي وشاركت زينب خاتون في هذا النضال فكانت تؤوي الفدائيين والجرحى الذين يلجأون إلى البيت عندما يطاردهم الفرنسيون؛ وقد عثر في البيت على سبع وعشرين جثة دفنت في سرداب تحت الأرض، يعتقد أنها جثث الجرحى التي كانت زينب خاتون تؤويهم داخل بيتها ، حيث كان البيت أثناء هذه الفترة أشبه بغرفة عمليات للمقاومة ضد قراصنة الإحتلال الفرنسى الغاشم.
يُعتبر بيت زينب خاتون نموذجًا للعمارة المملوكية فمدخل البيت صمم بحيث لا يمكن للضيف رؤية من بالداخل وهو غاية فى الإبداع وتوجد إحدى غرف الأميرة وهي الركن الخاص بالولادة في الطابق الثالث حيث تتميز تلك الغرفة بالزجاج الملون المتقن الصنع الذي يضيء الغرفة بألوان مختلفة حين يسقط ضوء الشمس عليه وعلى الجانب الأيسر من الحجرة، يوجد باب يؤدي إلى «صندلة»، والأخيرة تشتمل على سرير علوي كانت تمكث فيه السيدة بعد الولادة فبعد أن تلد السيدة، كانت تصعد إلى الصندلة ولا تترك الغرفة إلا بعد مرور ٤٠ يومًا ولذلك حكمة طبية وهي أن مناعة الطفل تكون ضعيفة في الأربعين يوما الأولى ولذا كانت الصندلة تعمل على عزل الجنين والأم عن أي مسببات قد تضر بصحة أي منهما.
ويبقى أن نذكر هذا البيت العريق إستخدم فى كثير من الأعمال السينمائية والدرامية، نظرا لجمالة وطابعه الأثري، فقد تم استخدامه كموقع لتصوير العديد من الأعمال السينمائية والدرامية، ومنها: فيلم "المهاجر" (1994) – للمخرج يوسف شاهين، مسلسل "الزيني بركات" (1995) – للمخرج يحيى العلمي، مسلسل "هارون الرشيد" (1997) – حيث تم تصوير بعض المشاهد التاريخية داخل البيت، فيلم "مملكة الجبل" – الذي تضمن بعض المشاهد التي جرت في البيت، فيلم "ألف مبروك" (2009) – بطولة أحمد حلمي، حيث ظهر البيت كجزء من الأحداث.
هذه بعض الأمثلة على الأعمال التي تم تصويرها في بيت زينب خاتون، نظرًا لجاذبيته البصرية وتاريخه المعماري الفريد الذي يعكس أجواء القاهرة القديمة.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى