الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : الذاكرة والتاريخ لن ينسوا زملاء المهنة

في شهر رمضان المبارك، الذي تتجلى فيه معاني التسامح والمحبة والكرم، أتذكر بكل حب وامتنان أصدقائي الأعزاء من الوسط الصحفي الذين رافقوني في مسيرتي على مدى سنوات طويلة، فكانوا لي سندًا وعونًا في كل الأوقات، على الرغم من مشاغل الحياة وتقلبات الزمان.
أول منخطر على بالي هو الأخ والصديق العزيز، الكاتب الصحفي الكبير محمد المصري، مدير تحرير مجلة "أكتوبر" الذى جمعنا سوياً إتصال تليفونى اليوم الخميس، علمت من خلاله أنه زعلان مني بعض الشيء، ونحن في هذا الشهر الكريم، لم أتردد في الاعتذار وطلب السماح منه، فالعلاقة التي تجمعني به أعمق وأقوى من أي زعل عابر، محمد المصري لم يكن يومًا مجرد زميل، بل هو أخ بمعنى الكلمة، وله مكانة خاصة في قلبي، فلا تمر ذكرى أو مناسبة دون أن أستعيد اللحظات الجميلة التي قضيناها معًا في رحلتنا المهنية.
ولا يمكن أن أنسى الصديق والأخ الحبيب محمود نفادي، مدير تحرير جريدة الجمهورية ومستشار بوابة الدولة الإخبارية، هذا الرجل الذي يمثل نموذجًا للكفاح والعزيمة في عالم الصحافة، لقد جمعتنا سنوات من العمل المشترك، ليس فقط داخل مصر، بل في العديد من المؤتمرات الدولية والعربية والأفريقية والآسيوية.
كان محمود دائمًا رفيق السفر والمواقف، حيث شهدت معه لحظات لا تُنسى في رحلاتنا المهنية،وفي هذا الشهر الفضيل، أتوجه بالدعاء له بالشفاء العاجل وأن يعود إلى الساحة الصحفية بقوته المعتادة، فهو ليس مجرد صحفي متميز، بل هو نجم ساطع في بلاط صاحبة الجلالة، وكلنا ننتظر عودته جمهورة وأصدقائة وزملاءة بفارغ الصبر ليواصل تألقه وإبداعه.
ومن الصعب أن أذكر محمود نفادي دون أن أتطرق إلى مجدي عبد الرحمن، مدير تحرير جريدة "المساء"، الذي كانت لي معه رحلة لا تُنسى إلى بلجيكا. تلك الرحلة كانت مليئة بالمغامرات والمواقف الطريفة، حيث لم نعرف طعم النوم لخمسة أيام متواصلة، بفضل جمال وروعة هذا البلد الأوروبي الذي أخذنا في جولة استكشاف ممتعة، كان مجدي دائمًا ما يضفي روح الفكاهة والمرح على كل موقف، وما زلت أذكر تلك الرحلة وكأنها حدثت بالأمس، وفي هذا الشهر الفضيل، أتوجه بالدعاء له بالشفاء العاجل وأن يعود إلى الساحة الصحفية بقوته المعتادة.
أما عن الأخ الصعيدي الشهم، حامد محمد حامد، مدير تحرير "الأهرام المسائي"، فلا يمكنني إلا أن أستعيد ذكرياتنا المشتركة في الصين وسوريا والأردن. تلك اللحظات التي قضيناها معًا في هذه البلدان جعلتنا نتعرف على بعضنا أكثر، وأثبت لي أنه رجل بمعنى الكلمة، يتمتع بأخلاق نبيلة وشهامة تليق بأهل الصعيد، كان دائمًا مثالًا للصديق الوفي الذي يقف بجانبك في كل الأوقات، ويساعدك على تخطي أي صعوبات.
ولا يفوتني أن أذكر صديقي العزيز جهاد عبد المنعم، الذي عرّفني على حب جديد، حب السمك! كنت لسنوات طويلة أتحاشى تناول السمك حتى جاء جهاد وأقنعني بتجربته، ومنذ ذلك الحين أصبحت من عشاق هذا النوع من الطعام، جهاد لم يكن فقط رفيق الطاولة، بل كان رفيق العمر، دائمًا ما كنا نتبادل الضحكات والنقاشات الممتعة في كل لقاء يجمعنا.
ومع ذكر جهاد، لا بد أن أتحدث عن محمود غلاب، رئيس التحرير التنفيذي لجريدة الوفد. كان محمود هو الرفيق المثالي في جميع الجولات الميدانية التي قمنا بها في مختلف محافظات الجمهورية، في كل جولة، كان محمود يبهرني بنشاطه وحماسه، ودائمًا ما كنا نتعلم من بعضنا البعض ونتبادل الخبرات، فهو له قدرة فريدة على جعل أي جولة صحفية تجربة مميزة، ونحن كنا دائمًا فريقًا واحدًا متماسكًا.
ومع هذا الشهر الكريم شهر الصوم والعبادات لا يمكنني أن أنسى شيوخ المهنة الذين كان لهم الفضل الكبير في تكوين شخصياتنا الصحفية، وغرسوا فينا أصول هذه المهنة العريقة. هؤلاء الأساتذة الكبار الذين علمونا كيف تكون الصحافة سلاحًا قويًا إذا أُحسن استخدامها، وكيف نتحمل مسؤولية الكلمة التي نكتبها. كانوا دائمًا قدوة لنا في الالتزام بالصدق والدقة والموضوعية، وغرسوا فينا القيم التي ترفع من شأن العمل الصحفي وتجعله نبيلًا.
أول هؤلاء العظماء هو الأستاذ جلال السيد، مدير تحرير جريدة "الأخبار"، الذي تعلمنا منه أن الصحافة ليست فقط نقل الأخبار، بل هي مهنة لها أبعادها الأخلاقية والإنسانية. كان جلال السيد مثالًا للإخلاص والالتزام، وعلّمنا كيف نكون أقوياء أمام مصادرنا، وكيف نحافظ على استقلالية قلمنا مهما كانت الظروف.
أما الأستاذ عبد العزيز جاد، مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، فقد كان مدرسة في كيفية التعامل مع الأخبار الحساسة والمسؤولية الكبيرة التي يحملها الصحفي على عاتقه. تعلمنا منه أن العمل الصحفي ليس مجرد مهنة، بل هو رسالة وأمانة يجب أن نحملها بكل صدق وإخلاص.
ولا يمكن أن أنسى الأستاذ شريف رياض، مدير تحرير جريدة "الأخبار"، الذي غرس فينا أهمية الدقة والحرص على توثيق المعلومات، وعدم الانسياق وراء الشائعات أو المعلومات غير المؤكدة. كان دائمًا مثالًا للصحفي المثابر، الذي يبذل كل جهده في خدمة الحقيقة.
هؤلاء الأساتذة الأفاضل كانوا لنا بمثابة النور الذي نهتدي به في مسيرتنا المهنية. علمونا أن الصحافة ليست فقط مهنة، بل هي فن يحتاج إلى الصبر والتعلم المستمر، وإلى الشجاعة في مواجهة التحديات،علمونا كيف نكتب بكلمات تحمل في طياتها المعنى الحقيقي للصحافة النزيهة، وكيف نكون درعًا للحقيقة مهما كانت الضغوط.
إنني مدين لهؤلاء العظماء، ولكل ما علمونا إياه، فبفضلهم أصبحنا نعرف كيف نتحمل مسؤولية الكلمة، وكيف نكون على قدر الثقة التي يضعها فينا القراء.
هنا أذكر بكل فخر الكاتب الصحفي القدير محمود الشاذلي، الذي يُعد نموذجًا يُحتذى به في الثبات على المبادئ والتمسك بالقيم الصحفية الأصيلة، رغم التغيرات التي مر بها في مسيرته المهنية.
الشاذلي، الذي انتقل من جريدة الوفد المعارضة إلى جريدة الجمهورية المملوكة للدولة، ظل وفيًا لمبادئه التي عُرف بها، ولم يُغيّر نهجه أو يتنازل عن صدق الكلمة، يضع مصلحة بلاده والقارئ فوق كل اعتبار، دون أن يتأثر بالتحولات أو التغيرات من حوله.
لقد أثبت محمود الشاذلي أن الصحافة هي رسالة قبل أن تكون مهنة، وأن الصحفي النزيه يستطيع أن يحمل على عاتقه مبادئه وقيمه مهما كانت طبيعة المؤسسة التي يعمل بها، تجربته تُعد درسًا لكل من يريد أن يسلك طريق العمل الصحفي، ونجاحه في الحفاظ على نزاهته هو شهادة تقدير من الزمن له ولكل من يشهد له بهذه المهنية العالية.
وفي هذا الشهر الكريم، أتوجه لهم جميعًا بالشكر والتقدير، داعيًا الله أن يحفظهم ويبارك في أعمارهم، وأن يظلوا دائمًا منارات مضيئة في سماء الصحافة المصرية.
وفي هذا الشهر الكريم، أجد نفسي ممتنًا لكل هؤلاء الأصدقاء الأعزاء، الذين صنعوا معي ذكريات لا تُنسى. ولا يمكن أن أنسى من بينهم هشام سلطان، حمادة بكرو، حازم العبيدي، سامح لاشين، أسامة منازع، عماد فؤاد، عبد الناصر محمد، أحمد مكاوي، سامي أبو العز، إلهام حداد، محمد حسني، محمد المنسي، محمود حسين، كامل كامل، آمال كمال، آمال ربيع، فاطمة الدالي، محمود شاكر، سمير دسوقي، ماجدة صالح، محمد طرابية،وبهاء مباشر،وحمدى مبارز محمود فايد، طه خليفة، وحسام صدقة، ونور الصباح على ،وولاء نعمة الله وفريدة موسى ، ورانيا نبيل، ومحمد يوسف، وسيد السعدنى، وكريمة أبو زيد
كل واحد من هؤلاء الزملاء له مكانة خاصة في قلبي، ولكل واحد منهم قصة تروي جزءًا من رحلتي المهنية والشخصية، قد تكون الكلمات قليلة لوصف ما يعنيه هؤلاء الأشخاص لي، لكنهم كانوا وما زالوا جزءًا لا يتجزأ من حياتي. ومع مرور الوقت، تزداد محبتي لهم وتقديري لوجودهم في حياتي.
هؤلاء الصحفيون ليسوا مجرد زملاء مهنة، بل هم عائلة كبيرة جمعتنا الأخلاق النبيلة، القيم، والمواقف التي أثبتت معدنهم الأصيل. وأتمنى من الله أن يجمعنا دائمًا على الخير، وأن يديم علينا هذه الروابط القوية التي لا تتأثر بتقلبات الأيام.
في هذا الشهر الفضيل، أتمنى أن يحفظهم الله، وأن يبقى كل واحد منهم نجمًا ساطعًا في سماء الصحافة، مضيئًا درب الحق والحقيقة.