النائب أحمد قورة يكتب : بعد تحذيرات الرئيس السيسى .. أتقوا الله فى مصر

في عالمٍ يزدحم بالإعلام المتنوع والدراما التلفزيونية التي تُعرض يوميًا خلال شهر رمضان الكريم ، تبرز مشكلات عميقة تواجه المجتمع المصري في محتوى العديد المسلسلات والبرامج التي تحمل في طياتها مظاهر الإسفاف والابتذال، هذا المحتوى لا يعكس حقيقة قيمنا وأخلاقنا الأصيلة، بل يسعى لتشويه صورة المجتمع المصري وتقديمه بطريقة غير لائقة للعالم، لذلك، عندما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالته الصريحة والواضحة لصناع الدراما خلال حفل الإفطار السنوي الذي أقامته القوات المسلحة بحضور نخبة من كبار رجال الدولة، ، كانت تلك الرسالة بمثابة إنذار بضرورة التحرك لوقف هذا الهبوط الأخلاقي الذي أصبح مسيطراً على الشاشات.
كلمات الرئيس جاءت لتسلط الضوء على ضرورة العودة إلى القيم المصرية الأصيلة، مخاطبًا صناع الدراما بقوله: "أوعوا ترعو الهلس أو الهزل أو الكلام اللي ميبنيش أمة".
أي رسالة أبلغ من هذه الكلمات لتكون نداء استغاثة لإنقاذ ما تبقى من الهوية الثقافية والأخلاقية لمجتمعنا؟ كيف يمكن أن نترك لأبناء هذا الوطن شبابًا وأطفالًا أن يستمروا في مشاهدة مسلسلات تحمل في طياتها كل أشكال العنف، الفتونة، الدعارة، والسرقات؟ أي مستقبل نعده لهم إذا كنا نربيهم على مشاهد وعبارات لا تحمل سوى الفساد والتفسخ الأخلاقي؟
ما يحدث اليوم في العديد من المسلسلات التي تروج للبلطجة والانحرافات السلوكية هو انتهاك صارخ لقيم مجتمعنا، وهذا ما حذر منه الرئيس السيسي بوضوح. مشيرًا إلى أن الإعلام يجب أن يكون رافعة للقيم، وداعمًا لبناء أجيال متمسكة بمبادئها، وليس مروجًا لانحرافات أخلاقية. هذه الرسائل النبيلة التي حملها الرئيس يجب أن تكون نبراسًا لكل من يشارك في صناعة الدراما، فلا يمكن أن يُسمح بتشويه صورة مصر العريقة بحضارتها وأدبائها وعلمائها، مثل نجيب محفوظ وأحمد زويل، الذين أضاءوا سماء العالم بفكرهم وعلمهم.
لكن، هل استجابت هذه الصناعة للتحذيرات؟ للأسف، لا يزال هناك من يتجاهل هذه الرسائل. مسلسلات مثل "البرنس" و"ملوك الجدعنة" وغيرها من الأعمال التي تسلط الضوء على شخصيات تستخدم القوة والبلطجة كأداة للسيطرة، لا تعكس سوى نماذج منحرفة تسيء للمجتمع المصري. أين صورة الحارة المصرية الأصيلة؟ أين قصص التضحية والبطولة التي عرفت بها مصر عبر تاريخها؟ أين القيم التي بُني عليها المجتمع المصري عبر القرون؟
صناعة الدراما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أداة لتشكيل الفكر والتأثير على الأجيال. ولذا، يجب أن تتحمل هذه الصناعة مسؤوليتها في تقديم محتوى يعزز القيم الوطنية والأخلاقية. الدور الأساسي للإعلام المصري في هذه المرحلة هو دعم التوجهات التي تحدث عنها الرئيس السيسي، ليس فقط من خلال إنتاج أعمال درامية مسؤولة، بل أيضًا عبر تسليط الضوء على علماء النفس والاجتماع والاستفادة من آرائهم لتقديم محتوى يعزز بناء مجتمع قوي وأخلاقي.
يجب أن نتوقف جميعًا عن دعم تلك المسلسلات التي تروج للفساد وتدمير القيم، ونطالب بصناعة دراما هادفة ترفع من شأن المواطن المصري.
في خضم الرسائل الحاسمة التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي لصناع الدراما خلال حفل الإفطار السنوي، كان من الضروري أن يمتد هذا النداء لكل من كان حاضرًا في هذا اللقاء الهام الذى شهد حضور كبار المسؤولين في الدولة، بما في ذلك المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، والمستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بأن تكون لهذه الشخصيات الوطنية الكبيرة دورٌ في دعم وتفعيل الرسائل التي طرحها الرئيس السيسي، فهم قادة ومسؤولون عن توجيه المجتمع نحو مسار أكثر إيجابية، وجودهم في الحفل لم يكن مجرد حضور شرفي، بل كان رسالة واضحة بضرورة التحرك الجماعي لمواجهة موجة الإسفاف والابتذال التي تحاصر المجتمع عبر الدراما والإعلام.
هؤلاء المسؤولون يمتلكون سلطة التوجيه والتأثير في مختلف مؤسسات الدولة، شيخ الأزهر والبابا تواضروس يلعبان دورًا هامًا في التوعية الدينية والروحية للشعب، مما يضعهما في موقع محوري لدعم القيم الأخلاقية والدينية التي دعا إليها الرئيس، وإذا أنتقلنا الى رئيسا مجلس النواب والشيوخ، فبإمكانهما التأثير من خلال القوانين والتشريعات التي تنظم الإعلام والدراما، ليتم توجيه صناعة المحتوى نحو ما يخدم بناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.
مشاركة الحكومة بقيادة الدكتور مصطفى مدبولي في هذه الجهود، تأتي ضمن رؤية تكاملية لبناء مجتمع مستنير أخلاقيًا وفكريًا، فالحكومة مسؤولة عن تطبيق السياسات التي تشجع الإعلام على تقديم محتوى بنّاء، والتصدي لأعمال تروج للعنف والانحراف.
في النهاية، نقول لكل من يشارك في صناعة الدراما المصرية من كتّاب، ومؤلفين، ومخرجين، ومنتجين: اتقوا الله في مصر وتاريخها الطويل الحافل بالحضارات والبطولات، اتقوا الله في هذا الوطن الذي يحمل في طياته أعظم الحضارات التي عرفها التاريخ، من الفراعنة إلى العصر الحديث، مصر التي أنجبت عظماء الأدب والعلم والفن، والتي صنعت أبطالًا وزعماء حملوا راية المجد عبر العصور، لا تستحق أن تختزل في مشاهد الإسفاف والانحطاط الأخلاقي الذي نراه اليوم في بعض الأعمال الدرامية.
مصر التي كانت وما زالت قلب الأمة العربية النابض، لا تستحق أن يتم تشويه صورتها أمام العالم من خلال دراما تروج للعنف، للدعارة، والانحلال الأخلاقي، هذه الأعمال لا تعكس صورة مصر الحقيقية، بل تسعى لتدمير القيم والعادات التي لطالما كانت جزءًا من الهوية المصرية.
أين أنتم من الحارة المصرية الأصيلة التي كانت رمزًا للجدعنة والنخوة؟ أين أنتم من البطولات والتضحيات التي قدمها أجدادنا في سبيل هذا الوطن؟
نقول لكم، اتقوا الله في شباب مصر ونسائها، لا تحولوا الأجيال الصاعدة إلى شخصيات مشوهة ترى في الفتونة والبلطجة نمط حياة، أو في الرقص والدعارة وسيلة للربح السريع الذى نهانا الله عنة ، هذه المسلسلات التي تجعل من النساء راقصات وداعرات لا تليق بمكانة المرأة المصرية، التي كانت دائمًا رمزًا للعفة والنقاء والكرامة.
إنكم بصناعة هذه الأعمال لا تسيئون فقط للشباب، بل تقتلون الأمل في بناء جيل جديد يستطيع النهوض بهذا الوطن، أين القصص التي تحفز الشباب على التعليم والإبداع؟ أين الأعمال التي تلهم النساء بالقوة والعزيمة لبناء مستقبل أفضل؟ لماذا لا نشاهد أعمالًا تكرّم العلماء المصريين الذين حازوا على جوائز نوبل، مثل أحمد زويل ونجيب محفوظ، بدلًا من تسليط الضوء على الفتوات والخارجين عن القانون؟
اتقوا الله في مصر التي أضاءت سماء العالم بحضارتها وأفكارها، مصر التي قدمت للعالم أعظم الإنجازات في مجالات العلم والأدب والفن، لا تستحق أن تُقدّم للعالم من خلال مشاهد تشوه كل ما هو جميل في هذا الوطن، إن مصر الحقيقية ليست تلك التي تُظهرونها على الشاشات، بل هي تلك الأمة التي تمتلك أعمق القيم الأخلاقية والدينية، وأغنى التقاليد الثقافية.
نقول لكل من يساهم في هذه الصناعة: أنتم لستم فقط مسؤولين عن تقديم محتوى ترفيهي، بل أنتم مسؤولون عن تشكيل فكر المجتمع، تذكروا أن الدراما ليست مجرد وسيلة للابتزال أو الكسب السريع، بل هي أداة قادرة على بناء أو تدمير القيم، لذا، إن كنتم لا تستطيعون تقديم شيء ينفع المجتمع ويبني أجيالًا أخلاقية متماسكة، فالأفضل أن تبتعدوا عن هذا المجال.
لقد وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي النقاط على الحروف عندما حذر من هذه الموجة الخطيرة التي تهدد بنية المجتمع المصري، مطالبًا بعودة القيم المصرية الأصيلة،هذه الرسالة يجب أن تكون واضحة لكل من يعمل في صناعة الدراما: توقفوا عن دعم الفساد والانحلال، وابدأوا في تقديم محتوى يبني لا يهدم، ويرفع لا يهبط. مصر تستحق الأفضل، وشعبها يستحق دراما تليق بتاريخهم العظيم وقيمهم العريقة.
المجتمع المصري اليوم يحتاج إلى أعمال فنية تساهم في بناء شخصية المصري، ليس فقط من خلال التسلية، بل من خلال تقديم نماذج إيجابية تُلهم الجيل القادم بالعمل والنجاح، اتقوا الله في أمة تحمل تاريخًا يمتد لآلاف السنين، ولا تجعلوا من هذا التاريخ مسرحًا للابتذال والانحطاط.