الدكتورة غادة صقر تكتب: صفحات العار العربى الى متى ؟

إلى ملوك ورؤساء الدول العربية، ماذا بعد؟ ماذا تنتظرون؟ بعد أن أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية حقيقتها، ولم تكتفِ بالانحياز لإسرائيل، بل منحتها الضوء الأخضر لخرق أتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، لإبادة الفلسطينيين .
هل ستكتفون بالإدانات المكررة والشجب الروتيني؟ أم أنكم مستعدون لموقف حقيقي؟ لقد سئمنا من خطاباتكم الرنانة وتصريحاتكم الفارغة التي ترددها وسائل الإعلام وكأنها شعارات في زمن الهزيمة.
الشجب لا يُنقذ الأوطان!
الشعب الفلسطيني يواجه محرقة حقيقية، وأنتم تكتفون بالخطابات، هل تنتظرون أن يباد الشعب الفلسطيني بأكمله لتتحركوا ،لاأظن ذلك ولا أتوقعة ؟ إن التاريخ لن يرحمكم، والشعوب لن تغفر لكم، أنتم تعلمون تمامًا أن مجلس الامن والامم المتحدة ، ومحكمة العدل الدولية ،والمحكمة الجنائية الدولية هي مجرد ديكور في مواجهة إسرائيل وأمريكا، لقد تحولت تلك المؤسسات إلى أوراق ضغط تُستخدم ضد الضعفاء فقط، أما إسرائيل فتفعل ما تشاء بدعم الشيطان الأكبر،الولايات المتحدة الامريكية.
هل تظنون أن الشجب والإدانة سيوقفان هذا العدوان؟ هل تعتقدون أن اجتماعات الجامعة العربية ستكون الحل؟ كلا! أنتم تعلمون جيدًا أن قراراتكم ستظل حبيسة الأدراج ، كما كانت طوال عقود، بينما يستمر العدو في تدمير كل شيء.
أين الجيوش العربية؟
أنتم تملكون جيوشًا وأسلحة، ولكنها حبيسة المعسكرات، وكأنها خُلقت للعروض العسكرية فقط. في حين أن إسرائيل لا تتوانى لحظة عن قتل الأطفال والنساء، تلتزمون الصمت وكأنكم تُشاهدون فيلماً مأساويًا وليس إبادة جماعية لشعب شقيق، أين أسلحتكم؟ أين طائراتكم؟ أين أموالكم ؟ أين مواقفكم الحقيقية؟
لقد أصبح موقفكم عارًا على كل عربي. أنتم تتفرجون بينما تذبح إسرائيل الفلسطينيين وتدمر بيوتهم، وكأنكم تنتظرون نهاية هذا الشعب كي تعقدوا مؤتمرًا آخر للشجب.
الحل في مصر: تفويض السيسي
العالم العربي كله عاجز، لا حول له ولا قوة، باستثناء مصر، نشاهد ونتابع الرئيس عبد الفتاح السيسيى الذى يخوض معركة البقاء والوجود للشعب الفلسطيني نيابة عنكم جميعًا، إنه يواجه وحده قوى الظلام والدمار، بينما أنتم تكتفون بالكلمات الفارغة، هذا القائد المصرى يحتاج إلى دعم غير مشروط ،عليكم أن تمنحوا تفويضًا كاملًا وغير مشروط للسيسي ليقود هذه المعركة المصيرية، يجب أن يحصل على الدعم السياسي والعسكري والمالي الكامل منكم جميعًا، لأن فلسطين لن تُنقذ بالخطب الرنانة ولا بالتصريحات الإعلامية الجوفاء.
كفى خوفًا! حان وقت المواجهة!
إسرائيل لا تحترم أحدًا، وأمريكا هي العدو الأكبر للعرب، إذا كنتم لا تدركون ذلك حتى الآن، فأنتم جزء من المشكلة، هل تظنون أن الجلوس في قصوركم الفخمة والتفاوض سيعيد حقوق الشعب الفلسطيني؟ أنتم تخدعون أنفسكم! إسرائيل وأمريكا لا تفهمان سوى لغة القوة، القوة التي تخلت عنها الدول العربية مقابل البقاء في دائرة الصمت والضعف.
إلى متى هذا الخزي؟
أنتم تتحملون مسؤولية تاريخية، أنتم الذين تركتم الفلسطينيين وحدهم، تُباد عائلاتهم، وتُدمر بيوتهم، وتُغتال حياتهم، أنتم تتحملون مسؤولية العجز العربي والهزيمة المستمرة.
الشعوب العربية لن تنسى لكم هذا الصمت، ولن تُغفر لكم هذه الخيانة الكبرى لقضية العرب الأولى، إذا لم تتحركوا اليوم، لن تكون هناك فلسطين غدًا، وسيُكتب التاريخ أنكم كنتم شهودًا على أسوأ جريمة في العصر الحديث، وأنكم لم تفعلوا شيئًا لإنقاذها.
ماذا بعد؟
العالم العربي في مواجهة لحظة تاريخية. إما أن تكونوا رجالاً على مستوى التحدي، أو تسجلون أسماءكم في قائمة العار، القرار بأيديكم: هل سنظل ضعفاء ومتخاذلين أم سنستعيد كرامتنا وكرامة شعوبنا؟
لقد حان الوقت للقرارات الجريئة،كفى شعارات، كفى خنوعًا، نريد أفعالًا، عليكم أن تفرضوا عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ضد الدول الداعمة لإسرائيل، بدءًا من الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة، عليكم أن توقفوا كل أشكال التطبيع الاقتصادي والدبلوماسي مع هذا العدو الغاشم، إما أن تفعلوا ذلك اليوم، أو تنتظروا غضب الشعوب التي لن تسامحكم أبداً.
لا وقت للانتظار!
إسرائيل لا تنتظر، أمريكا لا تنتظر، فلماذا ننتظر نحن؟ يجب أن نتحرك الآن، وبكل قوة، فلسطين تنتظر منكم فعلًا وليس كلامًا.
أيها الملوك والرؤساء العرب: أين أنتم من توجيه الله؟
إلى ملوك ورؤساء الدول العربية، أين أنتم من قول الله تعالى في سورة النساء: "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا" (النساء: 75)
هذه الآية تُخاطبكم أنتم يا من تركتم الشعب الفلسطيني يُستضعف ويُقتل تحت نيران الاحتلال الصهيوني، بينما أنتم تقفون مكتوفي الأيدي، كيف لا تهبون لنصرة المستضعفين من الرجال والنساء والأطفال في فلسطين الذين يدعون الله بأن يُنجيهم من بطش الاحتلال الظالم؟ الله يُوجهكم مباشرة، فلماذا لا تلتزمون بواجبكم الديني والأخلاقي؟
تذكروا تحذير الله:
الله حذّر في كتابه الكريم من موالاة الكافرين على حساب المؤمنين، وجعل ذلك علامة واضحة للنفاق، فقال تعالى:"بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" (النساء: 138-139).
هل نسيتم هذا التحذير؟ هل أصبح التحالف مع أعداء الأمة الإسلامية وتطبيع العلاقات وضخ الاستثمارات التى تقدر بمليارات الدولارات معهم أكثر أهمية من نصرة المظلومين؟ إنكم بمواقفكم المخزية تتجاهلون هذا الأمر الإلهي، وتعرّضون أنفسكم لعذاب الله الذي توعد به المنافقين، كيف يمكنكم الوقوف في صف الطغاة والمعتدين، بينما المستضعفون من أبناء دينكم يُقتلون يوميًا؟
العقاب ينتظركم إن لم تتحركوا!
أيها القادة، إن العذاب الأليم الذي ينتظركم هو حقٌ محتوم إذا استمررتم في هذا الخذلان والتخاذل عن نصرة إخوانكم في الدين. إنكم لا تملكون رفاهية الصمت أو التعاون مع الأعداء بعد الآن، فالله قد حذركم بآياته الكريمة، ومن يخالف أمر الله، فإن مصيره العذاب والهلاك، فلا تخدعوا أنفسكم بأنكم في مأمن، فإن الله يمهل ولا يهمل.
إنكم مسؤولون أمام الله عن كل روح تُزهق وعن كل دم يُسفك في غزة وفلسطين، إن لم تتحركوا الآن، فأنتم تُعرضون أنفسكم لعقاب الله في الدنيا والآخرة، ولن تجدوا من يشفع لكم حينها.
كفى تواطؤًا وخيانة!
أنتم مسؤولون عن حماية دينكم وأمتكم، فإن كنتم تظنون أن التحالف مع أعداء الله سيمنحكم الأمان، فأنتم على خطأ كبير، الشيطان الاكبر" الولايات المتحدة الامريكية " الذي تتحالفون معه ضعيف، كما قال الله تعالى: "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" (النساء: 76)، فلا تظنوا أنكم في مأمن، فإن نصرة المستضعفين هي الفريضة الكبرى، وأي تقاعس عنها هو خيانة لدينكم، ولشعوبكم، ولتوجيهات رب العالمين.
تحذير أخير للرؤساء والملوك العرب
إن لم تتحركوا الآن، فإن التاريخ سيكتب عنكم بأنكم كنتم مجرد شهود عاجزين على أكبر مجزرة في حق شعبكم الفلسطيني، سيكتب أنكم ضيعتم قضية الأمة، واختبأتم خلف كلمات خاوية وشعارات زائفة، إن لم تُصْدروا قرارات جريئة فورًا، فإن كل دم فلسطيني يُراق اليوم سيلاحقكم إلى الأبد، تحذيرنا الأخير لكم: توبوا إلى الله، وارفعوا سلاح الحق ضد الظلم والطغيان، أو انتظروا عقابًا لا محالة قادمًا !
كاتب المقال الدكتورة غادة صقر استاذ الاعلام بجامعة دمياط وعضو مجلس النواب السابق