تردد أبريل.. حكاية الطقس في شهر نيسان

الطقس في شهر أبريل كل يوم في حال، يوم برد ويوم حر، مما يجعلنا نفكر معا في طبيعة الشهر وكيف انتبه إليه الشعراء، وكيف وظفه المصريون في الزراعة، خاصة أنه يتناسب مع أعياد شم النسيم، ويشكّل جسرًا بين الشتاء والربيع، بين الغموض والبهجة، بين نيسان الذي "يكذب" كما تقول الأمثال، وبين الأرض التي تستيقظ من سباتها الطويل.
المصريون وشهر أبريل
يتوافق شهر أبريل الميلادي مع نهاية شهر برمهات وبداية شهر برمودة في التقويم المصري القديم:
برمهات (من 10/11 مارس إلى 9 أبريل): شهر يتصل بالزراعة والخصب، وربما تعود تسميته إلى عيد أو طقس ديني مرتبط بالملك أمنحتب، ويقال في المأثور الشعبي "برمهات روح الغيط هات"، دلالة على حلول موسم الحصاد.
برمودة (من 10 أبريل إلى 9 مايو): يرتبط بالإله رنودة، إله الحصاد الفرعوني، ويقال عنه في المثل المصري: "برمودة دقوا الميودة"، أي أدوات الحصاد، مما يرسّخ مكانته كشهر يبدأ فيه الحصاد الحقيقي بعد طول انتظار.
أبريل.. وشم النسيم
عيد شم النسيم، الذي يحتفل به المصريون منذ آلاف السنين، يتوافق هذا العام مع يوم 21 أبريل، وهو احتفال قديم يعبر عن ارتباط المصري بالطبيعة، واحتفاؤه بالحياة الجديدة والولادة من رحم الأرض. يحل شم النسيم حين يكتمل جمال الربيع، وتفوح رائحة الزهور، وتتفتح أكمام الشجر، فيتحول النسيم إلى قصيدة، وهو ما عبّر عنه البحتري بأروع الأبيات:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الروض حتى كاد أن يتكلما
فأبريل ليس فقط تقلبات جوية، بل هو أيضًا تقلب في المشاعر، في الذاكرة، في توق الإنسان للصفاء بعد قسوة الشتاء.
محمود درويش وتردد أبريل
في قصيدته الشهيرة "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، يستدعي محمود درويش نيسان، أو أبريل، ويضعه ضمن قائمة الأشياء البسيطة والعميقة التي تجعل الحياة جديرة بالعيش:
على هذه الأرض ما يستحق الحياة:
تردد إبريل، رائحة الخبزِ في الفجر،
آراء امرأة في الرجال،
كتابات أسخيليوس،
أول الحب،
عشب على حجر،
أمهات تقفن على خيط ناي،
وخوف الغزاة من الذكريات.
هذا التردد في نيسان – بين شمس ومطر، بين برد ودفء – لا يراه درويش اضطرابًا، بل يرى فيه جوهر الحياة نفسها: التبدل، التوقع، الدهشة. هو تردد يوقظ الحواس، ويعطي للزمن مذاقًا لا يشبه ما قبله ولا ما بعده.