الكاتبة الصحفية أمال ربيع تكتب .. الطلاق العاطفى كارثة
تعد ظاهرة الطلاق العاطفي بين الأزواج إحدى الظواهر الفتاكة في المجتمع ، وهو مرض العصر الخطير الذى يؤدى الى وفاة المشاعر العاطفية بين الزوجين ، ووجود أفرادغرباء ، وزواج منتهي الصلاحيه ،وموت سريرى في البيت الواحد
نعم يعد الطلاق العاطفى كارثة أسرية بكل المقاييس أزواج وزوجات ، يرتبطون فقط فيما بينهم على الورق، يعيشون في حالة إغتراب نفسي وجسدي عن بعضهما البعض ، وتصاب الحياة الزوجية بينهما بالبرود وغياب الحب والرضا، والتصحر العاطفى ، هو أيضاً نوع من الطلاق ينقصه فقط الإعلان والتوثيق في الأوراق الرسمية ، أو هو علاقة زوجية ماتت وتنتظر استخراج شهادة الوفاة ، وهو حالة من اللاسلم واللاحرب انطفأت فيها مشاعر المودة والرحمة وفقد كلا الزوجين أو أحدهما الإحساس بالآخر وكأنه لم يعد موجودا أو لم يعد يظهر على شاشة وعيه الوجداني على الرغم من وجوده الحسي حوله نتيجة وفاة مشاعرهما رغم سنوات الزواج
وفي بعض الحالات قد يتعامل الزوج أو الزوجه بكل لطف وأدب مع الطرف الآخر ويلبي احتياجاته ولكن دون أي مشاعر فهي علاقة واجب فقط منزوعة الروح والوجدان وكأنه يؤدي مهمة رسمية أو واجب اجتماعي
ومن العلامات المؤكدة للطلاق العاطفي نوم كل طرف في غرفة منفصلة وتوقف العلاقة الجنسية بين الطرفين لشهور أو سنوات دون مبادرة من أحدهما للتقارب مع الآخر
واستمراراً لحالة الطلاق العاطفي لفترة طويلة تجعل جو البيت مسمما ومشحونا بالعداء والكراهية والنبذ والتجاهل ويعطي صورة سلبية للحياة وهذة العلاقات المنزوعة من المشاعر والحب تؤثر بشدة على الأبناء وربما تضرهم أكثر مما يضرهم الطلاق الفعلي للأبوين ، وهنا تسقط ذريعة الإستمرار من أجل الأبناء
وإذا لم تنجح كل المحاولات ، وازدادت العلاقة سوءا يوما بعد يوم ، فربما يتحول هذا الطلاق العاطفي إلى طلاق فعلى بإعلان موت العلاقة الزوجية رسميا
ويعتقد الخبراء في مجال علم النفس والاجتماع أن نسبة " الانفصال السريري " تفوق نسبة الطلاق الرسمي رغم عدم وجود إحصاءات رسمية عنها بسبب حساسية الموضوع. وبات يجتاح جميع فئات المجتمع بغض النظر عن ديانتهم أو قوميتهم أو أعمارهم أوخلفياتهم الثقافية
بينما تؤكد أحدى الدراسات الحديثة ، إن ظاهرة الإهتمام بالزوج بصورة مبالغة لا تساعد الزوج على العطاء العاطفي كما تعجل من سرعة الإحباط النفسي للزوجة التي لا تجد الإستجابة الفعالة على كل ما تقوم به من اجل نيل رضى شريكها عنها فتشعر بالضيق والتبرم والإنزعاج ، علما بأن هناك خيطًا رفيعًا بين الرعاية والإهتمام ، إذ تفيد بأن الإهتمام المبالغ في توفير متطلبات الزوج قد يتحول إلى ملل منه ، فيشعر وكأنه ملزمٌ بإتباع أمور وقواعد معينة تمليها عليه الزوجة رغما عنه بغض النظر عما إذا كان يحبها أم لا، وهناك أمثلة كثيرة على الإهتمام المرضي، الذي يتحول مع مرور الزمن إلى تأثير سلبي على جهازه العاطفي ، فيشعر بالهروب من البيت والبحث عن أثارة جديدة ، ولكن العكس غير صحيح، أما الرعاية فهي مجموعة من القواعد والممارسات التي تسمح بإيجاد دائرة من الحرية بين الزوجين في ممارسة الأهتمام الذاتي بعيدا عن الأخر،التي يتفق الزوجان على إتباعها، بقصد تنظيم أمور الحياة، بما في ذلك تفاصيل وسير العلاقة الزوجية، لتفاد ى سوء التفاهم والفوضى
إن الإهتمام الإجباري يتحول إلى حالة مَرضية، تُفسد العلاقة الزوجية عبر سلسة من الممارسات التي تصر الزوجة على إتباعها ، دون التفكير في تأثيرها السلبي او الأيجابي على شريكها ، فما من أحد يحب أن يجبر على القيام بشيء لا يحبه! تصوروا مثلًا زوجًا يُجبر زوجته على ارتداء ثياب ذات لون أحمر فقط، طوال الوقت! وتصوروا زوجة تُجبر زوجها على الذهاب معها للتسوق كل مرة تقرر فيها الذهاب! والنتيجة المتوقعة لمثل هذه التصرفات، هو الشعور بالإكراه
هنا نؤكد وبصوت مرتفع أنقذوا حياتكم الاسرية وحافظوا على أولادكم ،حيث أن الطلاق العاطفي يعد الحلقة الأخيرة في سلسلة الحياة الزوجية في حال عدم معالجته، وأما إذا ما عولج بالشكل الصحيح فإن هناك أملاً بعودة الحياة الزوجية إلى مسارها الطبيعي، ومن أهم النصائح التي تنفع في علاج الطلاق العاطفي:
اعتراف الزوجين بوجود فيروس خطير قد اخترق جسم الحياة الزوجية وعمل على إعاقته وهو الطلاق العاطفي. والاتفاق على ضرورة تكاتفهما وبذل كل ما في وسعهما من جهود من أجل القضاء عليه لتستعيد حياتهما الزوجية كامل صحتها وتمام جمالها،و تقدير كل من الزوجين الأعمال التي يقدمها الآخر وشكره عليها مهما كانت بسيطة، والاهتمام بإيجابياته ومدحه عليها والامتنان منه لغرض تعزيزها،ومنحه الاهتمام اللازم، والإقلاع عن إشعار الطرف الآخر بأنها مجرد تأدية واجب،واعتماد اللطف والرقة في الأقوال والأفعال مع الطرف الآخر لجذب وده ومحبته.
نقول فى الختام إن الطلاق العاطفي على الرغم من أعراضه الأليمة وآثاره الوخيمة إلا أنه بالإمكان معالجته إذا ما توفرت النية الصادقة لدى الزوجين وعزما على القضاء عليه وإعادة الحيوية والنشاط إلى علاقتهما الزوجية من جديد.