المستشار أســـــامة الصعيدي يكتب.. بعد الاطلاع الأصل في الأشياء الإباحة دون الوقاحة
بات الكثير من أفراد المجتمع يجد ملاذه في الفهم الخاطئ للقاعدة الأصولية ذات المنبت الشرعي أن "الأصل في الأشياء الإباحة" فيتعلقون بها متجاهلين مقاصدها وحدود تطبيقها وبخاصة الحدود القانونية سواء في مقام تطبيق القانون الجنائي أو القانون المدني، فيقوم هؤلاء وبخاصة الغير متخصصين منهم بفتح المجال أمام سيل من إجازة الممنوع واستسهال المسموح أو بالأحرى الوقاحة في استغلال هذه القاعدة الشرعية بقصد الإفلات من سيف القانون وفي ذات السياق دعونا نؤكد أن هذه القاعدة الشرعية "الأصل في الأشياء الإباحة" تجد مجال تطبيقها في نطاق تطبيق أحكام قانون العقوبات "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" ومفاد ذلك أن كل فعل لم يجرم بنص صريح لا يعتبر جريمة ولا يجوز المعاقبة عليه، ولا يلزم المتهم بإثبات برائته ودائماً في نطاق تطبيق أحكام قانون العقوبات يفسر الشك لصالح المتهم، بل أكثر من ذلك يجوز الاستناد إلى دليل غير قانوني للحكم بالبراءة ولكن لا يجوز الاستناد إلى هذا الدليل للحكم بالإدانة، وإذا كان مقام تطبيق القاعدة الأصولية المشار اليها يجد مجاله في قانون العقوبات إلا أن الأمر يختلف في القانون المدني حيث أن نطاق تطبيق أحكامه تقتضي مراعاة شروط صحة التصرفات القانونية التي يقوم بها أفراد المجتمع فيما بينهم فإذا لم ينص المشرع المدني على حكم أو حق فليس معني ذلك أنه قرر إباحته بل يجب استنباط حدود الإباحة من النصوص المدنية التي تقررها، فالقانون المدني هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات الخاصة بين أفراد المجتمع سواء المعاملات المالية أو الأحوال الشخصية.
وفي النهاية " يجب التأكيد على أن الأصل في الأشياء الإباحة بعيداً عن الوقاحة، فالحرية هي الحق في أن تعمل ما يبيحه القانون وليس في التحايل عليه"