المستشار عمرو محمد احمد يكتب :أزمات الاقتصاد الحر يصعب التنبؤ بها
التاريخ دروس مستفادة و الواقع يفرض نفسه بقوة وعلينا ان نحاول جاهدين تفسير ما يحدث من أزمات مركبة مما يزيد الامر تعقيدا لمواجه او تجنب ما يحدث مستقبلا فلا يوجد معيار مثالي مطلق في علم الاقتصاد رغم ان التجربة الرأسمالية تسود دول العالم بحكم من يقود و هو الحلف السياسي الممثل في الدول الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية نشأت التحالف عام 1974 والتي جمعت ممثلين عن ست حكومات: فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وسميت بمجموعة الستة. بعد إضافة كندا عرفت مجموعة السبعة في عام 1976. أُضيفت روسيا إلى التحالف السياسي منذ عام 1997، والذي أصبح مجموعة الثماني حتى عام 2014 وبعد خروج روسيا بس الحرب مع أوكرانيا يمثل مجموع اقتصاد هذه الدول الثمانية 65% من اقتصاد العالم وأغلبية القوة العسكرية هي تحتل من 7 الى 8 مراكز الأكثر إنفاقاً على التسلح وتقريباً كل الأسلحة النووية عالمياً
ان عدد دول العالم 193دولة ومن هذا المنطلق يجدر بنا ان نقول ان هذا الحلف هو مجلس ادارة العالم ويأتي في المستوى الثاني حلف مجموعة العشرين ويمثل الجمعية العمومية للاقتصاد العالمي وما يتم في الغرف المغلقة قد يكون هو المستهدف والمعلن من قرارات هي مثالية لا يوجد لها أساس في الواقع و ان العالم الجديد يخلق فوراق كبيرة بالإيجاب والسلب وان دور الدول يتقلص بنسب القوة التي تؤثر في العالم واليوم تعقد قمة أهداف التنمية المستدامة لعام 2023 بين 18 و19 سبتمبر في نيويورك، وبالتزامن مع الأسبوع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة مع وصول خطة التنمية المستدامة إلى منتصفها. وتهدف القمة الى تسريع الإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي رؤية الأمم المتحدة لعالم أفضل بحلول عام 2030. في ظل الأزمات المتعددة والمتشابكة التي يوجهها العالم وتستطيع الدول الصناعية الكبرى ان تحقق هي فقط دون غيرها اهداف التنمية المستدامة وامتصاص الازمة المركبة. ونوضح امثله تضع القارء في المشهد.
ان أزمات الاقتصاد الحر يصعب التنبؤ بها تشـمل هـذه الأزمـة مجـالات معينـه او قطاعـات كبيـره مـن الاقتصـاد العـالمي فهـي على سبيل المثال ازمة الطاقة، ازمه الغذاء، ازمة المواد الخام أزمات رأسمالية خاصة تتمثـــل الازمـــات الاقتصـــادية فـــي انخفـــاض عائـــدات العمـــلات الأجنبية فـــي الاقتصـــاد او زيـــاده المـــدفوعات الخارجيـــة الـــى العـــالم الخـــارجي نتيجـــة ارتفـــاع أســعار الــواردات مــثلا. وقــد تحــدث ازمــات اقتصــاديه مؤقتــة او ازمــات دائمــة حيــث تختلــف العوامل المؤدية لكل منهما وتنقسم هذه الازمات الى نوعين هما:-
أولا: - أزمات أسواق السلع هـي ازمـات تحـدث فـي مجـال تبـادل السـلع فـي التجـارة الدوليـة ويحـدث هـذا النـوع من خلال واحد او أكثر من الحالات التالية:
1- أزمات التصدير تنبـع هـذه الازمـات عـادة بسـبب دورة الاعمـال فـي الـدول الصـناعية حيـث يـؤدي ارتفاع معدل النمو الـى زيـاده الطلـب علـى المـواد الاوليـة ( أي صـادرات الـدول الناميـة) وبالتــالي ارتفــاع اســعارها بالنســبة الــى أســعار الســلع المصــنعة وكــذلك فــان الكســاد فــي الــدول الصــناعية يــؤدي لــنقص الطلــب وانخفــاض الأســعار كمــا تتأثر صــادرات الــدول الناميـة كـذلك بأحـداث خـارج السـيطرة مثلمـا انخفضـت أسـعار البترول نتيجة لجائحة كورونا (ازمة الاغلاق العام ) الأسـواق العالميــة .
2- أزمات الاستيراد ان الـدول الناميـة تعتبـر مصـدرا للمـواد الاوليـة وفـي نفـس الوقـت تقـوم باسـتيراد سـلع اخـرى، وهكـذا فـان أيـة زيـاده فـي أسـعار واردات هـذه الـدول تـؤدي لحـدوث ازمـات للدول المسـتوردة مـثلا الطفـرة فـي أسـعار البتـرول عـام ١٩٧٣ كانـت بمثابـه ازمـة شـديده للـدول المسـتوردة للبتـرول حيـث ارتفعـت مـدفوعات هـذه الـدول لاسـتيراد البتـرول بدرجـه كبيرة
3- ازمه سعر الصرف ان تحركـات أسـعار الصـرف بـين عمـلات الـدول الصـناعية لهـا اثـار مهمـة علـى أسـعار صـادرات وواردات الـدول الناميـة، فعنـد ارتفـاع أسـعار الـدولار مقابـل العمــلات الاوربيـة تـنخفض أسـعار الاسـتيراد والتصـدير عنـد حسـابها بالـدولار وترتفـع عنـد حسـابها بـالعملات الاوربيـة وبالتـالي فـان تغيـر سـعر الصـرف يـنعكس علـى تكـاليف الصـادرات والواردات ويؤثر على مجمل الاقتصاد
4- معدل التبادل التجاري بالنسبة لأي دولة فان هذا المعدل يسـاوي متوسـط سـعر صـادرات الدولـة بالنسـبة الى متوسط سعر وارداتها، وهو يعكس عائد الدولـة مـن التجـارة الخارجيـة وبالتالي فـان انخفـاض هـذا المعـدل فـي ظـل ثبـات كميـه الصـادرات والـواردات يعنـي ارتفـاع متوسـط ســعر الــواردات بنســبه اكبــر مــن الارتفــاع فــي متوســط ســعر الصــادرات وهــذا يعنــي ان الدولة يجب ان تحجم وارداتها او تزيد كمية صادراتها، لتحصل على نفس العائد الـذي كانت تحصل عليه من صادراتها.
ثانيا: - أزمات رأس المال ان العوامـل الاساسـية فـي ازمـات أسـواق راس المـال هـي تكلفـة الاقتـراض التـي يحددها سعر الفائدة ومعدلات التضخم والعوائق في أسواق الاقتراض الدولي ولذلك فـان حدوث أي اختلال في هذه العوامل يكون مدخلا لحدوث ازمه في سوق المال. وتشـمل الازمات التالية
1- أزمة أسعار الفائدة تحصـل معظـم الـدول المقترضـة الناميـة علـى قروضـها مـن أسـواق المـال الدوليـة بعملات الدول الصناعية (بالدولار في اغلب الحالات ) وتصبح تكلفـه الـدين هـي سـعر الفائـدة بالـدولار حيـث تـؤدي زيـادة أسـعار الفائـدة الـى زيـادة تكلفـة الـدين بالنسـبة للـدول ً المقترضة وهذا يتوقف على ما اذا كان سعر الفائدة على القرض متغيرا و ثابتا ان الحصـول علـى القـروض بسـعر فائـدة ثابتـة يعنـي ان أي تذبـذبات فـي أسـعار فائـدة القــروض لــن يتحملهــا المقتــرض ، امــا ســعر الفائــدة المتغيــر فيعنــي ان تغيــرات ســعر الفائدة يتحملها المقترض
2- أزمة معدل التضخم ان تقدير حجم الدين الخارجي لا يعتمد على قيمته النقدية ولكن على الصادرات الاضـــافية او الـــواردات التـــي يجـــب الاســـتغناء عنهـــا مـــن اجـــل تـــوفير العملـــة الاجنبيـــة اللازمة لسداد الدين وزيادة معدل التضخم العالمي تقلل من القيمة الحقيقية لديون الدولة وبالتــالي فــأن حســاب التكلفــة الفعليــة للــدين يتطلــب ان يــتم خصــم معــدل التضــخم مــن معدل الفائدة على الدين وفي حالة ارتفاع معـدل التضـخم بصـورة ملحوظـة قـد يـؤدي ذلـك الـى فقـدان الدولـة للقـوة الشرائية لديونها لدى الغير وهو ما يكون بداية ازمة .
3- أزمة القيود على الاقتراض ان وضــع قيــود علــى الاقتــراض بعــد ازمــة الــديون العالميــة قــد ادى الــى تفــاقم الازمات في بعض الدول حيث فقد المقترضون الثقة في قدرة الدول المدينة علـى الوفـاء بالتزاماتهـا وتعثـر سـداد العديـد مـن القـروض قصـيرة الاجـل واصـبحت هـذه القيـود علـى ً للازمـــات بالنســـبة لــدول الاقتـــراض مصـــدرا المدينة التـــي اصــبح عليهـــا ســداد ً جديـــدا مدفوعات الدين من العائدات الجارية سواء زيادة الصادرات ام خفض الواردات.
والسؤال هنا في ظل وجود التطور الفائق في تكنولوجيا المعلومات وقواعد البيانات يصعب التنبؤ بالأزمة وتجنبها وما يدور في ذهني ان كل شيء مدروس ومخطط بدقه حتى نصل الى ما وصلنا اليه.
حفظ الله مصر وقائدها وشعبها العظيم