(بالصور) موكب الجمال في مصر.. 8 قرون من الاحتفال بـ”السيد البدوي”
تتزين مدينة طنطا، شمالي مصر، لاستقبال مئات الآلاف في أكبر مولد يقام في مصر.
تتراوح تقديرات زوار مولد السيد أحمد البدوي رضي الله عنه كل عام بين مليون إلى مليوني زائر، فهو أحد رموز الصوفية ومؤسس الطريقة الأحمدية، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى الصوفية.
يقام الاحتفال على مدار أسبوع كامل، بدأ الخميس الماضي، وينتهي الخميس المقبل، فيما يعرف بالليلة الكبيرة.
يشارك في الاحتفال أكثر من مريدي سبعين طريقة صوفية مصرية من جميع المحافظات المصرية، في الاحتفال الذي يقام حول المسجد الأحمدي بمدينة طنطا بمحافظة الغربية.
المولد الذي يقام منذ 800 عام، هو مناسبة دينية اجتماعية لها عاداتها وطقوسها التي توارثها الأحفاد عن الأجداد، وهو سوق اقتصادية كبيرة يستفيد منها الكثير من التجار.
السير على الأقدام
من بين الطقوس المستمرة طوال 800 عام هو سير البعض على الأقدام فيما يعرف بـ"موكب الجمال"، الذي ينطلق من عدة محافظات مصرية ويستمر لأسابيع حتى يصل إلى مدينة طنطا في أيام المولد.
خلال المواكب يردد المريدون هتافات الله أكبر والحمد لله، ويجهرون بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بالإضافة لعبارات المديح للسيد البدوي صاحب الذكرى.
يعلق الدكتور عبدالحليم العزمي، الأمين العام والمتحدث الرسمي للاتحاد العالمي للطرق الصوفية، على هذه المواكب بقوله: "هي موروث ثقافي منذ ٨ قرون، حيث لم تكن وسائل المواصلات الحديثة موجودة، ولم يكن موجودا سوى النقل بالجمال".
ويضيف العزمي، أن هذه العادة ظلت تتوارثها الأجيال، ويحافظ عليها البعض، لكن الأغلبية الآن يذهبون بوسائل النقل الحديثة كالقطارات والسيارات.
وعن سبب الاحتفال بالسيد البدوي، يقول العزمي إن السيد البدوي من آل البيت النبوي، وهو رمز وقدوة لشباب الأمة، حيث قدم من مدينة فاس بالمغرب إلى مصر في أواخر الدولة الأيوبية وبدايات الدولة المملوكية، وشارك مع المصريين بسيفه في مواجهة الحملات الصليبية، وكان أحد فرسان معركة المنصورة البارزين.
ويضيف العزمي أن السيد البدوي في المعركة كان يتولى استرداد أسرى المسلمين من أيدي الفرنجة، واستطاع صد هجوم الفرنجة على المنصورة وتمكن من أسر ملكهم الملك لويس التاسع، وكسر الحملة الصليبية السابعة.
ويشير العزمي إلى أن مشاركة السيد البدوي في هذه المعركة أضحت مضرب الأمثال، حتى انتشرت المقولة الشعبية: "الله الله يا بدوي جاب اليسرى" أي الأسرى، ومن ثم أطلق عليه "جيَّاب الأسرى".
ويضيف العزمي: "كما أطلق عليه أيضًا "أبوالفتيان" كناية عن قوته الروحية هو وأتباعه في جهاد الصليبيين، كما اشترك رجاله في اصطياد الأسرى من الصليبيين، "بما يمكن أن نسميه بالفدائية"
ويختم العزمي: إن تركيز بعض التيارات الدينية المتسلفة على الهجوم على السيد البدوي كل عام سببه أنه قدوة للمسلمين في الجهاد والدفاع عن الوطن والدين، وهم يحاولون بشتى الطرق تدمير فكرة الوطن ونشر التطرف الديني ومحاربة أي شخص قدوة، واعتبر العزمي أن مهاجمة السيد البدوي خدمة للاستعمار الأجنبي، لأنه رمز للمقاومة والدفاع عن الأرض والوطن وقدوة للأمة.
السيد البدوي
يذكر أن دار الإفتاء المصرية دافعت في فتوى شهيرة عن السيد البدوي أصدرتها العام الماضي تزامنًا مع الاحتفال بمولده، وقالت إن "السيد أحمد البدوي الحسيني رضي الله عنه إمام قطبٌ عارفٌ وليّ، ووارثٌ نبوي ربانيّ، ونسيبٌ علوى هاشميّ، ومقرئٌ فقيهٌ، وهو من كبار أولياء الأمة المحمدية، ووارث محمدي بلغ الغاية في الفتوة والأخلاق الندية، وأنه في الأمة كلمة إجماع، وبين الأئمة إمام بلا نزاع، قد جمع بين الحقيقة والشريعة، وضم إلى العلم الكسبي العلمَ الوهبي، وكان في العلم بحرًا لا يُدرَك له قرار؛ كما شهد بذلك العلماء الأخيار، وتواترت عنه الكرامات والمواهب اللدنية، وأثرت عنه الأخلاق الكريمة والشمائل المرضية".