المستشار محمد سليم يكتب : غزة تحترق ومازلنا نشجب ونستنكر

أيها الملوك والرؤساء العرب، إلى متى سيظل صمتكم المريب يطارد أرواح الأبرياء في غزة؟ إلى متى ستستمر اجتماعاتكم الباردة وبياناتكم الهزيلة التي لا تهز شعرة في رأس العدو الصهيوني؟ هل تظنون أن مجرد الاستنكار سيوقف إسرائيل وأمريكا عن تدمير غزة؟ عيب، والله عيب!
غزة تحترق، وأهلها يُذبحون بوحشية لا تُوصف، وأنتم تجلسون في قصوركم، تتبادلون التحيات وتُصدرون بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع، التاريخ لن يرحم جبنكم هذا، ولن يغفر لكم صمتكم الذي يخون كل قطرة دم سالت في شوارع غزة، أين الافعال الحاسمة وليست القرارات ؟ أين وقف العلاقات مع من يدعمون القتلة؟ أين حراككم ضد هذا العدوان الهمجي؟!
يا جماعة، عيب عليكم، أنتم تعرفون أن بياناتكم لن توقف الاحتلال ولا تخيف أمريكا، الشعب الفلسطيني لا ينتظر منكم مؤتمرات، بل ينتظر أفعالاً تزلزل الأرض تحت أقدام الصهاينة، ينتظر موقفًا عربيًا يشرف التاريخ ويدافع عن الكرامة المهدورة.
يا أمة العرب، هل ما زلتم تنتظرون؟! بينما تتساقط القنابل على رؤوس الأبرياء في غزة، وأمريكا تعترف بوقاحة أنها كانت تعلم بإعادة إسرائيل الحرب، تتنصل من اتفاقات وقف إطلاق النار وكأنها تلقي بكل ما اتفقنا عليه إلى مهب الريح إلى متى هذا الهوان ؟! آن الأوان أن نترك لغة الشجب والإدانة، التي لم ولن تعني لهم شيئاً، إسرائيل وأمريكا لا يحترموننا ولا يأبهون لقرارات منظماتنا وكذلك المنظمات الدولية التى أصبحت كأشباح بلا روح!
ما نحتاجه الآن هو أفعال، وليس أقوالًا فارغة، أين هي روح حرب أكتوبر التي وحدتنا؟ التي وقف فيها العرب صفًا واحدًا مع مصر، عندما قطعنا البترول عن الغرب واهتزت الأرض تحت أقدامهم؟! نحن اليوم في حاجة ماسة إلى عودة تلك الروح، إلى دعم حقيقي، وليس بيانات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع!
والسؤال هنا، أين أنتم من مصر؟! أين أنتم من الدولة التي كانت ولا تزال تقف في الصف الأول لمواجهة إسرائيل ومن يقف وراءها؟! مصر تحتاج دعمكم الآن، إذا كنتم جادين في الدفاع عن فلسطين وفي مقاومة الهيمنة الصهيونية، اجعلوا أنفسكم ظهيرًا قويًا لمصر، امنحوا مصر التفويض الكامل، التفويض الذي تستحقه لتتخذ القرارات اللازمة التي لا يجب أن تُرد أو تُرفض. دعوها تقود هذه المعركة، كما فعلت في الماضي، وكما تفعل الآن في حماية أرض فلسطين وأهلها.
نحن بحاجة إلى خطوات حقيقية، وقف العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كل من يدعم إسرائيل، وعلى رأسهم أمريكا، نريد شراكات حقيقية مع الصين ودول آسيا، بعيدًا عن النفوذ الأمريكي، كفانا تبعية، وكفانا رضوخًا! لنمنح مصر التفويض باتخاذ ما تراه ضروريًا، ولتكن هذه القرارات ملزمة لجميع الدول العربية، فهذه ليست معركة فلسطين وحدها، إنها معركة الأمة بأسرها.
يا قادة العرب، أليس هذا وقت الدعم الحقيقي لمصر؟! أليس الوقت قد حان لكي تكونوا السند والظهير الذي تحتاجه في معركتها ضد العدو الصهيوني وأعوانه؟! ما نحتاجه هو إرادة، إرادة سياسية تقودها مصر بكل شجاعة وحزم، بدعمكم غير المشروط.
اليوم، مطلوب منا أن نعيد للأمة كرامتها، وأن نتخذ قرارات حاسمة تكتب تاريخًا جديدًا للعرب. فهل ننتظر بعد اليوم؟ أم نتحرك تحت راية مصر، وبقيادتها، نحو أفعال تهز العالم وتعيد حقوقنا المغتصبة؟
كاتب المقال المستشار محمد سليم عضو المحكمة العربية لفض المنازعات بين الدول العربية وعضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب السابق