الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب: عمارة ” غمرة ” .. تحطم الفنون الهندسية التقليدية ( ١٩ )

شهد عام ١٩٣٩ حدث معمارى ضخم هز مصر وتصدر مجلة العمارة وهى أول مجلة معمارية عربية وأفريقية وهو إنشاء عمارة انجو زادة أو مدام إنجى زادة _ التى نطلق عليها اليوم إسم عمارة غمرة _ وذلك لأنها أطول برج سكنى فى القاهرة حيث تتكون من ١٢ طابق بخلاف الدور الأرضى فضلا عن أنها أول عمارة من الخرسانة المسلحة بالكامل .. أستخدم فيها مواد هندسية جديدة كالمزج بين الألومنيوم والزجاج واستخدمت كذلك أفكار هندسية حديثة مثل التراس المفتوح فى الأدوار العلوية والحديقة العلوية " روف جاردن " والهوائى لإستقبال الراديو .. ودمج الشقق على بعضها البعض والتخلص من قيود الزخارف التقليدية للعمارة الخديوية فكانت طفرة هندسية وثورة على العمارة التقليدية .. بناها المهندس العبقرى أنطوان سليم نحاس وهى المبنى الوحيد الذى ترك توقيعه عليه ربما لأنه فى الأصل من سكان حى الظاهر.
تلك العمارة هى واحدة من أعرق وأجمل المبانى السكنية فى القاهرة وتعد من أبرز المبانى التى بناها المبدع أنطوان سليم نحاس الذى بنى الكثير من المنشئات القيمة والعريقة فى مصر.
هذه العمارة تعرف بعدة أسماء أشهرها إسم عمارة غمرة لأنها تقع فى منطقة غمرة بحى الظاهر و تحمل رقم ١٨٠ شارع رمسيس الذى كان يطلق عليه قديما شارع الملكة نازلى.
هذه العمارة تثير أشجان سكان مناطق عديدة محيطة بها منها أحياء الظاهر والشرابية والسكاكينى والوايلية بل وبكل المارين بشارع بورسعيد بالقاهرة حيث تطل بمنظرها البديع وواجهتها المميزة وجمالها الفاتن على كوبرى غمرة.
وأطلقت أسماء أخرى على تلك العمارة بسبب الإعلانات التى كانت لوحاتها تعلق عليها مثل هوليود نسبة إلى نوع قديم من السجائر والبعض أطلق عليها إسم " بلمونت " نسبة إلى عمارة بلمونت الشهيرة بجاردن سيتى ، كما أطلق عليها أيضا إسم عمارة " سفن أب " عليها فى فترة وجود إعلان لهذا المشروب أعلاها وكذلك الحال " سبورت كولا " خاصة وأن واجهة العمارة كانت تشبه العلامة التجارية لهذا المشروب.
أما الإسم الحقيقى لهذا الصرح الشامخ الواقع فى حى الظاهر فهو لصاحبتها إنجى زادة أو انجو زادة وهى من أبرز هوانم مصر فى ذلك الوقت وتنتمى إلى طبقة أرستقراطية حيث أنها سليلة واحدة من أكبر العائلات بالقاهرة وهى من أصول تركية.
ويقال أن المذيع والمؤرخ السينمائى الكبير والشهير يوسف شريف رزق الله كان واحدا من سكان هذه العمارة.
حازت العمارة شهرة كبيرة وقت بنائها، بسبب ارتفاعها الكبير مقارنة بما كان شائعا في ذلك الزمان ، وبسبب موقعها المتميز.
أساسات هذه العمارة بها " خوازيق " تحت الأرض على عمق تسعة أمتار. بالعمارة مصعدين وعمود للراديو يمكن لجميع السكان الاستفادة منه لتحسين استقبال إشارات الراديو ، في زمن كان لجهاز الراديو فيه أهمية كبيرة .. زمن قديم ترك لنا كل شىء جميل.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى