مقالات جبران خليل جبران.. ماذا قال عن الشعور بالاغتراب؟

تحل، اليوم، ذكرى رحيل الكاتب اللبناني الشهير جبران خليل جبران حيث فارق عالمنا في 10 أبريل عام 1931، ويعتبر جبران خليل جبران أحد أبرز كتاب أدب المهجر، وقد ولد فى السادس من يناير عام 1883 فى لبنان وارتحل بعدها فى شبابه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عاش وكتب القصائد والكتب النثرية التي القت رواجا.
وقد اشتهر جبران خليل جبران بكتبه المتنوعة وكتابته ألوان مختلفة من الأدب ومنها المقالات، وهنا نتوقف مع مقال بعنوان الشاعر فماذا قال فيه عن الغربة والشعور بالاغتراب.
أنا غريب في هذا العالم
أنا غريب وفي الغربة وحدة قاسية ووحشة موجعة، غير أنها تجعلني أفكر أبدًا بوطنٍ سحريٍّ لا أعرفه، وتَملأ أحلامي بأشباح أرضٍ قصية ما رأتها عيني.
أنا غريبٌ عن أهلي وخِلَّاني، فإذا ما لقيتُ واحدًا منهم أقول في ذاتي: "من هذا؟ وكيف عرفته؟ وأيُّ ناموس يجمعني به؟ ولماذا أقترب منه وأُجالسه؟"
أنا غريب عن نفسي، فإذا ما سمعت لساني مُتكلِّمًا تستغرب أذني صوتي. وقد أرى ذاتي الخفية ضاحكة باكية، مُستبسلة خائفة، فيعجب كياني بكياني، وتستفسر روحي روحي. ولكنني أبقى مجهولًا، مُستترًا، مكنفًا بالضباب، محجوبًا بالسكوت.
أنا غريب عن جسدي، وكلما وقفت أمام المرآة أرى في وجهي ما لا تشعر به نفسي، وأجد في عيني ما لا تكنُّه أعماقي. أسير في شوارع المدينة فيتبعني الفِتيان صارخين: «هو ذا الأعمى، فلنُعطِهِ عكازًا يتوكَّأ عليها» فأهرب منهم مُسرعًا ثم ألتقي بسربٍ من الصبايا فيتشبَّثن بأذيالي قائلات: «هو أطرش كالصخر، فلنملأ أذنيه بأنغام والغزل.» فأتركهن راكضًا. ثم ألتقي بجماعة من الكهول، فيقفون حولي قائلين: «هو أخرس كالقبر، فتعالوا نُقَوِّم اعوجاج لسانه» فأغادرهم خائفًا ثم ألتقي برهطٍ من الشيوخ، فيومئون نحوي بأصابع مُرتعشة قائلين: «هو مجنون أضاع صوابه في مسارح الجن والغيلان».