النبى محمد يخرج على رأس جيشه.. ما حكاية معركة دومة الجندل؟
خرج النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فى مثل هذا اليوم من عام 626، على رأس جيشه نحو قبيلة قضاعة التى كانت تنزل شمال قبائل أسد وغطفان، فى حدود قبائل الغساسنة الموالين للدولة الرومية (بيزنطة)، والمشرفة على سوق "دُومة الجندل" الشهير، ولكن ما سبب خروج الرسول مع جيشه وهل وقعت معركة هناك؟.
يقول كتاب "الرحيق المختوم" لصفى الرحمن المباركفوري، عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، وقد ساد المنطقة الأمن والسلام، واطمأنت دولته، فتفرغ للتوجه إلى أقصى حدود العرب حتى تصير السيطرة للمسلمين على الموقف، ويعترف بذلك الموالون والمعادون.
مكث بعد بدر الصغرى فى المدينة ستة أشهر، ثم جاءت إليه الأخبار بأن القبائل حول دومة الجندل- قريبا من الشام- تقطع الطريق هناك، وتنهب ما يمر بها، وأنها قد حشدت جمعا كبيرا تريد أن تهاجم المدينة، فاستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وخرج فى ألف من المسلمين لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة 5 هـ، وأخذ رجلا من بنى عذرة دليلا للطريق يقال له مذكور.
خرج يسير الليل ويكمن النهار، حتى يفاجئ أعداءهم وهم غارون، فلما دنا منهم إذا هم مغربون، فهجم على ماشيتهم ورعائهم، فأصاب من أصاب، وهرب من هرب.
وأما أهل دومة الجندل ففروا فى كل وجه، فلما نزل المسلمون بساحتهم لم يجدوا أحدا. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام، وبث السرايا وفرق الجيوش، فلم يصب منهم أحدا، ثم رجع إلى المدينة، ووادع فى تلك الغزوة عيينة بن حصن. ودومة: بالضم، موضع معروف بمشارف الشام، بينها وبين دمشق خمس ليال، وبعدها من المدينة خمس عشرة ليلة.
واستكمل كتاب "الرحيق المختوم" بهذه الإقدامات السريعة الحاسمة، وبهذه الخطط الحكيمة الحازمة نجح النبى صلى الله عليه وسلم فى بسط الأمن، وتنفيذ السلام فى المنطقة والسيطرة على الموقف، وتحويل مجرى الأيام لصالح المسلمين، وتخفيف المتاعب الداخلية والخارجية التى كانت قد توالت عليهم، وأحاطتهم من كل جانب، فقد سكت المنافقون واستكانوا، وتم إجلاء قبيلة من اليهود، وبقيت الآخرى تظاهر بإيفاء حق الجوار وبإيفاء العهود والمواثيق، واستكانت البدو والأعراب، وحادت قريش عن مهاجمة المسلمين، ووجد المسلمون فرصة لإفشاء الإسلام وتبليغ رسالات رب العالمين.