خروج الحسين.. كيف تحرك أبو الشهداء من مكة إلى الكوفة
مر اليوم الذكرى 1341 على تحرك الإمام الحسين بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهما، من مكة المكرمة طالبا الكوفة استجابة لدعوات التأييد التى جاءته من هناك، وذلك فى 22 سبتمبر من عام 680م.
وبحسب ما ذكره الكاتب الكبير عباس العقاد فى كتابه "أبو الشهداء الحسين بن على" أن يزيد عمل بوصية أبيه، فلم يكن له هَمٌّ منذ قيامه على الملُك إلا أن يظفر ببيعة الحسين وعبد الله بن الزبير فى مقدمة النفر الذين أنكروا العهد له فى حياة معاوية.
وكان الوليد بن عقبة بن أبى سفيان والى معاوية يومئذٍ على المدينة، فلما جاءه كتاب يزيد بنعى أبيه، وأن يأخذ أولئك النفر بالبيعة "أخذًا شديدًا ليس فيه رخصة" دعا إليه بمروان بن الحكم، فأشار عليه بمشورته التى جمعت بين الإخلاص وسوء النية، وفحواها أن يبعث إلى الحسين وابن الزبير، فإن بايعا وإلا ضرب عنقيهما.
وحدث بين الحسين والوليد ما تقدمت الإشارة إليه فى محضر مروان؛ إذ عاد الحسين إلى بيته، وقد عوَّل على ترك المدينة إلى مكة كما تركها ابن الزبير من قبله، فخرج منها لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ستين للهجرة، ومعه جُلُّ أهل بيته وأخوته وبنو أخيه، ولزم فى مسيره إلى مكة الطريق الأعظم، فصحت فى الرجلين فراسة معاوية فى هذا الأمر الصغير، كما صحت فى غيره من كبار الأمور.
وانصرف الناس فى مكة إلى الحسين عن كل مُطالِب بالخلافة غيره، ومنهم ابن الزبير، فكان ابن الزبير يطوف بالكعبة كل يوم ويتردد عليه فى صباحه ومسائه، يتعرف رأيه وما نُمِى إليه من آراء الناس فى الحجاز، والعراق، وسائر الأقطار الإسلامية.
فلبث الحسين فى مكة أربعة أشهر على هذه الحال، يتلقى بين آونة وآونة دعوات المسلمين إلى الظهور وطلب البيعة، ولا سيما أهل الكوفة وما جاورها؛ فقد كتبوا إليه يقولون: إن هنالك مائة ألف ينصرونك. وألحوا فى الكتابة يستعجلونه الظهور.
وتردد الحسين طوال هذه الأشهر فيما يفعل بهذه الدعوات المتتابعات، فبدا له أن يتمهَّل حتى يتبين جلية القوم ويستطلع طلعهم من قريب.
وآثر أن يرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبى طالب يمهد له طريق البيعة إن رأى فيها محلًّا لتمهيد، وكتب إلى رؤساء أهل الكوفة قبل ذلك كتابًا يقول فيه: أما بعد، فقد أتتنى كتبكم وفهمت ما ذكرتم من محبتكم لقدومى عليكم، وقد بعثت إليكم أخى وابن عمى وثقتى من أهل بيتى مسلم بن عقيل، وأمرته أن يكتب إلى بحالكم وأمركم ورأيكم، فإن كتب إلى أنه قد أجمع رأى ملئكم وذوى الفضل والحِجَى منكم على مثل ما قدمت على به رسلكم وقرأت فى كتبكم، أقدم عليكم وشيكًا إن شاء الله، فلعمرى ما الإمام إلا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله، والسلام.