د. محمد أبو بكر حميد يكتب.. علي احمد باكثير.. والمرأة السعودية .. !
علي أحمد باكثير هو الأديب الذي سخر قلمه لخدمة كل القضايا العربية والإسلامية فلا يوجد وطن عربيع أو إسلامي إلا ولأدب باكثير فيه نصيب، فإن قرأت ما كتبه عن مصر لا يمكن أن تقول إلا أنه وطني مصري صميم، وإن اطلعت على ما كتبه عن إندونيسيا -موطن مولده- تحسبه إندونيسياً عاش حياته كلها هناك، وإن تابعت علاقته بالملك عبدالعزيز ومناصرته له في حروب توحيد المملكة وما تلاها -وهذا وحده يؤلف مجلداً ضخماً شعراً ونثراً- لحسبته سعودياً سلفياً مخلصاً، وتجد الصدق والإخلاص نفسه في متابعته لجهاد تحرير دول المغرب العربي وما كتبه من أناشيد وطنية لاستقلال ليبيا والمغرب والجزائر وتونس ومسرحيات عن أبطال التحرير المغربي وبالمثل ما كتبه عن بلاد الشام واليمن و حضرموت وطنه الأصلي. أما فلسطين فهي الوطن العربي الإسلامي الوحيد الذي استأثر بنصيب أكبر وأكثر من كل الدول العربية في أدب باكثير لخصوصية قضيتها وأهميتها عربياً وإسلامياً.
فالمسرحيات -وحدها- التي كتبها عن فلسطين تصل إلى مجلدين في 1000 صفحة ناهيك عن الشعر والموضوعات الأخرى!!
ولهذا عندما فاجأني باحث بهذا السؤال: لماذا المرأة السعودية هي أكثر من كتب عن باكثير والأكثر إعجاباً واهتماماً بأدبه؟! فعدت إلى إحصاء الأبحاث العلمية التي كتبتها نساء سعوديات عن باكثير فوجدتها الأكثر دون الدول العربية والإسلامية جميعاً، وعدت للصديق د. عبدالحكيم الزبيدي صاحب (موقع باكثير) بدولة الإمارات فأكد لي أنه لا توجد نساء كتبت عن باكثير في أي دولة أخرى أكثر من النساء السعوديات. وهذه الحقيقة، فالدكتورة بدرية إبراهيم السعيد أول سعودية تحصل على الماجستير في أدب باكثير بعنوان (فن القصة عند الكاتب الإسلامي علي أحمد باكثير) من فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم ثم يأتي بحث الدكتورة نورة عبدالله السفياني من جامعة أم القرى بمكة المكرمة الذي نالت به الماجستير بعنوان (التأثير الشكسبيري في مسرح باكثير) ثم تنال الدكتوراه عن موضوع (فاوست باكثير) في دراسة مقارنة مع أعمال عالمية أخرى. ويبقى بحث الدكتورة سحر حسن أشقر (الالتزام في مسرح باكثير التاريخي) بجامعة أم القرى أول رسالة دكتوراه لامرأة سعودية أفردت لباكثير، (وقد صدر مؤخراً في كتاب قيم عن نادي مكة الأدبي) وإن كان بحث السفياني للدكتوراه هو الأول. وأصدرت الأستاذة أناهيد عبدالحميد حريري بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة كتاباً بعنوان (مسرح علي أحمد باكثير)، وفرغت الأستاذة مها عبدالله المحمدي بالمدينة المنورة من رسالتها للماجستير بعنوان (توظيف التاريخ في ملحمة عمر بن الخطاب الإسلامية لباكثير)، وتُعد الآن الأستاذة الجوهرة النشوان بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض رسالة الماجستير بعنوان (المرأة في مسرح علي أحمد باكثير).
هؤلاء ست نساء سعوديات من دولة واحدة، مقابل خمس نساء من دول عربية وإسلامية متفرقة ففي مصر كتبت د. مديحة عواد سلامة بحثها للماجستير بعنوان (مسرح علي أحمد باكثير)، وفي المغرب حصلت د. نادية الزيتوني على الدكتوراه بعنوان (قضية فلسطين في مسرح باكثير)، ومن المغرب أيضاً حصلت الباحثة السورية الأستاذة وفاء عمر بهاء الدين الأميري على الماجستير عن بحث بعنوان (باكثير في ملحمة عمر). وفي باكستان حصلت نور محمد جمعة على الماجستير عن بحث بعنوان (اليهود في مسرح باكثير)، وفي ماليزيا حصلت الأستاذة سوزانا بنت عثمان على الماجستير في بحث بعنوان (المسرحية الشعرية الإسلامية بين باكثير وكلام حميدي)، وتحضر الآن الأستاذة شيرين النرملسي بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة المنوفية بمصر بحث الماجستير عن فاوست باكثير دراسة مقارنة.
وبهذا نخلص إلى أن المرأة السعودية بحوزها قصب السبق بالأكثرية في الاهتمام بدراسة نتاج هذا الأديب العروبي الإسلامي الكبير تنطلق من وعيها العميق وإيمانها بالرسالة التي عبّر عنها في أدبه، وتقديرها لإخلاصه لقضايا أمته كلها بلا استثناء، وتصويره الفني الواعي والمستنير لقضايا المرأة العربية، ودعوته لإنزالها منزلتها المكرمة التي أرادها لها ربها وفق التصور الإسلامي الصحيح للإنسان والحياة والكون.
كاتب المقال الدكتور محمد أبو بكر حميد