الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : إحتفالات المولد النبوى الشريف فى مصر .. حاجة تانية
يحتفل المسلمون فى شتى بقاع الأرض اليوم بذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث تجمع كتب التاريخ والسير أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وزعيمنا وقدوتنا صل الله عليه وسلم ولد فى الثانى عشر من شهر ربيع الأول فى عام الفيل سنة ٥٧١ ميلادية.. ويحتفل المسلمون بهذه الذكرى العظيمة كلٌ على طريقته الخاصة .. فئة كبيرة تحتفل بذكر الله تعالى وذكر سيرة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام من خلال إقامة الندوات وإلقاء الدروس فى المساجد كما يفعل اليوم مسئولو وزارة الأوقاف خاصة فى مسجدىّ سيدنا الحسين وستنا زينب حيث تركز هذه الدروس على السيرة العطرة لخير الأنام صل الله عليه وسلم وعن خلقه الكريم.
ومنهم من يحتفل وبخاصة فى مصر التى تشهد إحتفالات صاخبة لا مثيل لها فى أى بلد مسلم آخر من خلال تنظيم المواكب التى تردد أناشيد عن خاتم الأنبياء والمرسلين ص ويقومون بأكل الحلوى التى يطلقون عليها إسم " حلاوة المولد " وبعضهم يقوم بتوزيع اللحوم على الفقراء والمساكين ومنهم من يغدق عليهم بالمال والسلع الغذائية وإقامة الولائم.
ولكن سيظل الإحتفال بذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم محل خلاف وجدال حيث يرى البعض أنها نوع من البدع وليس لها أصل وأن الرسول ص وصحابته الكرام لم يحتفلوا بهذا الشكل ، ويؤكدون أن الرسول الكريم ص إحتفل بهذه الذكرى من خلال الصيام فى هذا اليوم وظل يصوم يوم الأثنين من كل أسبوع وحين سئل صل الله عليه وسلم عن سبب صيام ذلك اليوم قال " هذا يوم ولدت فيه " ، ولكن رغم الجدل العقيم الذى يظهر كل عام مع هذه المناسبة الجليلة فإن الصيحات علت من أجل إستغلال هذه الذكرى فى التعريف بالرسول الكريم وبسيرته العطرة وسنته ليكون ذلك أكبر رد على موجات الإساءة إلى شخصه والتى تهب رياحهها بين الحين والآخر من جانب الأوساط الغربية الكارهة للدين الإسلامي ولشخصه العظيم ص.
وأعتقد أن الإحتفالات بالصورة التى نشهدها اليوم والتى يعتبرها البعض بدعة ما هى إلا مجرد جزء من التراث الشعبى الذى إعتاد عليه المسلمون خاصة فى مصر على تأديتها خاصة عن طريق الطرق الصوفية التى يتجاوز أعدادها نحو ٧٧ طريقة ينبثق عنها فروع بالآلاف فى شتى المحافظات و لهم مريدون بالملايين حيث أن هؤلاء توارثوا تلك الإحتفالات عن طريق الفاطميين فى عهد الخليفة الفاطمى المعز لدين الله سنة ٩٦٩ ميلادية وذلك فى محاولة لإرضاء الشعب المصرى خاصة وأن الفاطميين كانوا ينتهجون المذهب الشيعى، وكان الإحتفال يشتمل على صناعة الحلوى وتقديمها للناس وتوزيع الأموال على المحتاجين وكان المحتفلون يحملون الأوانى المحملة بالحلوى، وكانت الدولة وعلى رأسها الخليفة والوزراء والعلماء ومعهم قاضى القضاة وهم من أهل السنة يبدأون الإحتفال مع أول يوم فى شهر ربيع الأول ويتبادل المصريون الحلوى بأشكالها المختلفة، وكانت زوجة الخليفة تخرج مع زوجها فى أبهى صورة وهو المشهد الذى رسخ فى ذهن الصانع المصرى العبقرى فقام بصناعة تماثيل من الحلوى مزينة على هيئة زوجة الخليفة وهى التى تسمى حاليا " عروسة المولد " ثم برع فى صناعة تماثيل أخرى يقصد بها الخليفة نفسه وهو يمتطى جواده حاملا سيفا فى يده كدليل على القوة والهيبة .. هذه المظاهر تعد من أبرز فصول التراث الشعبى العظيم الذى يجسد الحياة الإجتماعية فى مصر على مر الزمن ويعد جزءا أصيلا من تاريخها العريق .. وكل عام والأمة الإسلامية بخير
الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى