الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : مولد سيدى موائد إفطار رمضان للمشتاقين للبرلمان

شاء القدر أن يعقب شهر رمضان المبارك هذا العام الإنتخابات البرلمانيه شيوخ ونواب ، الأمر الذى معه شاهدنا فى كل ربوع الوطن حاله غير مسبوقه من الزخم المجتمعى ، خاصه فيما يتعلق بعزومات الإفطار التى قد تصل تكلفة أقل عزومه المليون جنيه ، وتصوير كل القادمين لها ، والمشاركين فيها ، وما تم وضعه على الموائد من طعام ، والتركيز على ملامح وجوه الحاضرين وماإعتراها من سعاده بالطعام ، وكأنهم من عامة الشعب ، وليسوا جميعا ينتمون لطبقة لها تأثير مجتمعى لذا تم دعوتهم للإفطار ، كالعمد والمشايخ ، والشخصيات العامه ، بالمجمل من علية القوم الذين ينتقلون طوال شهر رمضان من مائده ينظمها نائب بالبرلمان ، إلى أخرى ينظمها نواب بالبرلمان ، ورجال أعمال مشروع نائب بالبرلمان ، مصحوبه بتنظيم مبهر يتخلله الأنوار المبهره أيضا ، ومحاولة الإيهام وكأن هذا الطعام قادما من باريس ، أو لندن ، أو صنع خصيصا فى الصين ، أو اليابان ، وليس طعاما مثل كل الطعام الذى يتناوله كل الناس ، يعقب ذلك أمسيه رمضانيه وتواشيخ لمشاهير قد يحضرها البسطاء من الناس لإبهارهم ، وتأكيدا على هذا التصور وترسيخا لهذا النهج تم تدشين مجموعات تصوير متخصصه فى تصوير تلك الفعاليات الرمضانيه وبثها لجموع المواطنين للتأكيد على إيمان صاحب المائده ، وأحقيته فى المقعد البرلمانى بالنسبه للمشتاقين الجدد ، وأن يظل نائبا بالنسبه للنواب الحاليين بالبرلمان ، تخلل تلك الأجواء تصدير الإمعان فى التدين بتوزيع جوائز على حفظة القرٱن الكريم ، وإجراء حوارات معهم يحكون فيها عن عظمة من منحهم تلك الجوائز ، وإيمانه الكبير ، ولامانع أن يرتدى هذا المشتاق أو النائب جلباب الشيخ الشعراوى ، ويكون بيده سبحة الإمام الطيب شيخ الأزهر الشريف .
مأساه مجتمعيه بحق تفريغ هذا العمل الطيب من مضمونه ، وجعله صنوانا لإستحقاق إنتخابى قادم ، وتصدر مشهده المشتاقين للبرلمان خاصة رجال الأعمال الذين أصبح لدى قناعه أن تلك الفئه أصبح الإنتماء إليها شرطا لدخول البرلمان ، ورغم أننا فى أجواء رمضانيه تتطلب مزيدا من القرب من الله والإبتعاد عن المساخر ، والمكائد ، إلا أنه يتخلل ذلك الدفع ببسطاء الناس فى مناطق المرشحين المنافسين المحتمل ترشحهم ، ليعلنوا ترشحهم بعد منحهم بعضا من المال ، بهدف إرباك هذا المرشح المحتمل المنافس ، وإشغاله داخل منطقة تواجده ، وإضعافه ، مع طبع بعض مطبوعات الدعايه له تجعل البعض يصدق حقا أنه مرشح بجد ، وتتوه الحقيقه ويحترم نفسه صاحب الرأى ، ومن يمتلك القدره على التعبير عن هموم الناس ، ويغلقوا بيوتهم عليهم ، مبتعدين عن هذا الهزل الذى أطلق عليه البعض " مولد سيدى عزومات إفطار رمضان للمشتاقين للبرلمان " لذا تمنيت أن أجد مسئولا بالأجهزه يقول لأحدا فيهم عيب إختشى إنكم بذلك تقزمون الوطن ، وتلقون بظلال من الهزل على برلمان الأمه .
تعاظم هذا الصراع الرمضانى على مقعد بالبرلمان ، حيث يطرح كل مشتاق نفسه على حزب من أحزاب السلطه من خلال الإيهام بإمتلاك شعبيه جارفه إنطلاقا من صور وفيديوهات تلك الموائد الرمضانيه ، وكأننا فى جمهورية الموز ، وكأننا لسنا فى دوله بها أجهزه تضم خيرة أبناء هذا الوطن ، يقومون برصد ذلك بشفافيه وتقديمه لمن يعنيهم الأمر حتى لايكونوا ضحية خداع ، كما يدركون أن منطلق تلك الموائد ، وتوزيع الجوائز العينيه والماديه على حفظة القرآن الكريم ، صراع على مقعد بالبرلمان .
لاشك أن هذا النهج يضر بالوطن أبلغ الضرر إذا ترك على هذا النحو ليستمر لما بعد رمضان الكريم تحت أى مسمى أو إنطلاقا من أى مناسبه ، دون تدخل لترشيده ، وضبط إيقاعه ، خاصة بعد أن إستقر اليقين حتى لدى عموم الناس وليس الممارسين للعمل السياسى بالأحزاب وحدهم أن الإراده الشعبيه لم تعد كما كانت فى الماضى الجميل ، سبيلا للدفع بنائب بالبرلمان يعبر عن قضايا الأمه ، ويطرح هموم الشعب ، ولالباحثين عن تقديم العطاء لأبناء الوطن بحق ، والنهوض بهذا الوطن الغالى ، وكما عايشت شخصيا كنائبا خرج من رحم الشعب ، بإراده حره منزهة ، فى إنتخابات يتحاكى عنها أبناء بلدتى بسيون لليوم على سبيل الفخر أنهم فرضوا إرادتهم فكبحوا جماح المزورين ، وكما عايشت مع من سبقونى من عائلتى الكريمه فى عضوية البرلمان ، منطلق الضرر أيضا إبتعاد كل الكفاءات ، وتقدم المشهد مجموعات من فاقدى القدره حتى على الفهم ، وتلك مصيبه كبرى تضر بالوطن أبلغ الضرر .
أتصور أن كان من الأفضل توجيه تكلفة تلك الموائد لأمور أخرى افضل مليون مره عند العباد ورب العباد ، أتصور أنه يتعين التدخل لوضع حد لهذا الهزل الذى أفقد البرلمان قيمته ووقاره فى أعين بعض البسطاء من أهالينا الطيبين ، أتصور أن الأجهزه قادره على كبح جماح من يعظمون هذا النهج ليكون من الثوابت الحياتيه حتى بعد شهر رمضان الكريم ، حفاظا على ثوابت وطننا الغالى ، أتصور أن كل دائرة إنتخابيه والتى تضم مركزين ، أقام بها حفلات إفطار مالايقل عن 15 مشتاق للبرلمان بمجموع 15 مليون جنيه ، لو كان كل منهم قد تلمس أحوال أهل قريته الذين ضاق بهم سبل العيش ، ودشنوا بتلك المبالغ مشروعا يعمل به الشباب العاطل ، أو رعاية الأسر الأكثر فقرا ليس بتوزيع الكراتين التى تضم الزيت والسكر عليهم إنما بفتح مشروع لهم يعينهم على المعيشه الصعبه ، ولو " كشك " على غرار ماتفعله الأورمان لكان أفضل كثيرا ، وصدقه جاريه تبعث على الإحترام ، وثواب كبير عند رب العالمين ، وأفضل أيضا من إنفاقها فى ساعات على موائد لايحضرها إلا القادرون . هذا ماعندى بشأن تلك القضيه ، مع خالص تقديرى وإحترامى لكل الشخصيات التى نهجت هذا النهج نوابا كانوا ، أو مشتاقين لعضوية البرلمان ، لكننى طرحت رؤية بشأن تلك الظاهره أحتسب ثوابها عند رب العالمين ، داعيا الله تعالى أن ينتبه لها كل أبناء الوطن .