الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : بعد ذبح الأب لطفله الرضيع فالنشنها حرباً على ”مخدر الشيطان”.

المجتمع المصرى فى خطر ، نبهنا لذلك تنامى الجريمه وتغولها فى كل أرجاء الوطن حتى القرى والنجوع والعزب ، إنطلاقا من المخدرات ، حيث شهدت مصر فى الآونة الأخيرة جرائم عدة ، يجمع مرتكبيها عامل مشترك واحد ، وهو تعاطي مخدرا يدعى "الشابو" أو "الكريستال"، وهو مخدر إكتشف في القرن التاسع عشر وإستخدمه الجنود الألمان بكثرة في الحرب العالمية الثانية ، حيث يسهل صناعة مادته وتجهيز المواد الأولية التي تتداخل في تحضيرها ، يسبب الشابو هلاوس وتهيؤات وأعراض نفسية شديدة ، يتعاظم خطورة هذا المخدر أن إدمانه سريع للغاية ، ويعطي قوة ونشاط للمخ ما يزيد إقبال المدمنين عليه ، لكن مشكلته أنه يسبب بعد ذلك تهيؤات وهلاوس ، وله تأثير شديد على النواحي النفسية فيسبب أمراضا نفسية مثل الشيزوفرينيا ، وجنون الإرتياب ، كما تظهر على المتعاطي له عدوانية شديدة ، هذا ما أكدته الدكتورة أميرة إمام أخصائي السموم الإكلينيكية بمركز سموم المنصورة وأضافت أنه يسبب الفشل الكلوي والفشل الكبدي ، ومن الممكن لجرعة زائدة بنسبة قليلة للغاية أن تؤدي لتشنجات ، وإنفجار في شرايين المخ ، وزيادة كبيرة في ضغط الدم ، كما أن علاجه صعب للغاية وفي حالات كثيرة تؤدي أعراضه للإنتحار .
تلك الحقائق لم ندركها فى بلدتى إلا عند حدوث جريمه مروعه قبل أيام بقرية شبراطو مركز بلدتى بسيون ، حيث ذبح رجل طفله الرضيع نحرا بالسكين فى تجرد من الإنسانيه غير مسبوق ، وتنامى للجريمه لم يدركه لاالأولين ولاالآخرين ، ولأن ذلك خارج سياق المنطق والعقل ، كان من الطبيعى أن يسأل كل الناس عن السبب ، حتى أن البعض أرجع ذلك إلى إحتمالية أن مرجع فقدان الأب صوابه وإرتكابه تلك الفعله الشنعاء شكه فى أن يكون هذا الطفل إبنه ، لكن سرعان ماتكشفت الحقيقه ، وأدرك الجميع أن مرجع ذلك فقدان الأب عقله وإتزانه ، وفشل أهله فى علاجه ، فبات مغيبا بالكليه حتى من المشاعر الإنسانيه .
لم يكن فقدانه لعقله وإتزانه مرجعه جنون ، أو مرض عقلى وراثى ، لكن لأنه يتعاطى المخدرات ، وأنواعه التى بات يطلق عليها " الشابوا والأيس " ، فيدخل فى طريق الضياع من أوسع أبوابه ، حيث يتحكم فى سلوكه خيالات وخرافات تستلزم إدخاله المصحه للعلاج ، والمصحات أصبح معظمها بمقابل مادى كبير ، الأمر الذى بات معه المريض مطلق الصراح يدمر نفسه ومن حوله ، لذا يتعين على وزارة الصحه سرعة التدخل لتوفير أماكن للعلاج وتيسير دخول المرضى بها ، ولايقول أى مسئول أن كله تمام ، ويتحفنا بعددها وأماكنها والحالات التى تعالج مجانا ، لأننى أبحث منذ فتره لأحد الشباب ، حيث إستنجد بى أهله للبحث عن مصحه لعلاجه من الإدمان ، وفشلت حتى اليوم فى إنقاذ أسرة الشاب المدمن من أفعاله ، وكذلك علاجه .
لاشك أن الشرطه تقوم بدور وطنى فى حفظ الأمن بالوطن الغالى ، وردع الجريمه لكننى أرى أن التركيز فى الردع ينطلق من جرائم بعينها ، ليس منها المخدرات وتجارها ومروجيها ، رغم أنها دمرت شبابا كثر ، ومن نافلة القول أن أقول أن الشرطه ردعت هؤلاء ، لأن الواقع يشير إلى أننا أمام منعطف خطير فيما يتعلق بالمخدرات ، التى لن يتم ردع مروجيها من المجرمين إلا وفق خطه مرسومه وإستنفار عام على مستوى القيادات ، متمنيا ان أجد من يهمس فى أذنى بأن السيد اللواء مدير أمن الغربيه تحرك بنفسه ، ووضع خطه مع معاونيه للتصدى لتلك الظاهره الخطيره ، إنطلاقا من تجار المخدرات الذين من المفترض أن هناك متابعه لهم ، وحصر بكل مجرميهم وإلا نكون أمام مصيبه كبرى إن لم يكن هذا النهج قائما ، وكذلك يتابع لحظه بلحظه تطهير الغربيه منهم ، والتحفظ على المدمنين وتوفير مكان للعلاج لهم ، دون ذلك سنسمع عن جرائم أبشع من ذلك . تلك رؤيتى مجرده ، إنطلاقا من حرص شديد على أبناء الوطن ، من يقول بغير ذلك إنما يريد لنا أن ندفس رؤوسنا بالرمال كالنعام ، ونترك تلك المصيبه تتنامى وتتوحش ، وليذهب الوطن ومن فيه إلى هوه سحيقه .