ننشر فصلاً من رواية «في ليلة مظلمة تركت منزلي الصامت» لبيتر هاندكه الحاصل على نوبل
خلال العام الحالي ترجمت دار العربي للنشر، للكاتب النمساوي بيتر هاندكه الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام 2019، رواية "في ليلة مظلمة تركت منزلي الصامت"، وهي من ترجمة الدكتور معتز المغاوري.
وإيمانًا بالدور الذي يلعبه في محاولته لرفع حالة الوعي لدى القرّاء، فقد اتفقنا مع الناشر شريف بكر مدير دار العربي للنشر، على نشر فصل من تلك الرواية.
قرر "مالكوم" - ابن "جين" - أن يقوم بإحدى زياراته غير المنتظمة لوالدته. جلس أمام التليفزيون، وعندما شغَّله، سمعته "جين" يطلق إحدى تنهيداته المعهودة المعبرة عن سوء اختيار القنوات. جلست "جين" على طرف الأريكة، وهو المكان الأفضل لمراقبة الشارع.
أخبرها "مالكوم" بتعيين رئيس جديد له في العمل، وقد شغل الأخير الوظيفة منذ بضعة أسابيع فقط، ولكنه لا يعجبه. قد يعجب الآخرين وهذا شأنهم، لكنه لا يعجبه.
قالت "جين":
- بضعة أسابيع فقط؟ لا يزال الوقت مبكرًا للحكم عليه، أليس كذلك؟
أجابها "مالكوم":
- بضعة أسابيع، ولكنها لم تمر على ما يرام.
رأت "جين" جارتها "الشراع الأسود" اللين على الناحية الأخرى من الطريق، وقد حملت كيس قمامة بيديها الاثنتين بصعوبة، ثم انفرج الباب قليلًا وظهرت "إناكين" حاملة ما يشبه شمعة ضخمة. لا، ليست شمعة، بل قاعدة أباجورة طويلة، ألقتها في سلة المهملات. لا أثر لـ"و7".. ربما ما زالت في العمل؛ ولكن، ها قد ظهرت هي الأخرى.
أخرج "مالكوم" تليفونه من جيبه وبدأ يتصفح الصور.
قالت "جين":
- أنا متأكدة، لقد تحدثوا عنها في نشرة الأخبار.
رد "مالكوم":
- لا أدري. آه.. هذا.
كان قد استقر على مشاهدة أحد الأفلام، وقال:
- لقد شاهدته من قبل. إن الشخصيات في هذا الفيلم ليست سوى مجموعة من الأغبياء.
قالت "جين":
- ذهبت إلى وسط المدينة أمس.
رد "مالكوم":
- حقًّا؟
قالت "جين":
- لم أذهب إلى هناك ليلًا منذ مدة طويلة.
رد "مالكوم":
- حسنًا.
قالت "جين":
- نعم.
قال "مالكوم":
- حسنًا، فعلتِ شيئًا جديدًا؛ ذهبتِ لوسط المدينة.
أكملت "جين":
- كنت في معرض لصور فوتوجرافية.
رد "مالكوم":
- حسنًا.
قالت "جين":
- اشتركت في مسابقة لأعضاء نوادٍ مختلفة مخصصة لفن التصوير الفوتوجرافي، وكانوا يعرضون بعض الصور التي تم تقديمها للمسابقة في معرض يقع خلف تلك الكنيسة القديمة هناك، بالقرب من محل الملابس النسائية.
قال "مالكوم":
- تعنين أنك تقدمت للمسابقة.
ردت:
- نعم، تقدمت لها.
رد:
- وهل حصلت على أي جائزة؟
قالت "جين":
- لا، لم أحصل على أي جائزة.
في الواقع، لم تنل الصورة التي تقدمت بها "جين" حتى شرف اختيارها للعرض على العامة، رغم كثرة الصور التي غطت جدران المعرض.
قال "مالكوم":
- حظ سعيد المرة القادمة. يا إلهي، يا له من أبله، لم يلحظ أنها تحمل السلاح.
نُصِحت "جين" بالانخراط في الأنشطة الاجتماعية منذ صارت وحيدة، ظنًّا أن هذا سيحميها من الدخول في نوع من الاكتئاب الحاد. بدأت بتجربة الانضمام إلى نادي القراءة في المكتبة، لكنها نادرًا ما كانت تكمل القراءة بعد الفصل الأول من الكتاب؛ هذا إذا كانت الكتب مقسمة إلى فصول من الأساس. رسمت لاحقًا لوحات رديئة في دورة رسم بألوان المياه، لكنها لم تشعر سوى بالارتياح عندما أعلن المدرب أن الدورة لن تستمر بعد انقضاء الصيف. في الفترة الأخيرة، انضمت إلى نادي التصوير وتتطلب الأمر منها شراء كاميرا. كانت السيدة الأخرى الوحيدة فيه مطلقة وتدعى "آنجي". أول معلومة قدمتها "آنجي" عن نفسها كانت: "أنا مطلقة منذ وقت قريب، وقد كانت تجربة مريرة جدًّا". أحيانًا، كانوا يدرسون التصوير نظريًا، فكانوا يجلسون في دائرة وتُلقى عليهم معلومات حول أنواع فتحات الكاميرا مثلًا؛ أمَّا المحاضرات العملية فكانت تدور حول موضوع معين.. في أحد الأسابيع، كان الموضوع عن الآلات الموسيقية، وفي الأسبوع التالي، عن تصوير "البورتريه". لم يحبذ بعض الرجال فكرة تصويرهم لبعضهم بعضًا، فأعطاهم المدرب "سام" محاضرة حازمة قصيرة حول أهمية الرؤية الموضوعية. ذهبوا أيضًا في رحلات ميدانية؛ واحدة إلى مزرعة مهجورة، حيث التقطوا صورًا للصدأ المنتشر على الحديد المموج، وأشعة الضوء المارة عبر الأسقف المكسورة. كانت الرحلة الأخرى إلى قلعة "كاريك فيرجوس"، حيث سنحت لهم الفرصة لتصوير شابة ترتدي فستانًا أبيض.
رأت "جين" هذا الباب ينفتح ثانية.. نعم، ها هي ذا "إناكين" والكوب، هذا الكوب الذي تستخدمه في ري النباتات المزروعة في الأصص الثلاثة خارج المنزل، حيث تصب الماء من الكوب عليها جيئة وذهابًا. ألم تفكر في شراء مِسقاة؟ حتى إن حلة كبيرة قد تفي بالغرض. ربما خشت من إغراق النباتات بالماء. لم ترتدِ "إناكين" كامل زيها المعقد أثناء وقوفها أمام باب منزلها فقط دون الخروج، فلم يظهر منها سوى وجهها الصغير الشاحب. ماذا عن "الشراع الأسود"؟ لا ترى إلا عينيها، ولا شيء سواهما. أما "و7" فترى وجهها كله، مستديرًا كحلوى "البون بون".
لن ينخدع "مالكوم" ثانية بعد انفصاله عن "مارييل"؛ أم ابنه "أنطون" البالغ من العمر ثلاث سنوات. في أحد الأيام بعد وفاة زوج "جين"، وأثناء جلوس الناس في الغرفة منخرطين في أحاديث تبدأ تافهة ثم تنساق تدريجيًّا للعمق وتعود للتفاهة مجددًا، والشاي يبرد في أكوابهم.. رأت "جين" شابة كتبت على يدها ملاحظة حتى لا تنساها. كانت الشابة تحمل صينية من منضدة القهوة الموجودة في منتصف الغرفة إلى المطبخ. عندما دخلته "جين"، لاحظت أن أحدًا قد غسل كل الأطباق ووضعها في أماكنها، ثم ظهر "مالكوم".
قال:
- أقدم لك "مارييل".
ثم وضع ذراعه حول خصرها، وأردف:
- إنها كندية.
ثم وجه حديثه إلى "مارييل" قائلًا:
- ألست كذلك؟
ردت "مارييل":
- أشكرك لتذكيري.
ثم ابتسمت لـ"جين" ابتسامة كالغمزة.
كانت "مارييل" من "كيبيك". لم تختفِ لهجتها الأجنبية أبدًا حتى بعدما قضت معها "جين" ساعات وأيام.
اتصفت صديقات "مالكوم" السابقات اللائي قابلتهن "جين" بجمال طاغٍ، بشراتهن صافية وصدورهن مكشوفة. أما بالنسبة لـ"مارييل" فأسفل ملابسها الفضفاضة كان جسدها نحيلًا، وشعرها الباهت مضموم برباط مطاطي للوراء. عندما أخبرها "مالكوم" بأنه سيصير أبًا، ظنت أن هناك خطأ ما في حساباته أو حسابات "مارييل" لأنهما لا يبدوان مناسبين لبعضهما إطلاقًا.
قال "مالكوم":
- ربما تحتاجين إلى كاميرا جديدة، ككاميرا "نيكون دي سيريز"، يقولون إنها رائعة، هل سمعت عنها؟
ردت "جين":
- لا.. أعني أنني سمعت عن "نيكون"، ولكن لم أسمع عن الـ"دي سيريز".
أردف "مالكوم":
- قد تكون الكاميرا هي المشكلة، ربما لا تمتلكين الكاميرا المناسبة.
ردت "جين":
- لا أظن أن الكاميرا تحدث فارقًا كبيرًا.
قال "مالكوم":
- سعرها 500 جنيه إسترليني، أظن الفرق بينها وبين الكاميرا التي تمتلكينها بالفعل 400 جنيه إسترليني.
ردت "جين":
- لست أدري.
قال "مالكوم":
- للجودة سعرها.
هزت "جين" كتفيها.
أكمل "مالكوم":
- هناك فارق، صدقيني. أنا عضو في نادي ذواقة النبيذ. أتعرفين الفارق بين زجاجة نبيذ سعرها خمسة جنيهات وأخرى سعرها عشرون؟ قفزة هائلة في الجودة. إذا أردت التميز يجب أن تضحي بالنقود. لا أنفق أكثر من عشرين جنيهًا إسترلينيًّا على النبيذ. نذهب كأعضاء نادي الذواقة إلى أحد المطاعم كل عدة أشهر.. لتناول وجبات فاخرة، أتفهمين؟ نشرب نبيذ تصل تكلفة الزجاجة منه إلى ثلاثة أصفار على اليمين. يقوم على خدمتنا "سوميلييه" في مثل هذه المطاعم.
ثم أضاف:
- "سوميلييه".. تعني سقاة النبيذ.
لم ترَ "جين" أي من "الشراع الأسود" و"إناكين" و"و7" بعد تلك المرة الأولى لفترة من الزمن. لم ترهم ينقلون أثاثهم للمنزل، يبدو أنهم فعلوا ذلك ليلًا. ولكن كشفت إحدى رحلات "جين" للسوق عن "و7" و"إناكين" وهما تتسوقان في قسم الخضروات، وتنظران إلى أكياس البصل. حدق الآخرون فيهما أيضًا، لكنهم تظاهروا بالتسوق. ثم دخلت "الشراع الأسود" للمشهد حاملة اثني عشر كيسًا من رقائق البطاطس.
نادت "الشراع الأسود" بنفاد صبر، مشيرة إلى "الكاشير":
- "إناكين"!
"إناكين".. رددتها "جين" لنفسها بعد ذلك في حجرة معيشتها. أعجبها إيقاع الكلمة اللطيف. بدا لها اسمٌ قد يطلقه أحدهم على منزله، لكن معناه هو "أم" أو "ماما" أو ربما "مامي". من الواضح أن "إناكين" أكبر سنًّا، فحركتها أبطأ.
التقطت "جين" كيس برتقال، وتبعتهن للكاشير. تلك الفتاة.. الموظفة الجالسة خلف جهاز عدّ النقود، لديها وشم نجوم على إحدى وجنتيها.. لاحظت "جين" أنها تحاول أن تخمِّن أيًّا من العدادات قد تصل إليه السيدات ذوات الرداء الأسود، وبدا أنها تتمنى ألا يكون عدادها. كانت إحدى سحابات حقيبة ظهر "الشراع الأسود" مقطوعة، وحملت "إناكين" حقيبة بنية ذات حلية معدنية وحزام كتف، أما حقيبة "و7" فقد زينتها حلى فضية صغيرة وزخارف مطرزة.
أراحت "إناكين" كفها على حقيبتها. كانت كفًّا صغيرة، لونها لا يختلف كثيرًا عن لون الحقيبة، إلا أن جلد الحقيبة كان أكثر نعومة. سمعت "جين" ضحكات فتاتين مراهقتين خلفها.. كانتا تمسكان بهاتفيهما. نادتا "يا حضرات!""، ثم التفتت إحداهما للأخرى قائلة:
- يا للغرابة! يا للمهزلة! كيف يتجولن في المكان هكذا بحق الجحيم؟ تك تك تك.. بووم!
تحركت "جين" قليلًا متظاهرة بالنظر إلى أحد الأرفف، حتى تحول دون رؤية الفتيات للسيدات الثلاث مؤقتًا.
وجهت "جين" سؤالها لـ"مالكوم":
- لا أظن أنك على اتصال بـ"مارييل"، أليس كذلك؟
تنهد ثانية.
استطردت "جين":
- إنه مجرد سؤال.
رد "مالكوم":
- لا يا أمي، لم أتصل بها خلال الأسابيع القليلة الماضية، ولكن أظنكِ اتصلت بها، أليس كذلك؟
اتصلت بها بالفعل، ولكن كانت مكالمة قصيرة عبر الإنترنت على الكمبيوتر. كان "أنطون" لا يطيق صبرًا حتى يذهب ليلعب بألعابه، ولهذا استمرت "مارييل" في إجباره على الجلوس على قدمها. أخذت "مارييل" تشير إلى صورة "جين" على الشاشة قائلة:
- جدتك! جدتك!
حدق "أنطون" في صورة العجوز على الشاشة، ثم تجمدت الصورة، ثم عاد الاتصال لمدة ثلاثين ثانية، ثم تجمدت الصورة ثانية.
قال "مالكوم":
- حسنًا.. ها قد بدأنا. كنت أسأل نفسي متى ستفتحين هذا الموضوع، ومتى سنبدأ الحديث عن تلك العاهرة. إذًا، أخبريني بكل شيء، حدثيني عن كل أخبار "مارييل" وعن كل أخبار "أنطون" ابني.
قالت "جين":
- بدا لي أنهما بخير. لم أتحدث معهما إلا لمدة قصيرة جدًّا.
رد:
- حسنًا.
قالت "جين":
- لقد كبر "أنطون".
رد "مالكوم":
- طفل يكبر؟ يا لها من صدمة.
قالت "جين":
- "مالكوم"، أرجوك.
رد "مالكوم":
- لم أوافق على اسم "أنطون" مطلقًا.. "أنطون". اسم يليق بخادم. أتدرين ما الاسم الذي أردت أن أسمِّيه؟ "لورنس" على اسم أبي. ولكن، لا، كالعادة، رفضت "مارييل" اللعينة، وهكذا انتهى بنا المطاف لاسم "أنطون". لم يعجبني الاسم أبدًا، لم أرغب في منحه إيَّاه.
ردت "جين"، وهي تفكر في الفارق بين اسمي "أنطون" أو "لورنس":
- إنه مجرد اسم..
رد "مالكوم":
- حسنًا، إن الأمر كله دعابة سخيفة بحق الجحيم. لديَّ ابن، وبغض النظر عن أنه يعيش في الناحية الأخرى من العالم فهو حتى لا يتحدث اللغة نفسها التي أتحدثها. يا إلهي.. الفرنسية!
ثم استطرد باستهجان بالفرنسية:
- J’habite à Belfast. Ou est le restaurant.
وأكمل:
- يا إلهي.. الفرنسية اللعينة.
قالت "جين":
- لا يتعلم الكثيرون اللغات هذه الأيام، الإقبال على تعلم اللغات في تراجع.
اعتاد "مالكوم" إلقاء حقيبته على باب المنزل عند عودته من المدرسة، ثم يذهب لغرفته لمشاهدة أشرطة الفيديو الشائعة آنذاك. طلب ستائر مانعة للضوء في حجرته لأن الستائر العادية تسمح بدخول الكثير من الضوء للغرفة وهو يشاهد أشرطة الفيديو على التليفزيون . اشترت له الستائر ومعهم لحاف باللون نفسه.
رد "مالكوم":
- هذا متوقع، فتعلم اللغات مضيعة للوقت..
ثم أكمل:
- J’habite à Belfast. Ou est le restaurant.
كانت "جين" كثيرًا ما تزورهم في منزلهم عندما كان "أنطون" رضيعًا. اعتادت هي و"مارييل" أن تتمشيا معًا في طرق طويلة إن كان الطقس معتدلًا، تدوران في الطرق نفسها، وتدفعان عربة "أنطون" أمامهما على رصيف أحد الطرق، ثم تنزلانها الناحية الأخرى. كانتا تمران بالمحال الخيرية، والصيدليات، والمقاهي، وصالونات تصفيف الشعر. أما إذا كان الجو ممطرًا فكانتا تلتزمان المنزل وتشاهدان فيلمًا؛ أي فيلم يعرضه التليفزيون؛ سواء كان فيلم رعاة بقر، أو فيلمًا رومانسيًّا. لا يهم الفرق. كان جهاز التدفئة يعمل دائمًا. كان الجو دافئًا. ملأ المكان الصوت الحنون لجهاز تعقيم أدوات الرضيع، ودفء الرضيع، والدفء المنبعث من غسالة الملابس، ورائحة اللبن.
افتقدت "جين" "مارييل" و"أنطون" أكثر مما افتقدت "لورنس". كان زوجها شخصًا سمعت أحدًا بالصدفة يصفه بأنه "استغلالي". لم يهتم الطرف الثاني في هذا الحوار بالاختلاف مع الأول، لكن الموت أعتق هذا الرجل خائر القوى المستلقي على سرير المستشفى محدقًا في نشرة أخبار لا تنتهي عتقًا رحيمًا. أدى سفر "مارييل" و"أنطون" لحدوث انعدام توازن. لها أن تعتبر "مارييل" عاهرة إن أرادت، وكما وصفها "مالكوم"، ولكنها كانت تعلم أنها ليست كذلك.
في أحد الأيام، عندما كانتا تتبادلان دفع عربة "أنطون"، قالت "مارييل" لـ"جين" إن هناك أمرًا يجب أن تخبرها إياه؛ وهو أنها و"مالكوم" سينفصلان.
سألت "جين":
- هل هذا أكيد؟
ردت "مارييل":
- نعم، بكل تأكيد.
ردت "جين":
- يا إلهي!
تساءلت "مارييل":
- هل يدهشك الخبر حقًا يا "جين"؟
ردت "جين":
- لا، لا أظن.
تساءلت "جين" عن شعور "مالكوم" تجاه الانفصال.
ردت "مارييل":
- تجاه انفصالنا؟
ثم هزت كتفيها واستطردت:
- يشعر بما أشعر به وانتهينا. انتهى. سيترك المنزل الأسبوع القادم وينتقل للعيش مع إحدى صديقاته . لا، إن الأمر ليس كما تظنين . مجرد صديقة.. صديقة فقط لا غير.
رددت "جين":
- فقط هكذا.. النهاية.
ردت "مارييل":
- نعم، هكذا تسير الأمور أحيانًا.
قالت "جين":
- هذا محزن.
أردفت "جين":
- هذا محزن حقًّا، ولكن على الأقل ولُدت تلك القطعة الصغيرة من الإنسانية من هذه العلاقة.
قالتها وأومأت إلى عربة "أنطون".
رددت "مارييل" ضاحكة:
- القطعة الصغيرة من الإنسانية؟ يا إلهي، إن هذا قول عميق حقًّا يا "جين".
مرتا بمحل تلو الآخر، وعندما توقفتا عند إشارة المرور، قالت "مارييل":
- ما أردت أن أقوله يا "جين" - وهذا هو الأمر الذي نختلف أنا و"مالكوم" حوله – هو أن أخبرك بأنني أنوي العودة إلى وطني، إلى كندا.
ردت "جين":
- لا، لا يمكن أن تكوني جادة.
ولكن، كانت "مارييل" جادة، وكانت لديها أسباب متعددة، ومنها مرض والدتها، وأن مستقبلها الوظيفي هناك أفضل، وأنها لم تكن تنوي البقاء في أيرلندا لفترة طويلة منذ البداية.
وماذا عن "مالكوم"؟ هل ستأخذ "أنطون" بعيدًا عنه... بعيدًا عنه بهذه البساطة؟
ضبطت "مارييل" ربطة شعرها، وقالت:
- هذا ليس سهلًا، لكنه الحل الأفضل.
تساءلت "جين":
- الأفضل لمن؟
كررت "مارييل":
- والدتي مريضة، ولا أحد يرعاها غيري.
بدأت الأمطار في الهطول، وأصبح كل ما حولهما قبيحًا. الناس بوجوههم البائسة، الإعلانات الصارخة عن العروض الشرائية وعن التخفيضات . أرادت "جين" أن تقول "أنا هنا. أنا هنا. أنا هنا".
ولكنهما سارتا في صمت كئيب، حتى طرحت "جين" فكرة أن هذا قد لا يستمر إلى الأبد. قالت:
- لا نعلم، ربما تتمكنين من العودة في أي وقت بعد بضعة أشهر. قد تتحسن الأمور، يحدث هذا أحيانًا.
لم تعارضها "مارييل"، وتواطأت مع "جين" في أكذوبة كونه وضعًا مؤقتًا.
وصل الأمر إلى محكمة الأسرة. لم يوافق "مالكوم" على السفر، ولكن القاضي حكم لمصلحة الأم كالعادة. وكان له حق الزيارة أثناء العطلات، ولكن رحلته الوحيدة إلى كندا كانت كارثية. تعامل "أنطون" معه مُعاملة غريبة، فبكى عندما حمله "مالكوم" بين ذراعيه، كما تشاجر مع رجل قالت "مارييل" إنه زميلها في العمل. كاد الأمر يتطور إلى شجار بالأيدي.
وجد "مالكوم" الصورة التي كان يبحث عنها من قبل. قال:
- انظري، ها هي.
كانت صورة لشابة على الشاطئ تبتسم ابتسامة واسعة للكاميرا وتقف على قدم واحدة كراقصات الباليه.
أردف "مالكوم":
- إنها اليوجا.
ردت "جين":
- تبدو لطيفة جدًّا.
أكمل "مالكوم":
- تحب اليوجا وما شابهها كثيرًا.. لا أعني السخافات الروحانية مثل "الشاكرا" وكل هذا الهراء، بل التمارين فقط.
ردت "جين":
- يوحي شكلها بأنها تتمتع بصحة جيدة.
استمرت "جين" في المشي في الطريق نفسه حتى بعد مرور عامين على سفر "مارييل" و"أنطون"، تصعد أحد جوانب رصيف الطريق وتقطعه ثم تنزل من الناحية الأخرى. أفلس المطعم الهندي، ويبدو أن حريقًا شب بالحانة، أما محل الآنية الخزفية الذي صمد في مكانه فترة طويلة فلم يعد هناك، وحل محله متجر يبيع مكملات غذائية لكمال الأجسام. كان هناك أيضًا مكتب سمسار عقاري جديد، يعلق صور بحجم 3×3 لمنازل جديدة على واجهة عرضه. كانت هناك أيضًا صيدلية جديدة. وقفت "و7" بالداخل في قسم "و7"؛ وهي علامة تجارية لمستحضرات تجميل اقتصادية السعر، وكانت منتجاتها مصفوفة بطول الصيدلية كالعديد من شبيهاتها من العلامات التجارية الأخرى. وقفت "و7" حاملة الحقيبة المرصعة بالحلي الفضية نفسها، ولكن عندما اقتربت "جين" لاحظت أن بعض تلك الحلي قد سقط، ورأت بعض الخيوط المفكوكة التي كانت تربط تلك الحلي في مكانها. لم ترتدِ "و7" الأحذية الرياضية مثل "الشراع الأسود" أو الأحذية ذات الكعب العريض مثل "إناكين"، بل كانت دائمًا ترتدي الكعب العالي. كانت "و7" تضع ألوان ظل الأعين على ظهر كفها؛ ألوانًا مثل الأخضر الداكن والبنفسجي والبني، تلك الألوان التي تشبه ألوان الكدمات. فكرت "جين" في شراء فرشاة رموش كبيرة من ماركة "ميبيلين" في القسم المجاور لـ"و7". انتقلت "و7" إلى أقلام رسم العين السائلة، ورسمت شكل الرقم ثمانية "8" باستمرار على رسغها باستخدام أحد الفرش المنمنمة. استطاعت "جين" أن ترى قماش حجاب "و7"، والتفافته وخيوطه، والثقوب التي نتجت عن استخدام الدبابيس في تثبيته. ارتدت "و7" بنطالًا، ورغم دكانة لونه استطاعت "جين" أن تلاحظ ابتلال بوصة أو اثنتين من طرفه السفلي، والذي أكد على أنها مشت على الشاطئ. وقع أحد أقلام الأعين من يد "و7"، فانحنت "جين" لالتقاطه. أخذته منها "و7" وابتسمت لها وأعادته إلى مكانه.
تساءلت "جين":
- لا أظنك جائعًا، أليس كذلك يا "مالكوم"؟ ربما تريد البقاء واحتساء الشاي؟ من الأفضل أن تبقى. لقد ذهبت للتسوق أمس.. لديَّ بعض المشروبات اللذيذة.
رد "مالكوم":
- لا، سأرحل بعد قليل. إنها مجرد زيارة عابرة.
قالت "جين":
- حسنًا.
قال "مالكوم":
- هل ذكرتني "مارييل"؟
لم تتذكر "جين".
كرر "مالكوم":
- هل ذكرتني أو قالت أي شيء عني؟
ردت "جين":
- بالتأكيد.
رد "مالكوم":
- ربما يجب أن أعود للمحكمة ثانية، وأحاول أن أوكِّل محاميًا محترفًا يستطيع أن يحول حياتها إلى كابوس.
أكمل "مالكوم":
- الرب وحده يعلم تلك الأفكار التي ستنتقل إلى هذا الولد. لن يتعرف عليَّ بعد مرور سنة بحق السماء، هذا إن كان يعرفني الآن من الأساس.
قالت "جين":
- قد يعودان يومًا ما.
رد "مالكوم":
- نعم، وكأن أحد يصدق هذه الأكذوبة.
قالت "جين":
- يجب أن تزورهما ثانية، ربما الصيف القادم. أنا واثقة أن هذه المرة ستكون أفضل من سابقتها.
رد "مالكوم":
- نعم، يا لكرم "مارييل".. تمنحني فرصة رؤية ابني.
صمتت "جين".
أردف "مالكوم":
- حسنًا، على العموم إنها زيارة عابرة كما قلت.
قالت "جين":
- هل يمكنك إلقاء نظرة على غرفتك بالطابق العلوي قبل أن ترحل؟ أحاول أن أنظم بعض الأغراض، وهناك بعض الصناديق في غرفتك.. لا أريد أن أتخلص من أشياء قد تود الاحتفاظ بها.
قال "مالكوم":
- وكأنني يجب أن أشعر بالعرفان لفرصة رؤية ابني.
ثم هز رأسه وقال:
- هيا نلقي نظرة على تلك الأغراض.
اعتادت "جين" النظام اليومي للأحداث التي تقع على الطريق المجاور لمنزلها. صارت مغادرة "و7" للمنزل في الصباح الباكر وعودتها بعد الظهر حاملة حقيبة يبدو أنها حقيبة "لابتوب"، من الحقائق الكونية. تغادر "إناكين" و"الشراع الأسود" المنزل تقريبًا في الساعة السابعة والنصف في معظم الأيام، أحيانًا سيرًا على الأقدام، وأحيانًا أخرى يقُدن السيارة. أحيانًا يعدن بأغراض اشترينها، وأحيانًا أخرى بلا شيء. يغادرن المنزل جميعًا ظهيرة الجمعة وقت شرب شاي الظهيرة، ويعدن في المساء.
دائمًا ما كانت تفتح الستائر على أساس نظام صارم؛ أولًا في الغرف العلوية، والتي توقعت "جين" أن تكون غرف "إناكين" و"و7"، ثم ستائر الدور الأسفل. تخيلت "جين" أن "الشراع الأسود" قد أخذت الغرفة الخلفية على مضض لأنها الأصغر مساحة، ولكنها في الواقع راضية عنها لأنها مشمسة في الظهيرة، وتطل على الحديقة الخلفية. كانت "جين" تستطيع التعرف على هوية من تفتح الستائر؛ إن كانت "و7" فمن السهل رؤيتها لأنها تقف أمام الستائر كي تغلقها، أما "إناكين" فلا تراها أبدًا.
دائمًا ما كانت "الشراع الأسود" مختفية أيضًا، إلا أن "جين" كانت تستطيع التعرف عليها من طريقتها في جذب الستائر بعنف. في صباح أحد أيام الشهر الماضي، ظلت الستائر مغلقة في إحدى غرف الطابق العلوي، واستمرت على هذه الحال لمدة يومين. وبعد ذلك، ظلت ستائر الغرف الأخرى مغلقة أيضًا. ظنت "جين" أنهما ربما يكونان مرضى، فتركت منزلها وسارت على الطريق الموازي لمنزلهما كي تراه من الناحية الخلفية، وهناك رأت أن ستائر الغرفة الخلفية مغلقة هي الأخرى. سألت "جين" نفسها ما إذا كانت تستطيع مساعدتهما، ثم قررت أن تعلق كيسًا على باب المنزل يحتوي على رغيف من الخبز ولتر من الحليب. نقرت الجرس، والذي أحدث ضجيجًا غير متوقع وطويلًا ومعقدًا. لمست "جين" أوراق أحد نباتات "إناكين" على الباب وهي في انتظار سماع وقع أقدام، ولكن لم يأتِ أحد للباب. ظل الكيس معلقًا على الباب حتى اليوم التالي. هل يجب أن تسترجعه؟ انتظرت "جين" حتى انتصف اليوم، ثم ذهبت لتسترجعه. كانت الأمطار قد هطلت، وتجمعت في جوانب الكيس. استرقت النظر من شباك حجرة المعيشة وهي تمر بجواره. كانت هناك أريكة كبيرة، بدا القماش الذي يغطيها ناعمًا، قد يكون قماش القطيفة المضلعة.. وهناك العديد من الأغراض المتناثرة على الأرض.. مجلات وأحذية. تخيلتهما تضحكان على أمر ما، مستلقيات على الأرض وأرجلهما على الأريكة. سرت "جين" لانفتاح ستائر الغرفة الأمامية اليمنى اليوم التالي، ثم ظهرت "و7" حاملة حقيبة اللابتوب. احتاجت "إناكين" للقليل من الوقت الإضافي حتى تتغلب على سبب غلق الستائر أيًّا كان، لأن ستائر غرفتها ظلت مغلقة لبضعة أيام أخرى.
ولكن اسم "إناكين" لا يعني "أمًّا". كان هذا اكتشافًا غير متوقع. ذهبت "جين" الشهر الماضي للطبيب، لأنها كانت قد بلغت هذه السن التي تستطيع فيها الحصول على تطعيم الأنفلونزا مجانًا. شعرت أنها مضطرة للذهاب لأن مكتب الطبيب أرسل لها خطابًا. كانت حجرة الانتظار مزدحمة، وكلما رن الجرس الذي يسمح بدخول المريض التالي كانت رؤوس الجميع تدور باحثة عنه. تسببت تلك السيدة التي حاولت دفع عربة طفلين توأم من الباب في حدوث ضجة، وكذلك هذا الرجل الذي كان يرتدي معطفًا أصفرَ، ويغطي إحدى عينيه بضمادة. دُهِشَت "جين" لظهور "و7". نظر الناس إليها ثم إلى بعضهم بعضًا للحظات كما فعلوا مع سابقيها، ثم عادوا لقراءة المجلات الرخيصة أو مشاهدة التليفزيون. ليتها "الشراع الأسود" هي من اقتحمت المكان، بكامل زيها، وعيناها تتساءلان "ماذا هناك؟ ماذا هناك؟ ألديكم أي اعتراضات؟".. منظر يستحق المشاهدة. ولكن "و7" لم تنضم للمنتظرين، بل ذهبت لتتحدث لأحد موظفي الاستقبال، وبدا لـ"جين" أنها انتقلت بعد ذلك للمكان المخصص للأطباء.
قالت الممرضة التي أعطت "جين" الحقنة إن العيادة مزدحمة جدًّا صباح اليوم، لأن الكثيرين يتدفقون إليها عندما يتم إرسال تلك الخطابات للناس.
أكملت الممرضة:
- ولكن الوقت يمر سريعًا.
أنزلت "جين" كُم قميصها.
حاولت أن تضفي نبرة مرحة على صوتها وهي تقول:
- لاحظت أيضًا استقبالكم لسيدات يرتدين الحجاب.
ردت الممرضة:
- ماذا؟
ردت "جين":
- إحدى تلك السيدات اللاتي يرتدين الحجاب.
قالت الممرضة:
- آه، نعم، تلك الفتاة الصغيرة؛ إنها مترجمة اللغة الصومالية. يجب علينا أن نطلبهم هذه الأيام، ولكن يأتي مترجمون آخرون صباح أيام مختلفة.
ردت "جين":
- فهمت.
قالت الممرضة:
- هكذا صار الوضع هذه الأيام. سيأتي عدد من المرضى الصوماليين هنا بعد قليل.
ردت "جين":
- تغير الزمن.
عند مرور "جين" بمكتب الاستقبال في طريقها للخارج رأت "و7" تجمع بعض السجلات الطبية هناك.
قالت "جين":
- من فضلك.. لو سمحت.
رفعت "و7" عينيها إليها. رأت "جين" الكحل المسحوب فوق عينيها.
قالت "جين":
- أردت فقط أن أقول..
جاءت إليها موظفة الاستقبال متسائلة:
- ماذا هناك يا عزيزتي؟
ردت "جين":
- اممم.. كل ما في الأمر.. من المفترض ألا أدفع شيئًا، أليس كذلك؟
ردت الموظفة:
- بالطبع لا يا عزيزتي. إن التطعيم مجاني لمن تجاوزوا سن الخامسة والستين.
عندما عادت "جين" للمنزل، جلست أمام الكمبيوتر وكتبت "إناكين" لتبحث عن ترجمته من الصومالية إلى الإنجليزية. لم يكن معناها "أمًّا" أو "ماما". كان معناها "هيا بنا"، ولكن "إناكين" كانت قد صارت "إناكين" على أي حال الآن، ولم تكن "جين" على استعداد للبحث عن اسم جديد يناسبها.
- كنت فقط أريد أن أقول إنني أسكن المنزل المقابل لمنزلكم.
قال "مالكوم" ممسكًا كرة "رجبي" مفرغة من الهواء:
- لا أريد من تلك الأغراض في الغرفة العلوية إلا هذه. لقد اشتراها لي أبي. تخلصي من الباقي.
ردت "جين":
- حسنًا.
قال "مالكوم":
- أشعر بالحزن الشديد لأن أبي لم يعش حتى يرى حفيده.
ردت "جين":
- نعم، ولكن لا نستطيع تغيير الواقع.
أكمل "مالكوم":
- إنه واقع مؤسف حقًّا. لم يكن كل هذا الهراء حول كندا ليسر أبي، لا أظن هذا. ماذا قد يكون رأيه إن كان حيًّا؟
ردت "جين":
- أظنه كان سيرى أن الوضع ليس مثاليًّا.
قال "مالكوم":
- لا أظن أنه كان سيعجب بـ"مارييل" كثيرًا. لا أدري لمَ أعجبت أنا بـ"مارييل" كثيرًا.
أكمل "مالكوم":
- إذًا، من كان الرابح؟
ردت "جين":
- رابح ماذا؟
قال "مالكوم":
- هذا الموضوع الذي كنت تتحدثين عنه.. المسابقة.. تلك التي أخفقت فيها.
قالت "جين":
- آه، المسابقة. كان هناك العديد من الصور التي تستحق الإشادة، العديد حقًّا. حصلت صورة كوخ قديم في "دونيجال" على المركز الثالث، أما المركز الثاني فذهب لصورة مقرَّبة لجانب وجه رجل، والأول حصدته صورة لقلعة "كاريك". كانت صورة لامرأة في قلعة "كاريك" والتقطها أحد أعضاء النادي؛ الذي كنت عضوة فيه.
رد "مالكوم":
- امرأة في قلعة "كاريك".. ما هذا الهراء! تلك هي الصورة الرابحة؟!
قاد "سام"؛ مدرب التصوير "جين" و"آنجي" المطلقة إلى قلعة "كاريك" في رحلة نادي التصوير إلى هناك. جلس "سام" و"آنجي" في المقاعد الأمامية وجلست "جين" في المقعد الخلفي. استمعت "جين" إلى "سام" وهو يتحدث عن عمله في كلية الفنون. زوجته تعمل هناك أيضًا. ترقت "آنجي" إلى درجة جديدة في الخدمة المدنية.. ترقية غيرت كل شيء. ارتدت "آنجي" حذاء ذا كعب عالٍ وذا رباط معقد، لم يكن أفضل اختيار للسير على الأرض الحجرية للقلعة أو الممرات المتعرجة. رأت "جين" الحذاء و"آنجي" تتجه إلى لسيارة. كانت هناك مشكلة في الكاميرا الخاصة بها. هل يمكن لـ"سام" أن يحلها؟ استطاعت "جين" أن ترى لمعان ركبة "آنجي" من خلال الفراغ بين كراسي السيارة، وأن يد "سام" كانت قريبة جدًّا من ركبة "آنجي". نسيا وجودها في المقعد الخلفي. أدركت "جين" أن "سام" لا يرى إلا الخطوط البيضاء على الطريق عندما نظرت إلى عينيه في المرآة الخلفية.