الكاتب الصحفى عبد الناصر محمد يكتب .. تخاريف صيام ( ٧ ) مدفع رمضان .. بين الأميرة والسلطان
فرحة كبيرة وسعادة غامرة تجرى فى شرايين كل صائم حين يصل إلى مسامعه صوت ذلك الجُندى وهو يقول بأعلى صوته .. " مدفع الإفطار .. إضرب " .. ثم يتبعه ذلك الصوت الرقيق الهادىء قائلاً .. وانطلق مدفع الإفطار وحان الآن موعد آذان المغرب .. ثم ينطلق المؤذن ويؤدى الآذان ليعلن بدء الإفطار.
صوت المدفع المعلق فوق جبل المقطم كان يصل إلى أحياء ومناطق عديدة فى قاهرة المعز وكان ينتظره الجميع وبخاصة الصبية والأطفال وبمجرد إنطلاقه يقومون بالتهليل الصاخب وهم فى حالة نشوة ويرددون بعض الفقرات الغنائية التى لم تحجز لها مكانا فى أرشيف الفن ولكنها لاقت لها مكانا متميزا فى قلب ووجدان الكثيرون .. هى كلمات إنتشرت بين أطفال كل حى من أحياء القاهرة تتضمن عبارات تكيد الذين لم يصوموا حيث كانوا يرددون وهم يمرحون فى الشوارع .. " يا فاطر رمضان .. يا خاسر دينك .. كلبتنا السودا تعُض فى مصارينك ".
حكايات وروايات ترتبط بمدفع رمضان ذلك المدفع الذى له أكثر من رواية حول بداية إنطلاقه فى رمضان سواء للإعلان عن إنهاء حالة الصيام والبدء فى الإفطار أو فى وقت السحور للتنبيه على الإمساك عن الطعام والشراب وبدء الصيام.
وتعد القاهرة عاصمة مصر أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان فعند غروب أول يوم من رمضان عام ٨٦٥ هجرية أراد السلطان المملوكى " خوش قدم " أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، ظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك .
وهناك رواية تفيد بأن ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة، فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق، حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوى إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانًا يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية ولذلك إقترن إسم الأميرة بالمدفع وكثيرون كانوا يطلقوا على المدفع إسم .. " مدفع الحاجة فاطمة ".