الكاتب الصحفى مجدى سبلة يكتب .. عودة القيم المفقودة
كما الدوله تعيد بناءها في معظم القطاعات يجب ألا ننسى جانبا مهما في بناء الدولة وهو عودة القيم التى غاب منها الكثير في المجتمع المصرى هذه الآونة علي مستو الفرد والجماعة وهذه العودة تحتاج خطط ودراسات وبرامج وتكليف لمؤسسات لا تقل عن بناء الطرق والمحاور والمدن والموانئ والمطارات والمدارس والجامعات .
المؤسسات التي تساهم اولها المدرسة والمسجد والداخلية والتضامن الاجتماعي والأحزاب المدنية والأسر المصرية والنقابات والجامعات والإعلام ..
عودة القيم التى افتقدناها تحتاج ثورة تصحيح هدفها نبيل ومأربها اصلاح المجتمع بأسره ..
الأخلاق اول حلقة في مسلسل عودة القيم لأنها بوجودها تؤمن قيم كثيرة أخرى وهي تعد قاطرة العودة لانه بعودتها تعود قيم الصدق والانصاف والمباشرة في احاديثنا..
والاخلاق من القواعد التى يستخدمها الناس لتوجيه سلوكهم وتفكيرهم عندما يتعاملون مع آخرين نحو الأفضل وتبعا لقواعد هذه الأخلاق تجعلك قادر على التميز بين الخطأ والصواب لان القيم تحمي الحياة وتحترم ذات الآخرين .
ومن القيم المفقودة غياب الحقيقة لابد من وجود برامج تساهم في غرس هذه القيمة الإنسانية في نفوس الأجيال الصاعدة .
تراجعت قيم كثيرة من التى كان يتميز بها مجتمعنا كالشهامة، النخوة، الإيثار، وتكاد كلمات مثل آسف، من فضلك، إذا سمحت، وشكراً، تختفى من قاموس تعاملاتنا اليومية، حتى أصبحت لغة التخاطب لغة غريبة على مسامع آبائنا وأجدادنا، واصبحنا أمام سؤال قديم جديد: ماذا حدث لنا؟ أعتقد أن هذا التغير السلبي في قيم مجتمعنا يرجع في جزء كبير منه إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح الانفلات هو السمة الغالبة، وانحسر دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات المجتمعية في تربية الناشئين وصارت لوسائل التواصل الاجتماعي اليد الطولى في تشكيل سلوكيات بل وأخلاقيات الأجيال الحالية ناهيك عن دور هذه الأجيال في تربية أبنائهم وأصبح
السؤال الذي يفرض نفسه إذا كان ذلك كذلك فما هي خارطة الطريق التي تضمن لنا الوصول إلى بر الأمان في هذا البحر المتلاطم الأمواج؟ هناك من ينادي بتحجيم ووضع قيود على وسائل التواصل الاجتماعي للحيلولة دون وصول شظاياها إلى أبنائنا ولاسيما وهم في سن المراهقة من منطلق لا ضرر ولا ضرار وأن درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة ويعترض آخرون على وضع هذه القيود بدعوى أن في ذلك حجراً على الحريات ولنا في الصين مثال واضح حيث حجبت (فيس بوك - تويتر – يوتيوب) عن الشعب كما يتم حجب أي موقع إباحية أو أي موقع غير لائق بها على الفور وقد أتاحت البدائل الحميدة التي يستخدمها الصينيون بدلا من هذه المواقع.
هناك من يقول إن الأخلاق تنبع من البيت أساساً فهل يمكن استبعاد شبكات التواصل الاجتماعي التي حولت العالم إلى قرية صغيرة ينتقل فيها الناس بلا سفر والسلع بلا حدود والأخلاق دون رقيب من أن تكون هي تلك الفتنة أو أن تكون هى السينما والدراما التليفزيونية .
ان الأمر خطير ويستحق أن نتوقف عنده لأنه يتعلق ببناء الإنسان الذي هو الهدف والغاية من التقدم الإنساني وبناء المجتمعات ومن الضرورى الدعوة إلى عقد مؤتمر قومي يشترك فيه كل المعنيين من علماء النفس والاجتماع ورجال الدين وخبراء التربية لوضع «مدونة سلوك» تنير الطريق لكيفية الخروج من هذا النفق المظلم الذي جعلنا نسمع كل يوم عن كوارث أخلاقية لم يعرفها مجتمعنا من قبل وكذلك الآفة التي تدمر المجتمعات ألا وهي الطلاق الذي زادت معدلاته بشكل غير مسبوق مما يؤكد أن غياب الأخلاق والقيم قد أفسد الأسر، فنجد الطرفين يظهران بمظهر غير مظهرهما وأخلاق غير أخلاقهما من خلال صفحة كل منهما على وسائل التواصل الاجتماعي، فيتصور كل طرف أن الآخر مثال الأخلاق والحكمة إلى أن يتزوجا وتحدث المكاشفة بأن كليهما يجهل أبسط الأمور والقواعد التي تساعدهم على الاستمرارية وبناء الأسرة بناءً صحيحاً وهو ما يؤكد أن ما يظهره الناس على صفحاتهم ليس بالضرورة انعكاسا صادقا لعقولهم ومرآة حقيقية لأخلاقهم وسلوكياتهم .
لذا يجب أن نسير في بناء البشر بالتوازى مع بناء الحجر .
كاتب المقال الكاتب الصحفى مجدى سبلة رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق